×

وهم القوة

وهم القوة

وهم القوة

وهم القوة
كاريكاتير: عماد السنوني
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:17

الإسلام السياسي، في زيه المغربي وهو الذي يهمني هنا أساسًا، يمتلك القدرة الكبيرة على تبرير كل شيء. الإيمان بإيديولوجيا مليئة بالقناعات بدلًا من تبني رؤية استراتيجية بعيدة المدى، أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا يهدد مستقبل بلادنا إذا لم يتحل زعماء هذا التيار بكثير من التروي والحكمة.

الغرض من هذه التوطئة هو تسليط الضوء على الهجوم الذي نفذته إيران ضد إسرائيل صباح يوم الأحد الماضي، والذي لقي ردود فعل واسعة بين العديد من المتابعين في المغرب. فقد اعتبره الكثيرون، خاصة من أتباع التيار الإسلامي، ردًا بطوليًا على التصرفات الإسرائيلية، سواء تلك التي قامت بها حكومة الاحتلال في غزة خلال الستة أشهر الماضية أو الهجوم الأخير الذي نفذته على القنصلية الإيرانية في دمشق.

الردود الانفعالية التي ظهرت في العديد من التعليقات التي أعقبت الهجوم الإيراني تؤكد مرة أخرى أن الشارع العربي، ومن ضمنه جزء كبير من الشارع المغربي، مازال يسيطر عليه تفكير يفتقر إلى المنطق الذي يمكّنه من فهم العالم المعقد الذي نعيش فيه. تكرار النكسات ربما أفقد العقل العربي القدرة على الاستيعاب، وبالتالي القدرة على بناء رؤية مستقبلية تساعده على تحقيق تحول نوعي ينأى به عن الفوضى التي تهدد وجوده ككيان اجتماعي، بعد أن تبين، ومنذ زمن طويل، غيابه ككيان سياسي فعّال.

لكي نفهم جيدًا ما حصل ليل السبت وصبيحة الأحد الماضيين، يجب العودة للرد الذي نفذته إيران في حدث مماثل قبل أربع سنوات، عندما قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني. كانت إيران بحاجة إلى رد فعل رمزي للحفاظ على ماء وجهها، فطلبت الإذن للقيام بذلك. سمحت الولايات المتحدة لإيران بمهاجمة قاعدتها الجوية عين الأسد، مع التأكيد على أن لا أحد سيصاب بأذى. تم إطلاق خمسة عشر صاروخًا على القاعدة، مما تسبب في أضرار طفيفة وبدون خسائر في الأرواح، الأمر الذي علق عليه أحد الظرفاء بشكل ساخر بأنه يجب ترشيح إيران لجائزة نوبل للسلام لنجاحها في إطلاق 15 صاروخًا دون قتل أحد.

الهجوم الأخير على إسرائيل يدخل في هذا الباب ويجب قراءته داخل هذا السياق. رمزية الرد أهم بالنسبة لطهران من نتائجه. فالمسألة هي موجهة أساسًا لرأي عام داخلي في حاجة ماسة لدغدغة عواطفه الجامحة حيث يختلط الكبرياء القومي بنزعة شوفينية تساهم في تكريس سيطرة من بيدهم السلطة. أسلوب معروف تعتمده كل الأنظمة الضعيفة التي تحتاج إلى إبراز عضلاتها الهشة.

كما أن هذا الرد يفيد في تكريس وهم القوة في أذهان المنتمين إلى التيار الإسلامي، وإيران ضمنهم، الذين يحتاجون لأي عملية عسكرية مهما كانت ضحالتها للحديث عن انتصارات يرونها هم لوحدهم فقط.

الأدهى هو أن هذا الهجوم لم يستفد منه فعليًا سوى شخص واحد: نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. الرجل كان قد وصل لعزلة عالمية تامة نتيجة سياسته الهوجاء في غزة، فإذا بهجمة الألعاب النارية الإيرانية تبعث فيه روحًا جديدة ليصبح مرة أخرى محاورًا للدول العظمى وضامنًا لأمن واستقرار مواطنيه.

