20 جثة لا غير

زئير الكحول اليومي يؤنس بؤس الحارات المغبرة، وهاذي النعوش الزاحفة نحو أقدم مدن العالم، والكون والميتافيزيقا، تختار التعمد بالحياة والاغتسال بمائها الرخيص، في مدينة العلماء والأولياء والأتقياء والشرفاء والعملاء والمتكففين على أبواب الديار، والراقصين على الطبلة والمزمار… يقتل التين ولا يحيي الزيتون، وتكفي زجاجة لاختبار السياسة والمخططات الخماسية والسداسية والمئوية؛ وتكفي جلسة اعتيادية تحدث كل يوم ليودع الليل أبطاله الدراويش إلى الأبد.

عواء الموت ونحيبه يسكر أيضا، وحكايات المساءات المكرورة صارت شهية؛ ولكل حكايته وروايته ولكل حوقلته واستغفاره، ولكل رفيق أو صديق أو شهيد على مرمى بصر؛ لكنكم لا تعرفون أنهم مجرد هامشيين، وربما لا تعلمون أن اغتيال الهامشي يجعل المركز بلا معنى.

المدينة التي قدرها الذباب والمقاهي، وقضاؤها في كلام المجذوب محروق ومغروق، تتصدر العناوين وفيديوهات “الميمز”، ويدفع المديرون من مآسيها أجور المراسلين؛ صاحبة زفاف المثليين تعود من جديد في فصل آخر من خالدات الأوبيدوم.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} تنين هسبريس الذي يسقي الحقول ويحرقها يستفيق في مدينة جديرة بالأركيولوجيا وعلوم الآثار، في مدينة تأكل من ماضيها، وتقتات من أوهام اللغة، في مدينة نعش، في مدينة الخواء.

.

التنين يستفيق ولابد من قربان.

النعوش تتقدم ومنشورات “فيسبوك” تمارس رياضة الجلد، وفي أشهر مدينة صغيرة أو أصغر مدينة شهيرة الجميع يحب البسطاء والكحوليين الدراويش الذين يحدثونهم عن الغلاء وكرة القدم والنساء، والذين لديهم معهم ذكريات، ونحن لا نكذب حين نكتب على صفحاتنا أننا حزانى وأننا يائسون وأن الحزن وحده ما صار يوحدنا.

أعتذر لجميع الضحايا وأعتذر للجميع لأننا عاجزون أمام كل هذا الألم، ولأن داء الخسارة قد تمكن منا.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 سنوات | 23 قراءة)
.