اعتبار مسألة نقض الجنابة للصيام "خلافا فقهيا" يخلق جدلاً دينيا في المغرب

أثار محمد عبد الوهاب رفيقي، السلفي السابق والباحث في الفكر الديني، نوعاً من الجدل لدى متتبعين بعدما أجاب بخصوص سؤال يتعلق بـ”الجماع أثناء الصوم حتى القذف بدون إيلاج” أن “الأمر مسألة خلاف فقهي”؛ إذ اعتبر أحد المعلقين أن “العبارة التي قدمها رفيقي ليست مقبولة عند المحققين لأن الصواب هو إيراد مواطن الخلاف لينظر فيه أهل العلم عوض الإحالة على مجهول”.

وكان رفيقي يحاول، من خلال سلسلة طريفة يقدمها في تدوينات “فيسبوكية” بعنوان “يسروا ولا تعسروا”، أن يفكّك بعض “التصورات التقليدية” عن شريعة الصيام، مؤكداً أن “المتّفق عليه عند الفقهاء من مفطرات الصوم هو الأكل والشراب والجماع بالإيلاج”، وهو ما حرك بعض الأسئلة بخصوص “الجماع حتى القذف من غير إيلاج”.

ولم يكن الجواب الذي قدمه رفيقي مقبولاً لدى متخصصين في الشأن الفقهي.

وفي هذا الإطار اعتبر إدريس الكنبوري، الباحث في الفكر الديني والإسلامي، أنه “من العبث الاكتفاء بالقول إن الأمر مسألة خلاف فقهي” لأن الحديث النبوي يقول إنه إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل”.

وهذا حسب المتحدث “يعني قطعاً أن الجنابة تسقط الصيام، وهذا واضح ولا يستدعي الكثير من النقاش أو الخلاف الفقهي لأن التقاءهما، منطقيّا، بقذف أو بدون قذف وبلذة أو بدونها، وبشكل أوجب الاغتسال فهذا ينقض الشريعة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ورفض الكنبوري، في تصريحه لهسبريس، إثارة موضوع يمثل “الشاذ في الأمور الفقهية في هذه الظرفية”، مضيفا أن “جميع القضايا فيها خلاف مادامت ليست ثابتة بنص قطعي، ولكنْ هناك ميزانٌ لكي نعرف إن كانت المواقف الشاذة تعبر عن القلة أو الكثرة”.

وأوضح أن “الخلافات ليست دائماً أصلية بقدر ما هي مترتبة عن أوضاع خاصة عاشها الفقيه، ونأخذ ذلك الرأي على أنه خلاف مع القاعدة العارضة التي حصل عليها إجماع عند الفقهاء، وهذا ليس صحيحاً”.

وأبرز أن “من ضوابط الصيام أن يظلّ الإنسان مبتعداً عن كل ما يمكن أن يسقطه في الفطر، فليست هناك ضرورة أن يكون هناك جماع أو اقتراب من المرأة بنوع من اللذة لأن الإسلام له مقاصد”، مضيفا “لماذا مثلاً سيفكر الإنسان في هذا الأمر؟ لمجرد الترف أو التجربة أو اللعب برخصة؟”.

وتابع قائلا: “منطقيا وعمليا ليس هناك جماع يضبط فيه الإنسان نفسه”.

واستغرب الباحث في الفكر الديني والإسلامي من “ربط الأمر بمسألة خلافية بين الفقهاء” لأن “الجماع بدون إيلاج، الذي ورد في السؤال، أصلاً غير مفهوم.

وإذا كان المقصود به هو المداعبة بنية اللذة، فهذا يسقط الصيام فوراً”، مؤكدا أن “الأمر لا يحتمل الكثير من النقاش لكون هذه الأمور واضحة ومعروفة، ويحبذ الابتعاد عنها ما أمكن أثناء الصوم لتجنب نقضه بأي شكل من الأشكال”.

وبحثاً عن إضاءات أكثر، تواصلت هسبريس مع “الفقيه المفرد” مصطفى بنحمزة، الذي اعتبر أن “الحسم في هذه المواضيع مهمّة حصرية للمجلس العلمي الأعلى، باعتباره مؤسسة رسمية معتمدة فيما يهمّ الشأن الديني”، رافضاً أن يقدم رأياً “سيكون إفتاء يرد على فتوى أخرى، وهذا لا يستقيم.

لهذا يحبَّذ التواصل مع المؤسسة سالفة الذكر للخروج بموقف رسمي معتمد”.

من جانبه، رد محمد عبد الوهاب رفيقي على ما أورده الكنبوري قائلاً: “اكتفيتُ بالقول إنها مسألة خلافية بين الفقهاء لأنها بالفعل كذلك، وأنا لم أذكر أنني أوافق على هذا القول أو أختلف معه، فقط قررتُ ما هو موجود عند الفقهاء”، مضيفاً “من له دراية بكتب التراث الفقهي سيكون على علم بأن هناك خلافاً بشأنها، وأن فقيهاً كبيراً وصاحب مذهب فقهي كابن حزم الأندلسي يعتبر أن القذف من غير جماع ومن غير التقاء للختانين غير موجب للغسل”.

ولفت رفيقي، في إفادة قدمها لهسبريس، إلى أن “فقهاء المذاهب الأخرى يعتبرون أن كل قذف يوجب الغسل، وبالتالي يفسد الصيام، واختلفوا أيضاً حول هل تجب على الشخص الكفارة أم لا”، مشيرا إلى “المالكية التي توجب الكفارة”.

وتابع قائلا: “هذه معطيات مدونة، والاعتراض عليها أو تسفيه تقرير خلاف فقهي هو واقع أصلاً لا محلّ له ولا اعتبار له، فالأمر يتصل بمعطيات مكتوبة في المراجع، بغض النظر عن المصيب والمخطئ وصاحب القول الحاسم وغير الحاسم”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 3 قراءة)
.