ولكم في دولة البيرو اسوة حسنة

ابراهيم الخليفةتناقلت وسائل الإعلام يوم السبت (30) مارس المنصرم خبر، يفيد قيام الشرطة البيروفية وبمشاركة مكتب المدعي العام وبطلب من النيابة العامة  منزل رئيسة الجمهورية (دينا  بولو ار تي) للتحقق والمصادرة بشأن شبهات فساد مرتبط بساعات رولكس Rolex watches الفاخرة لم تصرح بها سابقا عند توليها رئاسة البلاد، وفي وقت سابق من الشهر نفسه بدأت السلطات تحقيقا طال الرئيسة عبر تحقيق صحفي ذكر أنها تضع ساعات فاخرة من مصدر مجهول لم يفصح عنها في السجلات الرسمية ، و سعرها الثمين لا يتناسب  والراتب الحكومي الذي تتقاضاه ، من جانبها نفت الرئيسة البالغة من العم (61 )عاما التهمة هذه ،وقالت “انها دخلت قصر الحكومة بيد نظيفة وستغادر بيد نظيفة” ولمن ليس لديه معلومات عن جمهورية البيرو تقع جمهورية البيرو في الغرب من قارة امريكا الجنوبية عاصمتها ليما، اللغة الرسمية الاسبانية، ويقدر عدد نفوسها بحدود الثلاثين مليون نسمة، وفق موسوعة ويكيبيديا.

الغرض من استعراض هذا الخبر، والطريق الغريبة التي اقتحمت فيها الاجهزة التنفيذية منزل الرئيسة باستخدام معاول خاصة لكسر باب المنزل دون الاخذ بنظر الاعتبار ان المنزل المستهدف هو تابع لرئيسة البلاد الجدية في التعامل مع الشبهة لأهمية المال العام  وقدسيته عند بعض الانظمة كونه ثروة الشعب وملك الاجيال القادمة، والتجاوز عليه يعد أحد حلقات الفساد المستشري في بنية البعض من الانظمة السياسية  .

وإذا ما أسقطنا حادثة اقتحام الأجهزة التنفيذية والقانونية في البيرو على العراق الذي يصنف  ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، بعد العام 2003 إذ احتل المرتبة 157 عالميا بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية ، نجد فرق كبير بين الجانبين في إجراءات  مكافحة الكسب غير الشرعي  ، وبالنسبة للعراق فقد نوهت  عنه   مندوبة الأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت  بالقول “إن الطبقة السياسية الحاكمة في بغداد فشلت حتى الآن في وضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر، وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الدوري لمناقشة الوضع في العراق.

وشددت على أن “الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق امام اجراءات حكومية  خجولة في مكافحته  والحد من فاعليته في تأخير عجلة التطور والانماء في البلد ” والذي استحوذ فيه البعض من السياسيين وقادة الاحزاب، وحتى المدراء في المناصب الدولة، ثروات طائلة على شكل  ارصد او  استثمارات وشقق فاخره في داخل البلد وخارجه هذه الثروات لا تتناسب ومرتباتهم الحكومية، وهناك قصص كبيرة يتم تداولها عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي Social Media عن ممتلكات ومدخرات هؤلاء دون ان تكون هنالك  مسالة قانونية عن كيفية استحواذهم على ذلك  والثراء غير المبرر على حساب المال العام، اذا ما تم مقارنة ثرواتهم غير المشروعة  بحادثة شبهة في امتلاك رئيسة البيرو لساعات فاخرة دون ان تصرح بها وعن مصدر الحصول عليها، لنجد ان هنالك هوة كبيرة Big gap بين فلسفة او نظرة الاجهزة الرقابية للبلدين اتجاه الكسب غير المشروع   الذي هو  احد اذرع الفساد ، وطريقة التعامل معه  ، في الوقت الذي تعيش فيه  البعض من العائلات العراقية دون خط الفقر اذا تقدر احصائيات وزارة التخطيط ان نسبة الفقر  في البلاد بنحو (25%  )من الاجمالي العام للسكان نتيجة سوء استثمار ثروات البلد، من هنا تبرز اهمية التعامل الجاد في مكافحة الفساد والكسب غير المشروع والدعوة  إلى ضرورة تشريع قانون من اين لك  هذا، وتطبيقه على السلطتين التنفيذية والتشريعية في امل من يحد من الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة وبالتالي المساعدة في انجاح البرنامج الحكومي، سيما وان هياة النزاهة وهي احد الاجهزة الرقابية اعلنت في وقت سابق تنفيذ حملتها للبلاغ عن تضخم  الاموال والكسب غير الشرعي.

إذن المتفحص  أو الناظر بإمعان الفيديو الذي يوثق اقتحام  الاجهزة الرقابية البيروفيه لدار سكن الرئيسة  والكيفية التي كسرت بها باب رئيسة الجمهورية  دون اي مقاومة أو ممانعة بشرية رغم ما يمثله من رمزية لأيقن  مدى قوة القانون وسلطته في المحافظة على المال العام، على النقيض ما تقوم به الاجهزة الرقابية في بلدنا التي تصطدم بالمحددات السياسية والحزبية أو الإجراءات الاسترضائية  ، فالكل يتحدث عن استشراء الفساد ولكن الكل متهم فيه  من وجهة نظر الجمهور ، وبالرغم من البيانات التي تصدر يوميا عن الاجهزة الرقابية في مكافحة الفساد نجد ان وتيرة الفساد  تثبت حضورها بقوة دون ان نجد  انخفاضا معتبرا فيها  وان وجد فهو هامشي لا يرتقي إلى خطورة الظاهرة وتداعياتها على حركة البناء والانماء والتطور، ربما  يعود ذلك على الالية  المعتمدة من جانب الجهات المعنية  بالمكافحة والمعوقات التي  تصطدم  بها في تنفيذ مهامها  ،مثل  عدم وجود الإرادة السياسية الجادة وتفعيل التشريعات الحاكمة والمحسوبية والمنسوبية  والتوافقات  في بعض مفاصل مكافحة الفساد والتراخي والتغاضي عن ذلك ولهذا قلنا ولتكن لنا في دولة بيرو اسوة حسنة في آلية مكافحة الفساد.

مرتبط نسخ الرابط تم نسخ الرابط

العراق      |      المصدر: وكالة الصحافة المستقلة    (منذ: 4 أسابيع | 4 قراءة)
.