×

البرد القارس يحاصر ساكنة الجبال في أزيلال.. الجفاف وقلة حطب التدفئة

البرد القارس يحاصر ساكنة الجبال في أزيلال.. الجفاف وقلة حطب التدفئة

البرد القارس يحاصر ساكنة الجبال في أزيلال.. الجفاف وقلة حطب التدفئة

البرد القارس يحاصر ساكنة الجبال في أزيلال.. الجفاف وقلة حطب التدفئة
صورة: هسبريس
الجمعة 27 يناير 2023 - 12:00

تكابد المناطق النائية بجبال الأطلس، وخاصة منها القرى والمداشر المعزولة، مشاق عديدة لتدبير موجة الصقيع التي تتزامن هذا العام مع أزمة جفاف حادة، ما يزيد من معاناة السكان، خاصة مع حطب التدفئة وعلف المواشي والحصول على باقي المواد الأساسية.

وتزداد مآسي هذه المناطق مع حلول فصل الشتاء، حيث تسود “الجريحة” وتنخفض درجة الحرارة إلى أكثر من ست درجات تحت الصفر؛ وهو ما يفاقم من وضعية السكان، ويُحوّلُ مناطق كثيرة إلى أماكن معزولة عن محيطها، ولو لفترات محدودة في الزمن.

ورغم الجهود المبذولة في هذا الإطار، خاصة في السنوات الأخيرة، لم تتمكن السلطات من وضع حد للمشاكل المتراكمة في المناطق الجبلية؛ فمع كل موجة برد تتجدد نداءات السكان بشأن ضعف تعاطي الدولة مع وضع العزلة.

بادي محماد، أربعيني قاطن بجماعة تاكلفت، أورد في تصريح لهسبريس أن الناس بجماعات الأطلس يكابدون كل عام موجة البرد القارس والتساقطات الثلجية، مضيفا أن “آثار البرد هذا العام ستكون أشدّ ضررا من السنوات الفارطة، بحكم تدنّي مستوى معيشة سكان الجبل، وعدم قدرتهم على توفير المستلزمات الضرورية”.

وأوضح محماد أن “ساكنة منطقة آيت تامجوط ذاقت مرارة هذه الحياة منذ حوالي سنتين، حيث أصبحت العشرات من الأسر تعيش في أحضان الفقر، وفي وضع يتسم بالهشاشة بسبب الأزمة، ومع ذلك لم تستفد بعدُ من مبادرات الدولة”.

“في منطقة أيت تامجوط من الأسر من تعيش على محصول سنة 2019، ومنها من اقتربت من حافة الفقر المدقع، بعدما باعت كل رؤوس مواشيها لسد رمق عيشها؛ ومن الناس من يعيشون بفضل الله في صمت قاتل…”، يتابع محماد في حديثه مع هسبريس، وزاد: “الوضع في أيت تامجوط، وفي باقي قرى جبال الأطلس، سواء ببني ملال أو أزيلال، لا يحتاج لمن يسرد تفاصيله، فالكل يعلم أن الجزء الأهم من الساكنة توفر قوتها من تربية المواشي، والجزء الآخر من الزراعات المعيشية، وهاذين المصدرين تضررا كليا بسبب الجفاف”.

وفي حديثه لهسبريس، أبرز الرجل الذي يُعيل أربعة أطفال أن السلطات قامت بمجهودات كبيرة على مستوى تهييء الطرق وفك العزلة عن القرى النائية، وتزويد الساكنة بالكهرباء وبناء المدارس، إلا أن النقص مازال حاصلا على مستوى شبكة الماء الشروب والصحة، وتوفير حاجيات الناس من الحطب والعلف والمواد الغذائية الضرورية.

من جانبه، قال أومحند (م)، من أهالي الدوار ذاته: “الساكنة اليوم في حاجة إلى التفاتة مولوية، فبالأمس القريب كانت العشرات من الأسر في غنى عن مساعدات الدولة، لكن بسبب شح المياه وتداعياته على الزراعة وتربية المواشي، وبعد ارتفاع أسعار المواد الأساسية وعلف المواشي، الكل بات يتطلع إلى دعم الدولة”.

وأقرّ المتحدث ذاته بصعوبة الحياة في هذه المناطق الجبلية الجافة، قائلا: “لقد ترعرعنا بين هذه الكهوف، وعشنا مما نوفره من عرق جبيننا من الطبيعة، وكابدنا لسنوات طوال تزيد عن 60 عاما، لكننا اليوم لم نعد قادرين على اقناع أبنائنا بالاستمرار في هذا النمط من العيش”.