المشكلة مع الإخوة المقتنعين بالتيار الإسلامي في المغرب أساسًا، ومع احترامي لآرائهم بطبيعة الحال، أنهم يجدون دائمًا في مقاربتهم السياسية تبريرًا لإقناع أنفسهم بصحة نهجهم عوضًا عن تمحيصه أو البحث عن طريق آخر كفيل بإنتاج تصور مختلف لمجتمع مستعد لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية والتي أصبحت معقدة جدًا.

الإخوة المشارقة لم يفهموا قواعد اللعبة والنتيجة أمامكم تتجلى في دول شبحية تنعدم فيها الدولة وتسيطر عليها مليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

نحن في المغرب، كي لا نسقط في الفخ نفسه، لنترك الأبواب مفتوحة لحوار بناء بين كل فئات المجتمع بدون تخوين للناس بسبب آرائهم، لنشرح حيثيات الواقع الجيوبوليتيكي الجديد بعد فهمه عوضًا عن تجييش المواطنين بقضايا مهما كانت عدالتها فلا يجب استعمالها للمس بالأمن الداخلي للبلاد. لنفهم العالم جيدًا قبل أن ندعو لتغييره. وشرح الواضحات من المفضحات.

‫تعليقات الزوار

17
  • إبراهيم
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:25

    لا أعتقد أن الشارع المغربي المهتم بهذه المواضيع ساذج إلى درجة تصديق هذه المسرحية الإيرانية الأمريكية الإسرائلية السخيفة

  • دروس
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 16:39

    الصهاينة وإيران وأمريكا وبريطانيا كلهم سواسية في نشر الفرقة بين المسلمين والمساهمة في تأسيس دولة شيعية تعادي أهل السنة وهي إيران فالخميني كان يعيش في فرنسا قبل نجاح الثورة الخمينية فعندما انتصرت بمساعدة فرنسا ذهب الخميني لإيران بطائرة خاصة فرنسية .

  • مواطن أفريقي
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 16:56

    مقال موضوعي إلى حد كبير مشكورة منصة هسبريس على وجاهته، مشكل الإسلام السياسي في المغرب هي رموزه ..

  • و من الجمود ما قتل
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:48

    الفكر المحافظ هو الذي أوصل هذه الدول المشرقية إلى ما هي عليه اليوم و لا أظن تونس و الجزائر أفضل حالا حين ترى خطابات نخبها و سياسيهم !يكسب الرابحون بتعميق آلام الخاسرين و الحصول على أكبر ممكن ، صحيح أن دول الخليج العربي و مصر هي في موقف لا تحسد عليه إطلاقا لكنها تذكير بأن التشبث بالفكر المحافظ في عالم يتشكل بسرعة هو خطأ قاتل

  • Amine
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:50

    المغرب ليس مهتم بهذه المسرحية بين إيران وإسرائيل…. للاسف عدد كبير من الناس يصدقون هذه الثمثييات….

  • وجهة نظري
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:01

    اختي الكريمة لا علاقة بين ماهو وطني محلي و القضية الفلسطينيه هذه القضية أكبر و أقدم بكتير فهي اليوم رأي دولي يتعذر حلها في ضل عدم وجود توازن عالمنا كان و مازال يؤمن بقانون الغاب القوي ياكل الضعيف للأسف الوعي و الارتقاء في العلوم لم يغير شيء .

  • ورزازي warzazi
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:05

    مسرحية مكشوفة.. أكثر من300 قذيفة إيرانية لم تصب ولم تقتل ولو كلب او قط واحد في الأراضي المستهدفة، فما بالك ان تلمس أسوار الثكنات الإسرائيلية. ورقة تم لعبها لدغدغة عواطف الشارع الإسلامي خصوصا الشيعة، وفي نفس الوقت هدية للبيبي نتانياهو ليجد مبررا لدك ما تبقى في فلسطين و تبرير إطالة أمد الحرب واستدرار عطف الغرب ضد الإسلام والعرب.. وايران قامت بالمهمة بامتياز ستنال الجائزة بتركها تهصب وتنتج الاورانيوم وصناعة السلاح النووي ما دام سيبقى فقط منوي لجهاد النكاح عند الملالي.

