×

ندوة في اتحاد أدباء دهوك تحتفي برواية تسرد أحداث الموصل خلال فترة داعش

اتحاد أدباء دهوك يحتفي برواية “رقصة داكنة” للمفتي | Azzaman

اتحاد أدباء دهوك يحتفي برواية “رقصة داكنة” للمفتي

 

دهوك- الزمان

نُظمت في اتحاد الأدباء الكرد في مدينة دهوك ندوة مميزة للكاتب محمد سيف المفتي، حيث قدم فيها شهادته وتفاصيل روايته الجديدة “رقصة داكنة”، التي تسرد أحداث المدينة المحتلة من قبل تنظيم داعش. وحظيت الندوة بإدارة الأديب الكردي حسن سليبفاني.
تحدث الكاتب المفتي خلال الندوة بكلمات ممتنة وامتنان عميق للضيافة والتنظيم الرائع الذي حظي به في هذه الجلسة الرائعة، وأعرب عن فخره بالمشاركة بين نخبة من الكتاب والسياسيين الكورد والعرب، مما أثرى النقاشات والحوارات التي جرت.
وأشاد الكاتب المفتي بجهود عائلة اتحاد الكتاب الكورد في دهوك، وعلى رأسها حسن سليفاني، معبرًا عن شكره الخاص لجهودهم الدؤوبة وحرصهم على نجاح الجلسة. وأكد أنه شعر بالدفء والحميمية منذ لحظة وصوله، كما لو كان بين أهله وأقرانه.

وأضاف المفتي أن وجود أفراد عائلته وأصدقائه الذين قدموا من الموصل لحضور الجلسة زاد من سعادته وجعلها ذكرى لا تُنس،. وأشاد بدورهم في خلق جو من الود والراحة، مما فتح المجال له للتعبير عن أفكاره ومشاعره بحرية.

وأعرب المفتي عن شكره لأبناء المكونات الذين شاركوا في الجلسة، معتذرًا إن كانت كلماته تمس جروحهم التي لا تندمل. وأدرك تمامًا أن مشاركتهم في هذه الجلسة أعادت لهم ذكريات جروحهم القديمة، ولاسيما بعد مناقشة الألم الذي تسبب فيه تنظيم داعش بوحشيته.

“رقصة داكنة” تعد رواية استثنائية تسلط الضوء على معاناة المدينة وسكانها خلال فترة احتلالها من قبل تنظيم داعش، وتعكس تجارب الأفراد والصعاب التي واجهوها في ظل الظروف القاسية.
تأمل الرواية في أن تساهم في توثيق التاريخ والمعاناة الشديدة التي عاشها الأشخاص خلال تلك الفترة المظلمة. وقد لاقت الرواية إشادة واسعة من الحضور في الندوة، حيث أثنوا على قدرة الكاتب المفتي على تصوير الأحداث وإيصال الصوت الحقيقي للمجتمع المظلوم.
تشكل هذه الندوة فرصة قيمة للمشاركين للتعبير عن تجاربهم الشخصية ومشاعرهم تجاه الأحداث التي مروا بها، وتعكس أهمية الأدب في توثيق التاريخ وإبراز قصص البشرية في ظل الصراعات والأزمات.
واستطرد: لا أهدف أبدًا إلى إثارة أيّ مشاعر سلبية أو إحياء ذكريات مؤلمة، بل أردتُ فقط تسليط الضوء على الطرق التي استغلّ فيها التنظيم الضحايا من دون وعيهم، وكيف تم تحويل الضحايا بخطة ممنهجة إلى أدوات لنشر رسالته الإعلامية الخبيثة والتي مفادها “أنهم قساة القلب بلا رحمة ومقاتلون لا يغلبون.” وهو أمر لم ينتبه اليه أحد في وقتها، و أنتبه له الغربيون في فترة لاحقة فحاولوا قدر إمكانهم التعتيم على رسائلهم المسمومة، لكن الضحية تبقى رهينة لآثار ما بعد الصدمة.
وعندما طلب مني قراءة مقطع من الرواية فكرت قليلا ثم أخترت هذا المقطع لأذكر الناس بأعداد من الأبرياء رحلوا دون وداع:
” في صباح اليوم المحدد، وصل سيف إلى المنطقة المطلوبة، وأوقف آدم سيارته خلف تلة، وجلسا طويلًا بانتظار رضوان، وعندما لم يتمكن سيف من أن يشـرح لرضوان مكان وجوده، صعد إلى التلة، وانبطح على بطنه بسرعة. أخرج منظارًا صغيرًا من جيبه، فشاهد أعلامًا سوداء ترفرف فوق سيارات في الأفق. قذفت الرياح الرمال في كل الاتجاهات، ولم ترحم عينيه. شاهد من خلال دموعه بعيدًا عنه ثمانية من جنود داعش وقد وقفوا متقاربين من بعضهم بعضًا، وسمع صرخة الأمر مع صدى يكاد لا يُسمع، لم يفهم ما قيل بالضبط، إلا أنه توقع أن يكون أمرًا بالقتل.


