فاتح عبد السلام
كيف يمكن النظر الى المخاوف التي تبديها إيران إزاء نيات إسرائيل وموقفها من وقف إطلاق النار الذي لا يزال في نظر المراقبين هشاً؟
أولاً، انَّ مخاوف إيران جدية وواقعية ودقيقة، وليست تظلماً أو تقية أو دلعاً أو استعراضاً أو استهلاكاً داخلياً، ذلك انّ اية هجمات إسرائيلية على إيران في “الجولة الثانية” التي يتوقّعها بعضهم، ستكون ذات تركيز سياسي ومرتبطة بخطة لتحريك أوراق داخلية مهمة، ليست بالضرورة اسقاط النظام الديني السياسي القائم ، وانّما استخدام ورقة المكونات القومية لاسيما الآذرية والعربية والكردية، وبالتالي هناك قومية فارسية لا يمكن إخراجها من المشهد نهائياً عبر تغيير سياسي تقسيمي للبلاد الكبيرة، فحقها مثل حقوق القوميات الأخرى ، حتى لو كانت تلك القومية طوال عقود هي الغالبة في الملعب السياسي والأمني.
ثانيا، ستكون الهجمات الإسرائيلية لو وقعت ذات أثر أمني داخلي، وستعمل على شل النشاط الاقتصادي لإيران لتشمل المناطق التي وضع الامريكان خطا احمر عليها، وهي مصافي وحقول النفط والغاز والموانئ التجارية. وهذا الخيار مع استمرار العقوبات يعني وبالاً على إيران.
أمّا إسرائيل، فهي يمكن ان تعاني من أوضاع أسوأ من إيران باستثناء خيار اسقاط النظام، ذلك ان إسرائيل كانت كما عبر أحد مواطنيها في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، غير آمنة في كل المدن والمناطق المدنية خاصة، وهذا توصيف حقيقي بعد نشر صور الدمار الذي احدثته صواريخ إيرانية دقيقة. فضلاً عن انّ نظرة العالم ستتكرس يوماً بعد آخر على انّ النشاط الاستثماري والاقتصادي مع إسرائيل مهدّد بما تعنية أجواء الحرب من دمار أو قيود وشلل.
والأهم من ذلك ستعيش إسرائيل أجواء غير اليفة عليها، فقد اعتادت ان تضرب ولا يجري الرد عليها بطريقة مؤثرة، والحال مختلف مع إيران التي اعدت ترسانتها الصاروخية البالستية لهذا اليوم منذ أربعين عاماً.
ايران وإسرائيل خائفتان من الجولة الثانية، لأنّها مختلفة كليا، ولن تكون النتيجة فيها فوزا لأحدهما بالنقاط، وانّما هي جولة يقتنص كل منهما الفرصة لتوجيه الضربة القاضية، بالرغم من انّ هذه الضربة ستحمل المعنى الرمزي الداخلي المؤثر داخلياً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية