محللون: بلينكن يتحدث كإسرائيلي وليس كوسيط ويحاول جر الجميع لمفاوضات بلا معنى

يمثل غياب الثقة وانحياز الولايات المتحدة الشديد وتحديدا وزير الخارجية إلى الجانب الإسرائيلي العقبة الرئيسية أمام التوصل لاتفاق تبادل أسرى وفق الخطة المطروحة حاليا، كما يقول خبراء.

فخلال زيارته الثامنة للمنطقة منذ بدء الحرب، جدد بلينكن إلقاء اللوم على حركة المقاومة الإسلامية ( في عدم التوصل لصفقة تبادل أسرى، متجاهلا أي حديث عن الموقف الإسرائيلي من المقترح.

ورغم حديثه عن بعض مطالب حماس التي يمكن تنفيذها، فإن بلينكن تحدث عن مطالب أخرى "لا يمكن التعامل معها"، وهو موقف يؤكد انحيازه الشخصي الشديد ، برأي الباحث السياسي سعيد زياد.

ولم يقف الأمر عند الانحياز لإسرائيل ومواصلة ترسيخ فكرة أن حماس هي من يحول دون التوصل لاتفاق، لكنه وصل إلى حد ترديد بلينكن بعض الأكاذيب التي لا دليل عليها، حسب ما قاله زياد خلال مشاركته في برنامج "غزة.

.

ماذا بعد؟".

ومن بين الأكاذيب التي رددها وزير الخارجية الأميركي -برأي زياد- حديثه عن عدم قبول حماس للخطة التي كشف عنها الرئيس رغم ترحيب الحركة بها بعد ساعات من إعلانها.

موقف مثير للشك في المقابل -يضيف الباحث السياسي- "لم يتطرق بلينكن إلى رفض إسرائيل للخطة وعدم التعاطي معها إلا بُعد 40 يوما من طرحها أول مرة في مايو/أيار الماضي".

ووفقا لزياد، فإن التعديلات التي طلبتها حماس ويرى بلينكن أنها غير قابلة للتنفيذ تتعلق بحتمية انسحاب قوات الاحتلال من و، "وهو أمر يثير شكوكا بشأن ما تريده من بقاء قوات الاحتلال في هذين المكانين رغم ما يحمله من تعدٍّ على السيادتين الفلسطينية والمصرية"، كما يقول المتحدث.

ومع ذلك، فقد ترك بلينكن الباب مواربا بحديثه عن مواصلة العمل من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وفق زياد الذي يؤكد أن الفرصة سانحة جدا لعقد اتفاق لو تحلّى وزير الخارجية الأميركي تحديدا بشيء من الحياد وتخلّى عن سياسة تغيير مواقفه بشكل جذري كما يفعل منذ بداية الأزمة.

أزمة ثقة في المقابل، يقول الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز إن حركة حماس لم تقبل بالمقترح فعلا، وإن الولايات المتحدة لا تتخذ مواقف متناقضة وإنما تحاول وقف إطلاق النار لكنها تتعامل مع الوضع من عدة جهات.

ويرى هايس أن المشكلة حاليا تكمن في غياب الثقة بين إسرائيل وحماس، مشيرا إلى أن كل طرف منهما يرى أن الطرف سيستغل وقف القتال لصالحه عسكريا وبالتالي يرفضان التوصل لاتفاق.

بالتالي، فإن التوصل لاتفاق حاليا يتطلب بناءً للثقة بين الطرفين وهو أمر غير قابل للتحقق في ظل الظروف الراهنة، برأي هايز.

بدوره، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن الولايات المتحدة أخذت على عاتقها إعفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي من إعلان موقف واضح بشأن المقترح.

وقال الشوبكي إن واشنطن تعرف جيدا أن نتنياهو يرفض هذا المقترح حتى لو لم تطلب المقاومة إدخال تعديلات عليه، لأنه ينص على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.

وأشار المتحدث إلى تظاهرات ذوي الأسرى التي تطالب نتنياهو بقبول الخطة، قائلا إنها تعكس عدم ثقة هؤلاء في حديث بلينكن الذي يحمّل حماس مسؤولية تعطيل الصفقة التي راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي أساسا على رفضها من جانب المقاومة لكي يتنصل من مسؤولية إعادة الأسرى.

مفاوضات بلا معنى لذلك، فإن وزير الخارجية الأميركي يواصل تصوير حماس على أنها المعطل الوحيد للاتفاق، وهو يتحدث كطرف وليس كوسيط ويوجه كل كلامه ومطالبه ولومه للمقاومة ولا يتحدث أبدا عن الطرف الآخر، برأي الشوبكي.

ليس هذا وحسب، فقد حاول بلينكن منذ البداية جر المقاومة والوسطاء إلى مفاوضات بلا معنى، كما يقول الشوبكي، مشيرا إلى أن "الجميع تنبّه لهذا الأمر وتعامل معه بذكاء؛ بدليل حديث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن عن مواصلة العمل حتى وقف الحرب".

ويتفق زياد مع هذا الرأي بقوله إن بلينكن ونتنياهو يتلاعبان بالألفاظ لإطالة أمد الحرب، مؤكدا أن واشنطن "غير معنية بوقف هذه الحرب كما تدعي بدليل تجاهلها وجود إسرائيل في معبر رفح وفيلادلفيا ويبدو أنها تريد استغلال هذا لإحداث تغيير سياسي أو جغرافي في القطاع".

وأضاف "المقاومة قدمت ردا واحدا وموحدا ومع ذلك بلينكن لا يتوقف عن المطالبة بضرورة عزل حماس سياسيا والقضاء عليها عسكريا".

ويعارض هايس هذا الرأي بقوله "إن حماس تدافع عن نفسها وليس عن الفلسطينيين، وإنها تمنع إجراء أي انتخابات منذ 2007، لكي يقرر الناس مصيرهم"، مضيفا "هذا يتطلب وقتا ولن يحدث حاليا لذلك يجب وقف إطلاق النار وتهيئة المسرح، وهذا ما تريده واشنطن".

لكن الشوبكي يرد على هذا الزعم بالإشارة إلى أن إسرائيل هي من رفضت إجراء الانتخابات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة، وأن تأجيل الانتخابات "تم بتوافق كافة القوى الفلسطينية وليس بسبب حماس".

وخلص الشوبكي إلى أن موقف نتنياهو من الاتفاق لن يتغير إلا بتغيرات الميدان العسكري أو في حال انضم المستقيلون من مجلس الحرب إلى حراك الشارع من أجل الضغط والعودة بإسرائيل إلى ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما كانت مظاهر الحياة تتوقف بسبب الاحتجاج على التعديلات القضائية.

وختم بأن الإدارة الأميركية ستتعرض لمزيد من الضغوط بسبب قرب موعد الانتخابات الرئاسية، فيما يصر الوسطاء العرب على عدم إغلاق ملف التفاوض وهو ما أكده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري اليوم خلال مؤتمره مع بلينكن.

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 2 أسابيع | 6 قراءة)
.