ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين

ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين | الموسوعة | الجزيرة نت

ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين

Aerial view from drone shot of Rishon LeZion, Israel
مدينة ريشون ليتسيون تقع في مركز إسرائيل إلى الجنوب من مدينة تل أبيب (غيتي)

ريشون ليتسيون مدينة ومستوطنة إسرائيلية تقع في منطقة غوش دان جنوب ضاحية تل أبيب بوسط إسرائيل، ويعني اسمها بالعبرية "الأول إلى صهيون"، تتميز بأنها مركز تجاري وصناعي هام، وتشتهر بصناعة النبيذ، كما أنها موقع لعدد من المصانع والمناطق الترفيهية.

أقيمت هذه المستوطنة عام 1882 على يد مهاجرين يهود من حركتي أحباء صهيون وبيلو، وذلك على أراضي قرية عيون قارة، التي احتلتها العصابات الصهيونية كاملة عام 1948.

وردا على الهجمات الإسرائيلية على إيران يوم 13 يونيو/حزيران 2025، تعرضت المدينة إلى قصف صاروخي إيراني، في عملية سمتها طهران "الوعد الصادق"، ما خلف دمارا واسعا فيها وعددا من القتلى والمصابين.

الموقع

تقع المدينة في مركز إسرائيل إلى الجنوب من مدينة تل أبيب التي تبعد عنها مسافة 15 كيلومترا، وتخضع لإدارة المنطقة الوسطى، وهي جزء من منطقة غوش دان، وتحيط بها كل من مدن بات يام وحولون ونيس تسيونا، وتمتد على مساحة 59 كيلومترا مربعا.

ويتميز موقعها الجغرافي بأهمية كبيرة لوقوعها على الطريق الرئيس للسهل الساحلي، فضلا عن ارتباطها بمدن رئيسية كاللد ويافا بالسكة الحديدية الرئيسية، الأمر الذي زاد من أهميتها وضاعف من سرعة نموها سكانيا وعمرانيا.

كما تتميز المدينة باتساع مساحة أراضيها وغناها بالمياه الجوفية، فضلا عن قربها من تل أبيب، وكلها عوامل ساهمت في نموها وتوسعها.

السكان

تحتل المدينة الرتبة الرابعة من حيث عدد السكان في إسرائيل، إذ زاد عدد سكانها على أكثر من 260 ألف إسرائيلي عام 2022.

نما عدد سكانها من 100 نسمة تنتمي إلـى17 عائلة قدمت من شرق أوروبا في سياق الهجرة اليهودية الأولى عام 1882، إلى 500 نسمة عام 1897، وواصلت النمو إلى أزيد من ألفي نسمة عام 1917 و10 آلاف نسمة عام 1948، ثم ارتفع بحلول عام 1970 إلى أكثر من 46 ألف نسمة، ووصل في بداية الألفية الثالثة إلى 216 ألف نسمة، في حين بلغ عدد سكانها عام 2022 أكثر من 260 ألف نسمة.

التاريخ

سكنت المدينة في قرون ما قبل الميلاد، إذ عثر فيها على بقايا إنسانية وحيوانية تعود إلى حضارات غابرة وأطلق عليها اسم "عيون قارة".

إعلان

وكانت ملكية أرض قرية عيون قارة البالغة 3340 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) تعود لعائلة الدجاني الفلسطينية، لكن بسبب تخلف أبنائها عن تسديد الضرائب، حجزت عليها الدولة العثمانية بأمر من المحكمة، وطرحتها للبيع في المزاد العلني، فحاول مهاجر صهيوني روسي الأصل شراءها، لكن الوالي العثماني وقتها منعه من ذلك تنفيذا لأمر الدولة العثمانية، الذي كان يمنع بيع أراض عربية إلى اليهود.