وتابع المتحدث لهسبريس: “بهذه المنطقة جفّت العيون والآبار، وباءت عدة محاولات للتنقيب عن الماء بالفشل، فيما حياة الناس كانت وستبقى على مر العصور مرتبطة بالماء، وحيث تغيب هذه المادة أو تنضبُ يكون المرء مضطرا إلى البحث عن مكان أفضل، ما يعني أن العشرات من الأسر ستتأهب للرحيل إذا لم تجد السماء بغيثها”.

وبإسهاب مفعم بنبرة الحزن والقلق، تحدث أومحند عن “معاناة تلامذة المؤسسات والأسر في وضعية هشة والأشخاص بدون مأوى والمشردين، والمرضى”، مسجلا أن “الإجراءات المعتمدة لتدبير موجة البرد مهمة جدا لساكنة الجبل، إلا أنها لا تطال كل المتضررين، ما يستدعي تحيين لوائح المستفيدين من مبادرات الدولة”.

واختتم الرجل ذاته قوله بأن الوضع الهش بهذه المناطق الجبلية لا يستدعي فقط اتخاذ تدابير استباقية لمواجهة آثار موجة البرد السلبية على صحة الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص بدون مأوى، وإنما يتطلب أيضا توفير الدعم للأسر في وضعية هشاشة، التي تجد صعوبة في توفير حطب التدفئة والكلأ”.

وفي كلمة مختصرة قالت السعدية وهيسيدة، في نهاية عقدها الرابع، وكانت تحمل رزمة من الحطب بالطريق الرابطة بين بني ملال وتاكلفت، وتجر طفلة على وجنتيها آثار الصقيع: “الوضع صعب للغاية، وحاجة الأسر إلى حطب التدفئة خلال كل موسم تبقى ماسة، بالنظر إلى طبيعة الطقس بالمنطقة، حيث تصل درجة الحرارة أحيانا إلى 5 درجات تحت الصفر”.

وأضافت المتحدثة أن نساء الدوار يعانين من قلة الحطب وبعده وارتفاع سعره (درهم ونصف درهم للكيلوغرام)، ويتخوفن من متابعات ‘‘بوغابة ‘‘- والمقصود مسؤول المياه والغابات- رغم أنهن *لا يحطبن* إلا أغصان الأشجار اليابسة.

وفي تعليقها على حياة السكان بمنطقة آيت تامجوط، قالت السعدية: “كل الأسر باتت تتصف بالهشاشة والفقر، والقليل من التجار والموظفين ومن لهم أبناء بأوروبا من ينعمون برغد العيش في هذه المنطقة”، معبرة عن أملها في أن تصل الإعانات إلى الدوار، وأن يتم توزيعها على الفقراء.

وأوضحت المتحدثة ذاتها أن الاستعدادات المتخذة لمواجهة قساوة البرد في الأعوام السابقة كانت تبدأ في وقت مبكر من السنة، حيث تعمد الأسر الفقيرة إلى جمع الحطب وتخزينه، إلى جانب بعض المدخرات الأساسية، تحسبا لمفاجآت الموسم، “إلا أن ذلك لم يحدث هذا العام بسبب الأزمة، واستهلاك الناس مخزونها من كل المواد”.

بدوره كشف عمر أوزياد، الناشط المهتم بقضايا الجبل، في تصريح لهسبريس، أن “الأسر بالأطلس لا تُعول كثيرا على الإجراءات الوقائية التي تتخذها السلطات سنويا لفائدة السكان المتضررين، ليس رفضا أو تبخيسا لها، وإنما لاعتبار أكثر أهمية، وهو أن الاستعدادات لمواجهة موجة البرد القارس تشكل لدى سكان الجبل منذ القدم عُرفا أو تقليدا لا يختلف في جوهره عن عمليات الحرث أو الزرع أو الحصاد”.

وأشار أوزياد إلى أنه “في ظل التغيرات المناخية الجديدة وما صاحبها من أحداث دولية، وآثار ذلك على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، تبقى الإجراءات الاستباقية التي تتخذها السلطات المحلية لمواجهة موجة البرد القارس بالإقليم، رغم أهميتها وتنوع أشكالها، في حاجة إلى لمسة إضافية، بالنظر إلى حجم الفاقة والعوز واتساع رقعة الفئات الهشة”.