  • رشيد طنجة
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:17

    الوهم هو الحالة العربية الحالية وهو العجز المخجل امام جراءم الاحتلال الصهيوني ولا تحرك ساكنا اي دولة العربية اما ايران فتمسكت ببند ٥١ من ميثاق الامم المتحدة الذي يقول ان من حق اي دولة الرد على اي هجوم على اراضيها والسفارات تعتبر جزء من اراضي اي بلد.

  • محند
    الأربعاء 17 أبريل 2024 - 23:12

    فرضية إخبار إسرائيل بالضربة بالصواريخ و الطائرات المسيرة أطلقتها إسرائيل الأغبياء هم من يثق بالإشاعة الصهيونية ليس هناك على وجه الأرض من يسمح لدولة بأن ترجمها بالصواريخ ثم هل تريدون من إيران أن تضربها بالنووي أم بالكيماوي إيران أرادت أن تبلغ رسالة للصهاينة على أنهم ليسوا في مأمن من السلاح الإيراني !

  • أحب بلادي
    الخميس 18 أبريل 2024 - 06:51

    بعد الحرب العراقية الايرانية فهم الإيرانيون الدرس: لن يشعلوا حرباً تصل لأرضهم و لن يحاربوا بغير اجساد العرب و دمائهم
    لقد نجحوا في جعل بعض العرب يموتون من أجل فارس
    و طموحاتها

  • عبد الرحيم
    الخميس 18 أبريل 2024 - 09:34

    يا لها من مسرحية
    اذا كان الامريكان و الصهاينة من جهة و إيران الصفوية متساوية من جهة. فلماذا نهرول لنطبع مع الصهاينة و نتملق أمريكا، و لا نستطيع أن نقيم علاقات طبيعية و ندية مع إيران.
    وأتحدى أن تقوم أي دولة عربية بمثل هاته المسرحية و تطلب الإذن لتطلق فقط مفرقعات عاشوراء على إسرائيل، فما بالك بالمسيرات و الصواريخ.
    ليس المعيب أن تشعر بالعجز و الهوان و تسعى لتجاوزه كي تنافس الأقوياء. و لكن العيب أن تبرر ذلك و هوانك بالتبخيس من قوة منافسيك.
    لإيران صناعة حربية متوطنة التكنولوجيا رخيصة الكلفة، تنافس بها الأقوياء، و تضع نفسها كلاعب رئيسي على الساحة الدولية.
    في حين يكتفي أغلب البلدان العربية بدور الكومبارس، و لا نصنع حتى رصاصة.

  • Myhafid
    الخميس 18 أبريل 2024 - 10:49

    للاسف هذه هي الحقيقة التيار الاسلامي في المغرب او غيره لازال يعيش على العاطفة ويتشبث باحداث يعطيها تفسيرات خاصة به من اجل اثبات وجوده كتيار ناجح واساسي وهو يؤطر الشارع بشكل فيه احتيال لمحاولة تمويه الشارع بنجاعة هذا التيار المفلس

  • يونس
    الخميس 18 أبريل 2024 - 12:42

    فقط تسويق فارغ لوهم قوة إسرائيل بيدق الغرب
    حسب محلل عسكري روسي فإن ما قامت به إيران هو إختبار لقوة صواريخها الهجومية، فهم كانو يعلمون بالهجوم وذلك بالضبط ما أرادته إيران لتختبر قدراتها الهجومية أمام دفاعهم، ووصلت صواريخها التي أرادت لأهدافها، وأضاف أن أمريكا “ام البيدق” بنفسها الآن تعرف أنها لاتملك قدرة على صد تلك الصواريخ الفرق صوتية