ورسا المزاد على حاييم أمزلاغ نائب القنصل البريطاني وقتها، الذي حول ملكية الأرض إلى جمعية "أحباء صهيون"، فكانت بذلك أول مستوطنة لليهود في فلسطين، وأطلقت عليها الجمعية الصهيونية اسم "ريشون ليتسيون"، ويعني بالعبرية "الأول إلى صهيون"، وهو مأخوذ من "سفر إشعياء" وهو نص رئيسي من العهد القديم.

epa12174511 Israeli rescue teams at the site where an Iranian ballistic missiles hit residential buildings in Rishon LeZion, near Tel Aviv, Israel, 14 June 2025. An Israeli Defense Forces (IDF) spokesperson said Iran launched a wave of ballistic missiles toward Israel, and according to emergency service Magen David Adom (MDA), 21 people were injured, including two in critical condition. EPA-EFE/ABIR SULTAN
دمار في ريشون ليتسيون بفعل الصواريخ الإيرانية في 14 مايو/أيار 2025 (الأوروبية)

سكنت المستوطنة 17 عائلة يهودية قدمت من شرق أوروبا في سياق الهجرة اليهودية الأولى عام 1882، وما لبثت هذه العائلات أن سيطرت على المزيد من أراضي الفلسطينيين، وجلبت العديد من الشباب اليهود من حركة "بيلو" للسكن في المستوطنة، التي أخذت تتوسع شيئا فشيئا، لا سيما في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين ، إلى أن وصلت إلى مساحتها الحالية.

وعمل مستوطنو ريشون ليتسيون في الزراعة، وبسبب نقص المياه وقلة خبرتهم في أمور الزراعة وتنامي جرائم السرقة بينهم؛ اندلعت صراعات داخلية بينهم، ما دفع أحد سكانها ويدعى يوسف فاينبيرغ، إلى السفر إلى أوروبا لجمع تبرعات للسكان.

وعقب لقائه بارون روتشيلد في باريس وافق روتشيلد على مساعدة السكان بمبلغ مالي خصص لحفر بئر ومساعدة الفقراء، إلا أنه اشترط أن يتدرب السكان على الزراعة.

وبعد ذلك أرسل خبراء زراعيين من فرنسا لتدريب المستوطنين الجدد والمزارعين على زراعة القمح، لكنهم فشلوا في الزراعة، فاضطروا إلى رهن الأرض لبارون روتشيلد، مقابل أخذ أموال تبقيهم على قيد الحياة، فانتقلت ملكية الأرض إليه، ولاحقا نجح المستوطنون في زراعة كروم العنب، مما جعل الأرض تعود إليهم مرة أخرى.

عام 1886، أقيمت أول مدرسة عبرية ابتدائية في المستوطنة، وأطلق عليها اسم "حبيب"، وبعدها بـ12 عاما أسست إلى جانبها روضة أطفال تدرس العبرية، وفي ما بعد أقيم مصنع خمر هناك.

وفي عام 1920 أصبح لريشون ليتسيون مجلس محلي، وتغير طابعها من الطابع الزراعي إلى العمراني.

ومع حرب النكبة عام 1948، سيطرت العصابات الصهيونية على القرية كلها، ومن يومها بدأ اليهود يتوافدون عليها من كل العالم إلى أن تحولت إلى إحدى أكبر المدن في إسرائيل.

وفي عام 1950 منحت ريشون ليتسيون صفة مدينة، وبدءا من عام 1970 شهدت تطورا عمرانيا كبيرا، وتوسعت أراضيها.

Beach in Rishon Lezion Israel drone photo 150 meters; Shutterstock ID 2251889909; purchase_order: aj; job: ; client: ; other:
مشهد من شاطئ مدينة ريشون ليتسيون (شترستوك)

الاقتصاد

عمل أوائل المستوطنين الذين سكنوا القرية لجعلها مستوطنة زراعية، من خلال زراعة كروم العنب فيها وحفر بئر مياه وتعلم فنون الزراعة، لا سيما بسبب خصوبة تربتها، ولكنهم فشلوا في ذلك بسبب قلة خبرتهم في الزراعة، وعدم كفاية الأموال التي كانت بحوزتهم، فضلا عن المشاكل التي دبت بينهم.

إعلان

وبعد احتلال العصابات الصهيونية فلسطين عام 1948، تحولت المستوطنة من مدينة زراعية إلى صناعية، خاصة مع وجود مصنع خمر فيها، كان يصدر النبيذ المخصص لليهود في زجاجات مختومة إلى بولندا وروسيا، وتشكل إنتاجات معامل كرمل قرابة 70% من مجمل منتوجات النبيذ والخمور في إسرائيل.

