×

أمغار الدغرني وإسرائيل

أمغار الدغرني وإسرائيل

أمغار الدغرني وإسرائيل

أمغار الدغرني وإسرائيل
صورة : أرشيف
الثلاثاء 26 يناير 2021 - 01:32

ماذا لو أمهل القدر أحمد الدغرني، بضع أيام ليرى جزءا من أطروحته السياسية تتحقق عيانا، وجزءًا من خطابه، المنعوت بالشاذ والعنصري، يتحول إلى خطاب رسمي، أصبح الجميع يدافع عنه، حتى المبشرين بخيبر جديدة، وبدولة من النهر إلى البحر… ينتقون عباراتهم، ويؤثثونها، بمكر غير خاف، بتعابير المصلحة العليا، المُمكن سياسيا، التصرف كرجالات الدولة، الرجل الثاني… وغيرها من العبارات التي لا تنطلي على أحد، لا سيما وأنها صادرة عن من لا يؤمن إلا بتنظيم الإخوان الدولي، والولاء للباب العالي في صورته “الطيبة الأردوغانية”، ولمشروع “دار الإسلام”؛ دافع الدغرني، عن منظور آخر لعلاقة المغرب مع محيطه، قائم على المشترك الإنساني، نابذ لعلاقات دولية مبنية على محاور دينية أو عروبية، مؤمن بأن المتوسط وإفريقيا أرحب من هذا البعد الضيق، الذي حَصَرنا فيه شرذمة من المصفقين للناصرية وجرائمها، وزبائن عطايا القذافي، وأيتام بنادق البومدينية وبعدها الصدامية… وحين اكتشف تجار الدين “مدن الملح” وعطاياها، استوردوا “الوهابية” وجعلوها دينا جديدا… ألم يقل أحد أدعيائهم، بأن الدين أتانا من قريش ومن الشرق وليس من قرى حاحا ولا ادا وتنان…

كان الدغرني، متابعا يقظا لتحولات العالم، أدرك مبكرا أن خرائط العالم في تغير مستمر، وأن جمود العلاقات إبان الحرب الباردة، وأسْرها في قوالب إيديولوجية آيل للزوال والانهيار، وأن مستقبل العالم سيكون للثقافات وللغات وللهويات الجديدة، لذا كان يطالع بشغف الباحث النهم، كل القراءات التاريخية الجديدة، والنواميس التي تحرك دورة التاريخ ويقظة الشعوب، واستعادة مَنَاعتها، ومقوماتها الحضارية من ذاتها وكينونتها، لذا، كان من الصعب أن يقتنع بخطاب الإيديولوجيا ولو كان مقنعا، وكان يرفض الجاهز، ويسائل ما عد بديهيات، فتساءل لماذا نعتبر فلسطين “قضية وطنية”، وأميال من المسافات تبعدنا عنها؟ ولماذا لا تعتبرها أم الدنيا كذلك، ولا خَدَمة الحرمين، ولا شريف عمان، وهو سليل شريف مكة، الوصي على القدس الإسلامية… لماذا؟ لماذا؟ كان الدغرني مزعجا بأسئلة، باستفساراته، مقنعا في تعليله، جريئا في طرحه، غير مُهادن لأساطين القومية وحلفائها من الإسلامويين…

فَكك أحمد الدرغني، عبارة “التطبيع”، واعتبر أن لا معنى لها لشعب شمال إفريقيا، فلا حدود له مع إسرائيل، وهذه الأخيرة لم تدخل معه في أي حرب، فلماذا نطبع علاقات هي في الأصل طبيعية؟… سافر إلى إسرائيل، غير آبه بحملة إعلامية رخيصة استهدفت شخصه، خياراته… وهناك اكتشف حقائق صادمة، كانت هذه الزيارة محور حديثه بعد ذلك، لا سيما لقاؤه بوزيرة الخارجية تسيفي ليفني… زيارة للتحدي، للاكتشاف، لتجاوز الصورة النمطية، للوقوف على حقائق الواقع الذي لا يرتفع، وليس كما تسوق له أبواق جريدة القدس من لندن وعرابها عبد الباري عطوان، وجه الشؤم البئيس…