وفي سياق متصل، أبرز مصدر رسمي لهسبريس أن “الكل يتعبأ لهذه الفترة الحرجة من السنة، بالنظر إلى صعوبتها”، مشيرا إلى أن السلطات الولائية كانت قد دعت في اجتماع حضره عمال الأقاليم الخمسة بجهة بني ملال خنيفرة إلى مضاعفة وتنسيق الجهود لتتبع حالة النساء الحوامل القاطنات بالدواوير المعزولة، وتوفير حطب التدفئة بالمؤسسات التعليمية، والأغطية اللازمة بالداخليات ودور الطالب، وإيواء الأشخاص بدون مأوى في أماكن آمنة.

وشدد المصدر ذاته على أهمية إعداد برنامج لتوزيع المؤن الغذائية والأغطية على الأسر المتواجدة في الدواوير والمناطق المهددة بالعزلة والمعرضة للضرر خلال فصل الشتاء، وتوفير الأعلاف للماشية بهذه المناطق التي تضررت بتأخر التساقطات هذه السنة.

وأعلن رؤساء المصالح المعنية بالتدخل لمواجهة قسوة البرد عن اتخاذ عدة إجراءات، تهم بالأساس تعزيز الأطقم الطبية وتوفير الأدوية الأساسية بالمراكز الصحية الأقرب لساكنة المناطق المهددة بموجات البرد، وتعبئة عدد من الآليات المختصة بإزاحة الثلوج وتوفير الموارد البشرية، وتوزيع حطب التدفئة على مستوى المؤسسات التعليمية المعنية بموجة البرد والثلج، وكذا إيواء الأشخاص بدون مأوى بمؤسسات الرعاية الاجتماعية المتواجدة بالإقليم، مع توفير الأعلاف المدعمة لمربي الماشية.

كما تم التأكيد على العمل على توفير الكميات الكافية من حطب التدفئة بالمؤسسات التعليمية الفرعية وبمستودعات حطب التدفئة، والإطعام بدور الطالبة، وتوفير الأدوية، خاصة تلك المتعلقة بالأنفلوانزا الموسمية والغدة الدرقية، وكذا توفير الكميات اللازمة من الأعلاف لمربي الماشية وتقوية شبكة الاتصالات بالمناطق الجبلية؛ فيما عبر الجميع عن استعدادهم للمساهمة في الجهود المبذولة للتخفيف من آثار موجة البرد.

وبخصوص إقليم أزيلال، يشار إلى أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها مؤسسة الخامس للتضامن بتنسيق مع السلطات المحلية والإقليمية والدرك والقوات المساعدة، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، انطلقت منذ الخميس، حيث يرتقب أن تستهدف 8700 أسرة بالمناطق الأكثر عزلة بتسع جماعات ترابية بالإقليم (آيت عباس، زاوية أحنصال، أنركي، تيلوكيت، آيت تمليل، آيت أومديس، تيفني، تبانت، وآيت بواولي).

‫تعليقات الزوار

12
  • كريم
    الجمعة 27 يناير 2023 - 12:19

    على الدولة أن تقدم الدعم لسكان المتضررة لموجة البرد القارس كما دعمت لوسائل النقل بمبلغ لشراء الحطب وبوطان الغاز حتى تخفف عليهم قساوة البرد

  • ع العالي
    الجمعة 27 يناير 2023 - 12:27

    بصفتي من أبناء المنطقة اؤكد ماقاله المصرحون
    فإننا نعاني في هذه المناطق منذ أكثر من عامين خصوصا مع تراجع الأمطار التي تعتبر الأساس الذي تعتمد عليه الساكنة في في الزراعة وإستحسان المراعي لأغنام والماعز

  • أمايلو لوحة فنية
    الجمعة 27 يناير 2023 - 12:30

    السادة الذين يقطنون بالجبال وفي أزيلال لم يتركوا حياة ولا شجرا في الغابات حيث حولوها إلى رماد وحطب للتدفءة والجبال اصبحت متكلسة وجرداء رجاءا اعملوا على ترحيلهم إلى السهول وليتركوا الجبال والغابات في أمان كما كانت في السابق وليواصلوا حياتهم الجديدة في السهول الداخلية الفلاحية وحتى الوديان والأنهار التي كانت تجاورهم فلتجد طريقها إلى جوارهم في الأراضي الجيدة فللحيوانات البرية حقوق.