يعتمد اقتصاد المدينة أيضا على التجارة والخدمات، فهي تضم منطقة صناعية ومناطق جذب ترفيهية تحتوي على فنادق ومطاعم ومنتجعات.

ورغم تحولها إلى منطقة صناعية وترفيهية، فإنه لا يزال المئات من السكان يمارسون بعض الأنشطة الزراعية حتى اليوم، خاصة إنتاج العنب اللازم لصناعة النبيذ.

أبرز المعالم

  • معامل "كرمل"

عام 1889 أقامت شركة كرمل مزراحي معامل كرمل لصناعة الخمر على أراضي مستوطنة ريشون ليتسيون، خاصة أنها كانت تشتهر بزراعة العنب، وسرعان ما حقق خط إنتاج النبيذ نجاحا، وأخذت الشركة تصدره في زجاجات مختومة إلى بولندا وروسيا، وسرعان ما افتتحت معامل في أوروبا وأميركا.

وفي عام 2015 أغلق معمل الخمر القديم في ريشون ليتسيون وافتتح مكانه معمل جديد، وأصبح المبنى القديم موقعا أثريا.

  • بئر المياه

حفرت تلك البئر في بداية ثمانينيات القرن التاسع عشر، بدعم من البارون روتشيلد، وأصبحت رمزا للمدينة.

  • الكنيس الكبير

كنيس ريشون ليتسيون هو أول كنيس يهودي في إسرائيل وأسس عام 1885، وفي فترة الانتداب البريطاني لفلسطين جددت السلطات مبناه ورسمت على واجهته نجمة داود التي تعتبر أبرز رموز الديانة اليهودية.

وفي عام 2013 رممت السلطات الكنيس مرة ثانية ضمن مشروع تجديد شامل للمدينة وتوسيع متحفها.

  • المتحف

أسس عام 1982 في الذكرى المئوية لتأسيس المدينة، ويمتد على مساحة 5 دونمات، ويضم عددا من المباني التاريخية للمستوطنين الذين سكنوا المدينة في بدايات احتلالها.

معارك وعمليات فدائية وقصف

شكلت المدينة مسرحا للعديد من المعارك والعمليات الفدائية، أبرزها في نوفمبر/تشرين الثاني 1917، عندما وقعت على أراضيها معركة شهيرة بين العثمانيين والبريطانيين، أطلق عليها اسم عيون قارة، وذلك نسبة للاسم الفلسطيني للمدينة.

وفي 20 مايو/أيار 1990 ارتكب مستوطن إسرائيلي يُدعى عامي بوبر، مجزرة بحق مجموعة من العمال الفلسطينيين أثناء عملهم في المدينة، بعدما أطلق ببندقيته من طراز "إم 16" النار تجاههم فقتل سبعة منهم، وأصاب عشرة بجروح.

وفي 8 مايو/أيار 2002 أدى انفجار عنيف نفذه فدائي فلسطيني من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أحد نوادي القمار في ريشون ليتسيون إلى مقتل 16 إسرائيليا وجرح 54، وصفت حالة 12 منهم بأنها خطِرة.

وبعدها بـ15 يوما قتل إسرائيليان وجرح أكثر من 30 في عملية فدائية نفذتها كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) استهدفت منطقة تجارية في المدينة، واستشهد منفذ العملية.

وفي 4 أبريل/نيسان 2023 أصيب جنديان إسرائيليان في عملية طعن نفذها فدائي في ريشون ليتسيون، بينما اعتقلت قوات الاحتلال المنفذ.

وعلى مدار الحروب والعمليات العسكرية التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة، تعرضت المدينة إلى قصف صاروخي من فصائل المقاومة الفلسطينية.

وردا على الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع متعددة في إيران يوم 13 يونيو/حزيران 2025، تعرضت المدينة إلى قصف صاروخي من إيران، ما خلف دمارا واسعا في الممتلكات والمركبات وعددا من القتلى والمصابين.

وعلق رئيس بلدية ريشون ليتسيون على هذا الدمار، "لم يسبق أن رأيت دمارا في المدينة كما هو الآن".

المصدر: الجزيرة + الصحافة الإسرائيلية

إعلان

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 20 ساعة | 1 قراءة)
.