غزوي: المغرب يحتاج تنظيم الفضاء الرقمي

أفاد الحسين غزوي، مدير الشؤون الثقافية بمنظمة التعاون الإسلامي، بأن “مواقع التواصل الاجتماعي تقدم خدمات جمّة لبناء الجسور الثقافية؛ وذلك من خلال القدرة على التواجد معا افتراضيا وأن نشاطر الناس الاهتمامات ذاتها، والهوايات نفسها؛ كأن نعتنق القناعات نفسها ونترافع عن قيم معينة، يمكن أن تشكل مجتمعات رقميّة تمنح الشعور بالانتماء”.

غزوي، الذي كان نائب رئيس البعثة الدبلوماسية لكوريا الجنوبية سابقاً، شدد على “الجسر الثقافي” الذي يمكن أن تكونه الوسائط الرقمية، عبر تقوية الروابط الإنسانية بين الناس، وزاد: “هي فضاءات تسهل تبادل الخبرات والتعريف بالعادات والتقاليد وتقاسم حكايات الثقافة في توقيعها الكوني بين الأشخاص من خلفيات مختلفة.

.

وهذه ‘المكاشفة’ وهذا التعرف على سرديات أخرى هما تعزيز للتفاهم والتعاطف والتقدير المتبادل بين الثقافات”.

ولم تكتف مداخلة غزوي ضمن محور “وسائل التواصل الاجتماعي: بناء جسور أم تشييد أحْيط بين الناس والثقافات؟”، ضمن المنتدى العالمي السادس حول حوار الثقافات بالعاصمة الأذريبجيانية باكو (1-3 ماي)، بهذه “الحلّة الحضاريّة” للرقمية، بل تطرق أيضاً إلى “المساحات التي تمنحها شبكات البث المفتوح لزيادة الوعي والقيام بالحشد والتعبئة إزاء القضايا السياسية والمجتمعية، ومنح صوت للتعبير”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ولفت المتحدث إلى تمكين هذه الفضاءات الافتراضية الجديدة المواطنين من “آليات الدعوة إلى التغيير، ومساءلة مؤسسات التدبير، والنضال من أجل مجتمعات أكثر عدلاً وانفتاحاً وديمقراطيةً”؛ ولهذا وضّح أنها “منصات توسّع نطاق التقارب بين الثقافات من خلال تشجيع التواصل العالمي والسماح للمهنيين والفنانين والمثقفين وغيرهم بتوسيع شبكاتهم، واستكشاف فرص جديدة خارج حدودهم الوطنية”.

وتابع غزوي شارحاً: “الحوار بين الثقافات الذي يمكن أن ينبثق داخل منصة معينة هو شكل إبداعي طارئ للتعبير، من خلال مختلف الحوامل التي يتيحها: مقاطع الفيديو والصور أو التحرير”، وزاد: “لا يمكن نسيان أثر إنتاج الأفلام الوثائقية والشرائط الدولية حول قضايا تشغل بال الإنسان في كل الأصقاع، فلها دور في ربط الناس ببعضهم، وتعبئة المجتمعات التي تواجه تحديات مشتركة، على غرار تغير المناخ والأوبئة العالمية، كما كان الحال مع فيروس كورونا والكوارث الطبيعية: الزلازل أو الفيضانات أو المجاعة”.

الخلاصة التي تبدو حاضرة في مداخلة المغربي هي أن “هذه المواقع تشكل جسرا نعبر منه وفي الآن نفسه حائطا يمكن أن نرتطم به”؛ وهو ما يقوله صراحة بكون “الفضاء العمومي الافتراضي يمكن أن يتحول قسراً وفجأة إلى مصدر توتر يمتدّ إلى الواقع الموضوعي، بحيث من المحتمل أن يتأثر التعامل مع الآخر سلباً من خلال سوء التواصل والتمييز والكراهية والتضليل والتلفيق”.

هكذا يكون مدير الشؤون الثقافية بمنظمة التعاون الإسلامي وصل إلى “المحصّلة”، التي عبر عنها قائلا: “تأثير وسائل التواصل على تجسير أو إبعاد الناس والثقافات يعتمد أساساً على كيفية اختيار الأفراد، بل وحتى المجتمعات، لاستخدام هذه المساحات الافتراضية”، وأضاف: “إذا أردنا إنشاء جسور فمن الواضح أننا بحاجة إلى العمل على تعزيز التعاطف والتضامن والتفكير النقدي والحوار بين الثقافات والتعاطي مع مختلف العوائق التي تبني الحيطان العازلة”.

وشدد المتحدث على “الفرص المتاحة أمام تسهيل التبادل الثقافي والتعلم على نطاقات واسعة، فيمكن للمبحر متابعة حسابات والانضمام لمجموعات، ويمكنه أن يشارك في نقاشات تتجذر في قلب همومه الخاصة وتتقاطع مع اهتماماته، وبالتالي يستطيع الاقتراب من التشكيل الثقافي الذي يبدو له مناسبا”، وواصل: “هذا التقاطع يعضد الشعور بالفضول والانفتاح.

.

إنه يشجع الناس على التعرف على تقاليد أخرى وممارسات أخرى وهو متسلّح بالقدرة على تقديرها واحترامها”.

وتفاعلاً مع سؤال تقدمت به هسبريس، بخصوص “مصداقية هذه النظرة الأخلاقويّة لمنصات تثير جدلاً خطيراً في المغرب وإمكانية التسليم بدورها في خلق تنوع في إطار الوحدة محليا”، أكد غزوي أن “السياق المغربي يختلف”، وأن “الويب بالبلد يعرف فظاعات كبيرة لا بد من تشذيبها وتقنينها، ليس من خلال ضرب حرية التعبير، فالمساحة التي تتيحها هذه المواقع مهمة، ولكن يجب أن نواكبها لنستفيد من ثرائها”.

وأشار الدبلوماسي المغربي في السياق ذاته إلى كون مواقع التواصل الاجتماعي “لم تفلح في المغرب بعدُ في خلق مجتمع افتراضي أكثر وعيا، ولذلك الحوار الجاري داخليا حول الفضاء الرقمي جدي ومسؤول، ويُنتظر أن يفضي إلى توافق يحسّن التعاطي مع الرقمية ويعجل إدراج التربية الإعلامية”، وختم قائلا: “نحتاج تصوراً مغربيا للرقمية، وانتزاع وسائط التواصل من قبضة المؤثرين، لأن نشر الفكر التسطيحي يضمر خطراً إستراتيجيا على الأجيال المقبلة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.