آراء حقوقية تتهم الأعراف و"الذكورية" بإضعاف النساء في الساحة الاقتصادية

تلّقت هيئات وفعاليات حقوقية آخر البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بخصوص استمرار “الفجوة الاقتصادية” الشاسعة بين الذكور والإناث في سوق العمل ومعدلات ونسب النشاط بالمغرب بـ”استغراب شديد” تواصل “محن النساء الاقتصادية”، على الرغم من كل المشاريع والمخططات التي راهنت على إدماج المرأة في سوق الشغل ومكافحة كافة أشكال التمييز ضدها.

الدراسة، المعنونة بـ”تحليل متقاطع لمشاركة المرأة في سوق العمل بالمغرب.

.

دراسة مقارنة بين جهتي الدار البيضاء–سطات والشرق”، بينت “معطيات مقلقة”؛ منها أن معدل عدم نشاط المرأة يقدر بنسبة 73 في المائة، مقابل احتمالية عدم النشاط عند الرجال منخفضة، قُدرت بنسبة 7.

5 في المائة فقط، مع التأكيد على أن “انخفاض معدل النشاط، لا سيما نشاط المرأة، ليس سوى إحدى السمات الرئيسية لسوق العمل في المغرب”.

وضعية مقلقة عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال، في تصريح لهسبريس، إن “هذه الوضعية مقلقة؛ لكن علينا أن نعترف بأن المغرب، في مجال تمكين المرأة، حقق نقلة نوعية منذ دستور 2011، عبر التنصيص على دور الدولة في تحقيق المساواة بين الجنسين في الفصل 19، من خلال تمكينهن اقتصاديا ودعمهن في ريادة الأعمال وبلوغ مناصب القيادة”؛ لكن “الغريب هو غياب ذلك واقعيا”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ووضح الخضري أنه على “الرغم من تمثيل الإناث لما يقارب 50.

2 في المائة من السكان، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، و55 في المائة من خريجي الثانويات، و60 في المائة من خريجي معاهد وكليات الإدارة، و50 في المائة من خريجي مدارس وكليات العلوم والتكنولوجيا، فإنهن يتبوأن مكانة متدنية في سوق الشغل المغربي، سواء على مستوى الأجور أو القيادة أو الفرص الاقتصادية والسياسية بصفة عامة”.

وأرجع الفاعل الحقوقي هذا الوضع إلى “هيمنة العقلية الذكورية التي تطغى على المجتمع المغربي، أي السلطوية الذكورية النافذة، والنسبة المرتفعة للمخاطر في مجتمعنا، بسبب عدم اليقين وعدم الثقة”، مضيفا: “ينتج عن ذلك بيئة اقتصادية وسياسية غير سلميتين، تجعلان المرأة ضعيفة بل في بعض الأحيان فريسة أمام الابتزاز والأطماع الذاتية، في ظل تشريعات حمائية ضعيفة، وإن وجدت فهي عصية على التطبيق”.

وأبرز المتحدث عينه أن هذا أدى إلى تعميق الفجوة بين الجنسين وقوض حق المرأة في الفرص المتاحة؛ وهو أحد المؤشرات الكبيرة لفشل برامج التنمية، التي تبنتها الحكومات المغربية المتعاقبة”، لافتا إلى أن “الأخطر من ذلك، كما تبرز المندوبية السامية للتخطيط، هو أن هناك تفاوتا بين المناطق؛ وهذا طبيعي، حيث إن المؤشرات التنموية في بعض المدن الكبرى مثل جهة الدار البيضاء – سطات مرتفعة قياسا بمثيلتها في جهات أخرى مثل جهة الشرق، وهو ما ينطبق تلقائيا على مؤشر عدم نشاط المرأة بين الجهتين”.

عوائق للمعالجة سعيدة الإدريسي، الرئيسة السابقة للجمعية الديمقراطية للنساء، قالت إن “تدني النشاط الاقتصادي للنساء هو تحصيل حاصل، بما أننا نادينا مرارا بالتمكين الاقتصادي للمرأة.

وكنا ننتظر أن تسارع الحكومة لتفعيل هذه المطالب، بما أن القضاء على مختلف أشكال التمييز ضد النساء هو استراتيجية وطنية مرفوعة”، مؤكدة أن “عدم استفادة المغرب من الخبرة النسائية المغربية بشكل كاف ضمن عوامل تأخرنا في مؤشر التنمية البشرية”.

وأوضحت الإدريسي، ضمن حديث إلى هسبريس، أن “المغرب يحتل المرتبة الـ144 من أصل 156 بلدا في المساواة بين الجنسين؛ وهو ما يحرم البلاد من مساهمة حيوية للمرأة في الناتج الداخلي الإجمالي كما هو معروف في البلدان الديمقراطية”.

وأضافت الناشطة النسائية: “عدم إدماج المرأة في التنمية يجعل نمو البلد بطيئا، وحياة المرأة تتأثر مثلما تتأثر الأسرة والدولة ككل، لاسيما لكون التحديات التي يواجهنها مازالت مطروحة.

وضمن هذه التحديات، أشارت المتحدثة عينها إلى “غياب حضانات للأطفال في معظم أماكن العمل.

وهذا يعد ضمن أهم العوائق أمام ذهاب المرأة للشغل”، لافتة أيضا إلى “عدم تقاسم الأشغال المنزلية وإلقائها على عاتق الزوجة، وهذا يؤثر على نشاطها الاقتصادي، أمام صعوبة التوفيق بين الالتزام العائلي ونظيره المهني، خصوصا في ظل انتفاء خيارات العمل عن بعد الذي يضمن نوعا من المرونة”.

وذكرت الرئيسة السابقة للجمعية الديمقراطية للنساء “غياب استفادة كافية للنساء من البرامج التي تطلقها الدولة، كمشروع “مقاولتي” مثلا، وصعوبة الحصول على قروض؛ وهو ما يعمق متاعب الحصول على الدعم المالي والمواكبة اللازمة”، مؤكدة أن “كل هذا لا يسعف معظم النساء على الاستقلالية المادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ وبالتالي مساهمة غالبيتهن هي “صفر” في حركية الاقتصاد الوطني، ونحن نحتاج سياسة عمومية مندمجة لتمكينهن اقتصاديا”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 3 قراءة)
.