  • سعيد
    الخميس 18 أبريل 2024 - 13:27

    يا من تصفونها بالمسرحية حتى وان كانت مسرحية فالمسرحية التي تجعل صافرات الانذار تدوي في تل أبيب وتحرم سكانها الهدوء والأمان في هذه الساعة المتأخرة مسرحية نحب مشاهدتها ، يا من تصفونها بالمسرحية قولوا لقادتكم ورؤساكم ان يأتوننا بمسرحية مثلها ان استطاعوا

  • مواطن عادي
    الخميس 18 أبريل 2024 - 18:32

    مشكلة المجتمعات الإسلامية أنها متورطة بكم هائل من الموروث لا تستطيع معالجته. فهي مجتمعات كتلوية تتحكم فيها العاطفة على التفكير. لا تتبنى الأفكار بل تتعاطف معها وتصبح بينها وبين الأفكار علاقة عاطفية. وعندما تنتقد أفكارها فهي اوتوماتيكيا تحس بأنك تعتدي على ذاتها، لذلك لا تنفع الثورات لان اي جانب في المجتمعات الإسلامية رفعت عنه السلطة الا وسقط مباشرة في الطبع البدائي. لذلك يحتاج على الدوام إلى إنحيازات. يرى إيران عدوا ابديا منذ حروب علي ومعاوية، لكن بمجرد أن تسقط ألعاب نارية إيرانية على تل أبيب يصعد الهرمون الكتلوي ويهتف الشارع الإسلامي بانتصار غير موجود في الواقع بل يصدقه بفعل التخدير الكتلوي.

  • هشام
    الخميس 18 أبريل 2024 - 18:47

    هناك جهل واضح لما يقع في الشرق الأوسط..قبل عامين انعقدت قمة العشرين في الهند كان الخط التجاري الجديد (نيودلهي -حيفا) من أهم قراراتها..لنجاح المشروع وجب وأد كل أشكال المقاومة في المنطقة خصوصاً الراعي الرسمي ايران بمباركة امريكا.. اسرائيل..وبعض دول الخليج.. انهاك مصر اقتصاديا عبر تعطيل ممر قناة السويس..انهاك روسيا واستنزافها عسكريا مع اوكرانيا..إعادة إحياء الحزازات بين الهند والصين لاضعاف الأخيرة واستنزافها..هو عالم جديد يرسم وتوزع فيه قطع الحلوى أساسه الاقتصاد..ونحن العرب لازلنا نفرح لحرب دونكشوتية لا توجد الا في مخيلتنا..الايام بيننا..

  • انني من المسلمين
    الجمعة 19 أبريل 2024 - 12:24

    لما هجمت حماس تنكرتم لها والان إيران ماذا تريدون من إيران وحماس أن تكونا كبقية دول ‘لا سمح الله’ الخائنة

صوت وصورة
تكريم أحمد الخمليشي
الثلاثاء 21 ماي 2024 - 02:30

تكريم أحمد الخمليشي

صوت وصورة
كاريزما ا العربي امغران
الإثنين 20 ماي 2024 - 23:08

كاريزما ا العربي امغران

صوت وصورة
جنرال أمريكي ينوه بجيش المغرب
الإثنين 20 ماي 2024 - 22:25 2

جنرال أمريكي ينوه بجيش المغرب

صوت وصورة
جائزة الحسن الثاني للماء
الإثنين 20 ماي 2024 - 21:30

جائزة الحسن الثاني للماء

صوت وصورة
لقجع و"سعر البوطة"
الإثنين 20 ماي 2024 - 20:30 38

لقجع و"سعر البوطة"

صوت وصورة
إشادات بمناورات "الأسد الإفريقي"
الإثنين 20 ماي 2024 - 20:10 1

إشادات بمناورات "الأسد الإفريقي"

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 5 قراءة)
.