  • مونو
    الجمعة 27 يناير 2023 - 12:47

    أين هي الجمعيات النسائية والغاز المكتشف

    أليس البرد والجوع إرهاب. و عنف ضد النساء. والأطفال؟

    قنينات الغاز و صندوق المقاصة يذهب. أمواله للأغنياء والفنادق

    جمعيات المرقة. و النصب لا تسمع لهم. حس في الشتاء. بل يقدمن الدروس حول العنف من الفنادق الفاخرة و المكيفة

  • سيمو .
    الجمعة 27 يناير 2023 - 12:49

    صاحب التعليق الرابع
    ما رأيك إذن أن يسكونو معك في المنزل حتى نتفادى مشكل إجثثات الأشجار يا سيدي .
    إن لم تستحي فإفعل ما شئت
    أنشري هسبريس

  • عبداللطيف ici الرباط
    الجمعة 27 يناير 2023 - 13:03

    نعم لمساعدة اخواننا في المناطق القروية النائية،لا لتنظيم المهرجانات التافهة . اموال الشعب يجب أن تستثمر في العنصر البشري بالدرجة الأولى.

  • السي محمد
    الجمعة 27 يناير 2023 - 14:51

    قالتلكوم الدولة سمحونا اللميزانية مشات فالسفريات والمهرجانات وادماج الافارقة هوما مساكن عندهوم الحرب والفقر وحنا لاباس علينا

  • مهتم
    الجمعة 27 يناير 2023 - 16:08

    نداء الى اصحاب الشاحنات المغادرة للدار البيضاء عبر مطرح مديونة توجد اخشاب ضمن النفايات بكثرة ما فيها لباس ادا ما تم ايصالها لاصحاب المرتفعات

  • محمد المغربي
    الجمعة 27 يناير 2023 - 16:13

    المسؤول هو من أشغل الدولة في مسائل وقضايا وهمية مثل الامازيغية وترسمها وفرضها او العلاقات الارادية او الافطار في شهر رمضان او الامهات العازبا ت ….عوض تسخير وصرف الاموال على التنمية

  • abdou
    الجمعة 27 يناير 2023 - 16:32

    أليسوا هؤلاءمتضررين من البرد وبستحقون الدعم المادي لاجل التدفئة ام ليس لديهم لوبي الضغط .في حين نتمن دعم مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الاي بالمناسبة الله نسأل ان يجعل حسنات هذا الدعم في ميزان حسنات الملك الحسن رحمة الله عليه الذي سن لنا هذه المكرمة التي رعاها و نماها صاحب الجلالة محمد السادس و المتبرعين من الشعب و غيرهم فمزيدا من التضامن .

  • omar
    السبت 28 يناير 2023 - 09:18

    أفضل ما يمكن أن تفعله الحكومة لصالح السكان و المنطقة هو توزيع الفحم الحجري بأسعار منخفضة على السكان من أجل التدفئة في فصل الشتاء و ليبتعدوا عما تبقى من غابات أو توفير الكهرباء بأسعار رخيصة في فصل الشتاء من أجل التدفئة

  • عصام
    السبت 28 يناير 2023 - 11:18

    “لقد ترعرعنا بين هذه الكهوف، وعشنا مما نوفره من عرق جبيننا من الطبيعة، وكابدنا لسنوات طوال تزيد عن 60 عاما، لكننا اليوم لم نعد قادرين على اقناع أبنائنا بالاستمرار في هذا النمط من العيش”.
    الشكر موصول لـ هسبريس علي تطرقها لهده المناطق والتفاتة ملكية طيبة تنقص شئيا من المعاناة ولو بعد حين لسكان هده المناطق النائية اللدين نحييهم علي صبرهم واستماتتهم في هده الاماكن لا يمكن الا نسميهم الثوار حقا لما يكابدونه هنا رغم كل المجهودات المبدولة من طرف الدولة وبعض الجمعيات والسلطات المحلية الا هناك معيقات ومشاكل يعيش معها هؤلاء السكان اللطفاء اللدين لا يريدون الي رغيف خبز وما يسدي رمقهم والله المستعان وكان الله في عون العبد ما دام العون في عون اخيه والسلام

صوت وصورة
احتجاج تيار ولد الرشيد
السبت 27 أبريل 2024 - 01:18

احتجاج تيار ولد الرشيد

صوت وصورة
مؤتمر حزب الاستقلال
السبت 27 أبريل 2024 - 01:15

مؤتمر حزب الاستقلال

صوت وصورة
مهنيو زيت الزيتون في "سيام"
الجمعة 26 أبريل 2024 - 23:35

مهنيو زيت الزيتون في "سيام"

صوت وصورة
الجريمة المنظمة العابرة للقارات
الجمعة 26 أبريل 2024 - 23:30

الجريمة المنظمة العابرة للقارات

صوت وصورة
جديد ملف الطبيب التازي
الجمعة 26 أبريل 2024 - 23:15 2

جديد ملف الطبيب التازي

صوت وصورة
دعم المقاولة في العالم القروي
الجمعة 26 أبريل 2024 - 21:45

دعم المقاولة في العالم القروي

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 53 قراءة)
.