×

هيهات أنْ يبيع الأصيل دِينه – حسين الصدر

هيهات أنْ يبيع الأصيل دِينه – حسين الصدر | Azzaman

هيهات أنْ يبيع الأصيل دِينه – حسين الصدر

هيهات أنْ يبيع الأصيل دِينه – حسين الصدر

-1-

للطغاة أساليبهم في تحجيم الأبرار والتخلص من تأثيرهم القويّ في الوسط الاجتماعي، ذلك أنهم يخشون أَلْسِنتهم التي تأبى الصمت حين ترى الظلم والمنكر ، خلافا لاولئك الذين يعطون للحاكم الطاغي ما يريد من الطاعة والقبول بممارساته المحمومة خوفا على انفسهم ومصالحهم .

-2-

ومن المفيد هنا ان ننقل لكم ما جرى بين زياد بن أبيه – الظالم العسوف حين قدم الكوفة واليا عليها من قبل معاوية- وبين ( الحميري ) الذي قيل عنه انه أعبد أهل البلد .

استدعاه ( زياد ) فرآه رجلا تبدو عليه آثار النُسْك والعبادة فقال :

« لو مال هذا مال أهلُ الكوفة معه «

أي أنه قدّر الدور الفاعل الذي يمكن أنْ يلعبه ( الحميري ) في تأليب الناس عليه فقال له :

« انّي بعثتُ اليك لأمولك وأعطيك على ان تلزم بيتك فلا تخرج «

انها محاولة خبيثة للغاية من قبل زياد لحجب ( الحميري ) عن الناس ، وبالتالي الخلاص من كل ما يمكن ان يثيره من نقد أو اعتراض عليه، حين ينتهك الحرمات، وحاول ( زياد ) أنْ يشترط عليه التواري عن الأنظار .

فأجابه ( الحميري ) قائلا :

سبحان الله ،

واللهِ لصلاةٌ واحدة في جماعة أَحبُّ اليّ من الدنيا كلها ،

ولزيارة أخٍ في اللهِ ،

وعبادة مريض ،

أحبُّ اليّ من الدنيا كلها وليس الى ذلك سبيل «

وحين فشلت هذه المحاولة الخبيثة قال له زياد :

« اخرج فصلّ في جماعة، وزر اخوانك ، وعد المريض والزم لسانك «

وهذا يعني :

انه من غير المسموح للحميري أنْ يرفع صوته مُنْكِراً على زياد مظالمه وأفاعيله ..

فقال الحميري :

« سبحان الله :

أرى معروفاً لا أقول فيه ،

أرى منكراً لا أنهى عنه ،

فوالله لمقامٌ من ذلك واحدٌ أحبّ اليّ من الدنيا كلها «

وحين أيقن ( زياد ) بالفشل في تحجيمه، وابعاده عمن ممارسة دوره الريادي في التوعية والتنوير والإصلاح ، أمر باحضار السيف ، وبضرب عنق الحميري فالتحق بقافلة الشهداء الأبرار الذين قاوموا الظلم والظالمين وانتصروا للمقهورين والمستضعفين .

-3 –

من المهم للغاية استحضار هذه المواقف الرائعة والتي تشحن النفوس بالقوة في خضم ما نواجهه من مفارقات وخطايا يصمت عنها الكثيرون خوفا على مصالحهم.

والمرحلة الراهنة – ولا سيما في العراق الجديد – تشهد سخاءً في بذل المال السياسي لشراء الضمائر والمواقف ، وقليلون أولئك الذين يرفضون الاغراءات ولا ينبطحون أمامها حفاظا على دينهم واخلاقهم فيما يتزايد أعداد اللاهثين وراء المكاسب دون ورع .

وهنا تكمن المصيبة .

مشاركة
2

العراق      |      المصدر: الزمان    (منذ: 3 أسابيع | 3 قراءة)
.