طرح روائيون من المغرب وتونس والعراق سؤال “الروائي العربي إلى أين؟”، واعتبر محمود عبد الغني، روائي مغربي، أن الرواية العربية “بدأت جنسا مستضعفا وكانت المسكينة تحاول أن توظف كل شيء لتثبت جدارتها ووجودها ضمن الأجناس الأدبية الكبرى، وكانت تشعر بأنها جنس ضعيف”، وفق تعبيره.
وأشار عبد الغني، في جلسة ضمن فعاليات المعرض المغاربي للكتاب المنظم بوجدة من 17 إلى 21 أبريل الجاري، إبلا أن هذا الضعف بدأ مع محمد فارس الشدياق (1804-1887) في كتابه “الساق على الساق” والذي اعتُبر من البوادر التأسيسية الأولى لجنس الرواية؛ غير أن هذا النص، بالنسبة للروائي المغربي، “فيه شيء من أدب الرحلة والتوثيق والتأطير والكتابة الصحافية، لكنه يفتقد لمعايير بناء الرواية، وأهمها الحكاية”.
وفي التجربة المغربية، وبعد أن استحضر عددا من الروائيين المغاربة الذين قدموا من مجالات مختلفة كالتأريخ والفلسفة والسياسة، اعتبر محمود عبد الغني أن “ما يتهدد الرواية المغربية هو التاريخ”، في إشارة إلى الروائيين الذين يعتمدون على التاريخ في كتابة الرواية، لاسيما في الفترة منذ ما سمي بـ”الربيع العربي” سنة 2011 إلى الآن.
وأعطى الروائي ذاته مثالا على هذا التهديد برواية “العلامة” لبنسالم حميش، والتي شاعت وانتشرت وتُرجمت وحازت على جوائز، والمبنية على السيرة الذاتية لابن خلدون والتي شملت (الرواية)” إشارة إلى زواج ابن خلدون بزوجة كاتبه الخاص، وهو ما لم يرد عن ابن خلدون”، واصفا الأمر بـ”غير المسموح به في كتابة الرواية، بينما كان من الممكن للروائي أن يغيّر الأسماء”.
الروائية العراقية دُنى غالي قالت إن الروائي “تثقله أشياء كثيرة، نتيجة الإحباط الذي يحيط به”، معتبرة أنه بالرغم من أن “الإحباط يكون في الكثير من الأحيان محركا للروائي ليكتب، فإن هول ما يحيط بنا أحيانا يعجزنا عن النهل من مخزون هذا الإحباط”.
وأضافت غالي: “لا أقول هذا لنستدر العطف كروائيين؛ ولكن هي دعوة لنأخذ الروائي مأخذا جديا، لأن المواجهات والمحرمات ليست قليلة أمامه، كالمحرمات الدينية والسلطوية وغيرها، تجعله يدخل في صراع ما أن يخرج من آخر”.
وأشارت الروائية المقيمة بالدنمارك لنحو ثلاثة عقود إلى أن كتابة الرواية العراقية “شهدت طفرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003، نتيجة التحولات التي أحدثها هذا الحدث”.
وفي مداخلته، اختار الروائي التونسي الحبيب السالمي أن يتحدث عن الروائي كروائي وليس كباحث أو ناقد؛ “لأن هذا هو المطلوب من الروائي، بينما أرى الكثيرين من الروائيين يتحدثون عن الرواية كنقاد وما هم بنقاد”.
وأبرز السالمي أن “الرواية المغاربية تأثرت بما أسميها شخصيا الحداثة البرانية”، مستحضرا ما وصفه بـ”الهوس الكبير للعالم العربي في السبعينيات بكتابة الرواية التجريبية”.
واعتبر الروائي التونسي ذاته أن “حداثة النص لا تكتسب من هذه الأشياء الخارجية بقدر ما تكتسب من رؤيتنا للعالم”.
أرى أنه اليوم قبل الحديث عن الرواية أو الكتاب بصفة عامة، يجب طرح سؤال، هل يوجد اليوم قراء، شباب اليوم غبر مهتمين بالقراءة. شباب الهاتف المحمول و الكونيكسيون. إخفى القراء و إختفت الملكات الفكرية و الإبداغية.
تشهد الرواية العربية اليوم تطورا كبيرا،وذلك بفضل الإنتاجات الغزيرة في هذا الجنس الأدبي الذي أضحى أبرز التجليات الأدبية المعاصرة.ويرجع ذلك الى بروز أقلام روائية شابة،بالإضافة إلى كتاب الرواية الذين نعرف تميزهم وشهرتهم في الكتابة السردية منذ النصف الثاني من القرن الماضي،مع ما صاحب ذلك من زخم وغنى في السرديات النسوية التي أغنت الإبداع الروائي،وزادت حظه من التميز والتنوع والذيوع.وعلى هذا الأساس لم يعد الشعر ديوان العرب كما كان لعدة قرون، وإنما صارت الرواية بوصفها عالما إبداعيا شهد تطورا مشهودا في بنائه،ولغته،وآليات السرد وجمالية الكتابة فيه.