حطت طائرة السلام، على أرض رباط الموحدين، في غرب إفريقيا، فما وقع في كون الله، كما يقول المغاربة؟ رجع الجميع لقراءة الدستور المغربي فوجدوا فيه بعدا عبريا لهويتنا الوطنية، وسألوا ذاكرة المدن، فتذكرت أسماء عائلات يهودية عريقة تعايشت مع أخرى مسلمة، وشواهد عديدة على ذلك، وتذكر الإسرائيليون المغرب، أرض أجدادهم، عاداتهم، فتحدثوا بالدارجة المغربية، حديث الحنين إلى أصل باعدهم عنه خطاب جارح، وضيق أفق تفكير، وحسابات ضيقة… إنها في النهاية الصورة التي ناضل الدغرني، أن يكون عليها المغرب، المغرب المنفتح، المتعدد، الذي لا يقبل باستبعاد أي خيار فقط لأن أصحاب اللحى وبقايا العروبيين وأذناب الوهابيين يزعجون مسامعنا بخيبر خيبر…

سلام عليك داحماد، ولتهنأ روحك، فقدرك أن تسبق الزمن، وأن يستعجل القدر فيقبض روحك، أما أفكارك الطليقة فما زالت تزعج، وسيظل ذلك عهدها إلى أن تقوم قائمة لبديلك الأمازيغي.

‫تعليقات الزوار

4
  • نور الدين
    الثلاثاء 26 يناير 2021 - 11:17

    بحثت في معجم اللغة عن كلمات اعطي مقالك بها قدرها من الوصف الذي تستحقه فلم اجد وحاولت ان اقنع نفسي بعدم المشاركة فقلت لا نحن في زمن ندعي اننا نقدر فيه حرية التعبير فلن يزعجك إن قلت ليتك ما انبريت لتلقي بكلماتك قدحاََ وقذفاََ في كل ما كان يجمع أمةََ اشهد انها اليوم ضحكت من جهلها الأمم لولم تكن عامرة بنماذج غير مؤهلة من عديمي الضمير الإنبطاحيين أمام المال والبترول والاستعمار القديم.

  • Hassan
    الثلاثاء 26 يناير 2021 - 14:22

    أولا أترحم على السيد أحمد ثم أشكر من ذكره بخير . أعتبر هذا الركن فسحة لرأي القراء .النشطاء الأمازيغ لهم الريادة في الإنفتاح و تقبل الإختلاف . وهم من بين الفئة النيرة في المجتمع . فقط أريد أن أزيح بعض اللبس _اليهود ليسوا كلهم صهاينة ( السرفاتي نموذجا) . _اللغة العربية ليست كيانا سياسيا بل لسانا و وسيلة للتواصل ._التطبيع ليس عيبا لأنه هو القاعدة لكن الإسثتناء هو جعله صفقة نتبارز للظفر بها .

  • hessou
    الخميس 28 يناير 2021 - 11:59

    Paix à l’âme de Adda Hmad. Bon courage aux porteurs du projet cher au défunt

  • Mohamed Amine
    الخميس 4 فبراير 2021 - 15:14

    رحم الله داحماد مناضل كبير وإنسان عظيم
    مثال للنضال الحقوقي والانساني الحقيقي الهادف لمصلحة الوطن والمواطن
    صادق مع نفسه ومع وطنه وقضيته
    ترك إرثا معرفيا كبيرا ومهما

صوت وصورة
بدون عنوان | التنقيب عن الكنوز واختطاف الأطفال
الجمعة 17 ماي 2024 - 21:00

بدون عنوان | التنقيب عن الكنوز واختطاف الأطفال

صوت وصورة
مراكز صحية جديدة بالأقاليم الجنوبية
الجمعة 17 ماي 2024 - 20:51 2

مراكز صحية جديدة بالأقاليم الجنوبية

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تحتفي بالأدب الإفريقي
الجمعة 17 ماي 2024 - 19:39

أكاديمية المملكة تحتفي بالأدب الإفريقي

صوت وصورة
"الجيل الأخضر" ودعم الفلاحة
الجمعة 17 ماي 2024 - 18:00 2

"الجيل الأخضر" ودعم الفلاحة

صوت وصورة
الأبواب المفتوحة للأمن الوطني
الجمعة 17 ماي 2024 - 16:29 5

الأبواب المفتوحة للأمن الوطني

صوت وصورة
تجدد مطلب إلغاء عقوبة الإعدام
الجمعة 17 ماي 2024 - 15:15 14

تجدد مطلب إلغاء عقوبة الإعدام

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 41 قراءة)
.