نبض القلم

  ليس ذكرى عابرة-  طالب سعدون

نعم ..

ليس  ذكرى عابرة ،  تُستذكر (بمقال  مناسبة) حسب تعبير أهل المهنة ، أو (اسقاط  فرض) يساير به الكاتب الجو العام  والمزاج الشعبي والسياسي ..

 بل هي  ذكرى اليمة لا تفيها الكلمات حقها واستحقاقها الواقعي ، وأثارها الخطيرة ،  ولا  يكفي فقط استعراض أرقام  الخسائر البشرية والمادية والحوادث المروعة  .. فالذاكرة  تختزن بالكثير من الصور المؤلمة التي التقطتها عدسة العين ، وحفرت لها مكانا  ثابتا في القلب لشدة ألمها ، والمواقع الالكترونية والارشيف  والمكتبات تضم  منها الكثير الكثير الذي يستعصي على العد والاحصاء ..

وصدرت دراسات وكتب وابحاث ، ولا تزال المطابع وستبقى تستقبل  وتطبع المزيد من المؤلفات والكتابات عنها..

حدث بهذه النتائج لا يمكن أن يكون ذكرى عابرة ، أو مناسبة عادية تمر مرور الكرام ..

ندم ، واعتراف بالخطأ ، وفشل في تقدير المواقف وحساب النتائح .. كل ذلك حصل ،  لكنه لا يكفي ، و بعد فوات الاوان ، وبعد ان طار الطائر ، فلا ينفع الشباك ..

ماذا يجدي الاعتذار بعد كل هذا الخراب والدمار والفوضى التي امتدت باثارها الى المنطقة كلها  والعالم ..

حرب بنيت على كذبة ، وادعاءات خاطئة ومزيفة حاولوا اقناع العالم بها  ، ونتائج مروعة ، واعترافات من  امريكيين وبريطانيين وغيرهم  بما فيهم  رؤوساء ومسؤولون  كبار بخطأ المبررات التي ساقوها لافتعال الحرب واخفاء الهدف الاساس وهو تدمير العراق  ..

نعم كل ذلك حصل .. لكن بعد فوات الاوان ..

اعتراف واحد  أسوقه هنا من مسؤول الدبلوماسية والسياسة الامريكية لتسويق الحرب يكفي لوحده بتجريم  المعتدي وتحميله وزر اعتدائه ونتائجه الكارثية ..

كولن باول وزير الخارجية الامريكي الاسبق  بعد الاحتلال بسنوات قليلة جدا (2005) وصف خطابه الذي سيظل عالقا في الذاكرة  امام الامم المتحدة قبل  شن الحرب وادعاءاته الكاذبة عن امتلاك العراق لاسلحة كيمياوية وبايلوجية  وعروضه  المعززة بصور زائـــــفة  وافلام لتبريرها بانه وصمة عار في حياته المهنية  والسياسية ..

اعتراف خطير .. لكن بعد فوات الاوان أيضا ..

هل الزمن كفيل بالنسيان … ؟

ذلك .. رهان خاسر مع جرح غائر .

الاستنكار  وحده لا يجدي نفعا .. والاعتراف بالخطأ  لا يعيد ما دمر ..

الاعترافات الكثيرة تؤكد حق العراق بالتعويض  المادي والاعتباري عن كل الخسائر البشرية والمادية التي لحقت به جراء العدوان وصفحاته اللاحقة ومنها داعش والارهاب .. وهذا ما اكدنا عليه منذ وقت مبكر في مقالات هنا في (الزمان) .. ونؤكد عليه اليوم مرة اخرى .

عندها يكون للاستنكار اعتبار..

وللاعتذار والاعتراف بالخطأ ثمن ..

0000000000000000

ربيع القرأن

رمضان شهر القران ..

رمضان ربيع القرأن ، تنطلق فيه النفوس ، وتجدد العهد مع الله للعمل بما يرضيه وأفضل دليل للانسان هو كتابه سبحانه وتعالى ، ولذلك ينبغي أن تكون قراءته  بتدبر وفهم ومعايشة لكي تترجم مضامينه الى عمل حقيقي يرضي الله ويثاب عليه المسلم ..

القرآن ليس كتاب مطالعة  ، فهو لم ينزل للقراءة فقط ، بل لفهمه وتدبر معانيه والعمل بما جاء فيه وتجسيده في سلوك شخصي  .. في التعامل اليومي مع الآخر .. في البيت ،  والعمل ، والشارع .. في الحلال والحرام ، والحق والباطل .. في الامور العبادية والعملية معا ..

الامام علي ابن ابي طالب  لخص  في وصية لابنه الحسن الهدف من  قراءة القرآن ،  وكيف يظهر اثرالقراءة  على القارىء .. لا تخبر الناس كم تحفظ وكم تقرأ من القران .. دعهم يرون فيك قرآنا .. إطعم جائعا ، إرحم يتيما ، سامح مسيئا ، بروالديك ، صل رحمك ، ابتسم للجميع .. فليس العبرة أين وصلت في قراءة القران وحفظ القران إنما أين وصل القران فيك ..

القران كتاب رحمة والرحمة من اسماء الله (كتب على نفسه الرحمة) ومن مظاهر رحمته الكثيرة سبحانه أن  بعث رسلا  للبشر ختمهم برسوله الكريم محمد (ص) كان (رحمة للعالمين ..)  وبالرحمة تـــبدىء ســــور القران (بسم الله الرحمن الرحيم) ..

يعلمنا  الله سبحانه وتعالى ان   الرحمة عنوان رئيس في السلوك والتعامل مع الآخر .. حب  الأخر .. والرأفة حتى بالحيوان.. فلها الالوية في الحياة وبدونها تصعب الحياة وتكون القسوة والعداوة والبغضاء هي السائدة  ..

فكيف نترجم هذه المعاني التي نقرأها في السلوك والتعامل مع الاخر .. ؟

تلك هي قيمة القراءة .

الرحمة تنظم الحياة  وتصنع التكافل  وتحقق العدالة وتحافظ على تماسك الاسرة والمجتمع ..  الرحمة مع الزوجة والمجتمع وفي بر الوالدين ..

..( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) ..

 في القرأن نقرأ عن  اسماعيل  وكيف امتثل لامر ابيه وكيف نطبق ذلك في بر الوالدين (قال ستجدني ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك أمرا)  بينما كان ابن نوح رافضا لطلب ابيه (ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) ..

وهكذا  نترجم ما تعلمناه من القرأن  في التعامل مع الصغير والكبير ، مع الفقير والضعيف ..الخ ..

يقول ابن  مسعود (كان الرجل منا إذا تعلم عشر ايات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ..)

وفي هذا المعنى ايضا للدكتور والفيلسوف والمفكر  مصطفى محمود عبارة جميلة  (ليس المطلوب أن يكون في جـــيبك مصحف ، ولكن المطلوب أن تكون في أخلاقك آية ) ..

كان خلق الرسول (ص) القران .. لنقتدي به ..

رمضان  كريم ..

وكل عام وانتم بخير ..

0000000000000000

كلام مفيد :

الندم لا يقتــــصر على التصرفات الخاطـــــئة ، فقد نشعر بالندم على تصرفات صحــــيحة مع من لا يستحق ..