ثماني بنادق وجِّهت إلى الأمام، واستمر إطلاق النار طويلًا.
ثلاثة أشخاص أمام جدار بيت ذابوا على الأرض كشموع الكنائس بعد نهاية القداس، وتراكمت أجسادهم فوق بعضها بعضًا. سار أحد الجنود نحوهم بخطواتٍ تُشبه خطوات المتسكعين، وأطلق رصاصة الرحمة على كل واحد منهم مع رفسةٍ قوية بالرأس.
ارتعد سيف، وفكر في الجثث الثلاث الملقاة على الأرض، قبل قليل كانوا جزءًا من هذه الحياة، والآن تحولوا إلى جزءٍ من الماضي. ثلاثة رجال قُضي عليهم توًّا، ربما يكون هو وآدم رقم أربعة وخمسة.”
وختم المفتي حديثه مذكرا العراقيين باللحمة الوطنية العابرة لكل الحواجز:
أيها الكتاب الكورد الأعزاء، الحضور الكريم، في ختام حديثي، أودّ أن أُفاجئكم بمفاجأة غير مسبوقة في الاتحاد، فأنا أُجيد اللغة الكردية لأنها لغتي الام الثانية.
وقال المفتي: التفتت بعد ذلك الى مقدم البرامج وتحدث باللغة الكردية “عذرا أخي حسن سليفاني! لك ولزملائك حق بأن تعلم سبب تصرفي”، ثم أكملت حديثي باللغة العربية.

واسترسل: لقد تأكّدتُ اليوم من صحة ما قاله لي والدي ذات يوم، قال أبي عندما كنا نسافر إلى صلاح الدين ليلا، وتتعطل سيارتنا في عمق الليل في منطقة نائية، لم نكن نشعر بالأمان إلا عندما نرى كرديًا يحمل بندقيته على كتفه. ندرك حينها أنّ النجدة قادمة وأن هذه البندقية لن تُرفع في وجهنا، بل ستدافع عنا.
وتابع القول: للتاريخ أقولها! منذ اتصالي بالاتحاد تعمدت عدم الحديث معهم إلا باللغة العربية، ولم ألقَ من الأخ حسن وزملائه في الاتحاد سوى الحفاوة والتقدير. لقد أثبت الأبناء اليوم كما أثبت أجدادهم بالأمس أنّ الحسّ الإنساني في العراق لا يزال حيًّ، فهنيئًا للعراق بهذه الأخوة العابرة لكل القيود العرقية والدينية، الطائفية الفئوية ! اضع يدي على صدري احتراما لثقافة التآخي، شكرًا لكم، من القلب.

 

مشاركة
2

العراق      |      المصدر: الزمان    (منذ: 1 أشهر | 2 قراءة)
.