العواصم الكبرى تتحرك لمنع توسيع الحرب
قطاع غزة – باريس -لندن -واشنطن -بيروت-الزمان
القاهرة -مصطفى عمارة
قصفت إسرائيل غزة المدمرة ليلا وفق ما أعلنت حركة حماس وشهود عيان الإثنين، فيما تصاعدت الدعوات لخفض التصعيد بانتظار معرفة الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني غير المسبوق والذي أثار مخاوف من توسع النزاع.
وارسلت طهران رسائل متعددة تفيد بعدم رغبتها في توسيع الحرب وان ضربتها هي صفحة وطويت ولا نية لها تكرارها حتى الان.
وواصلت القوى الدولية الإثنين الدعوة إلى ضبط النفس بعدما أطلقت إيران ليل السبت الأحد أكثر من 300 مسيّرة وصاروخ على إسرائيل، في هجوم غير مسبوق أكد الجيش الإسرائيلي «إحباطه» واعتراض الغالبية العظمى من المقذوفات.
كشف مصدر بوزارة الخارجية للزمان أن وزير الخارجية المصري سامح شكري أجرى اتصالين هاتفين مع كل من وزيري خارجية إيران وإسرائيل حيث طلب منهما التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لمنع تصعيد الموقف بين البلدين والذي يمكن أن يجر المنطقة لانفجار شامل وان مصر على إستعداد كامل لتقديم المساعدة للبلدين لإيجاد حل للمشاكل بينهما واضاف المصدر أن وزير الخارجية اتصل عقب ذلك بوزير الخارجية الأمريكي بلينكن لاطلاعه على فحوى ما دار بالمكالمتين كما تناول الاتصال الوضع في غزة وضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وكيفية إدخال المساعدات إلى أهالي قطاع غزة.
وفي السياق ذاته كشف السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية أن هناك إتفاقا غير معلن بين كل من إسرائيل والولايات المتحدة وإيران على أن يتوقف الأمر عند هذا الحد وأن لا يكون هناك رد جديد من جانب إسرائيل أو إيران. وأشار إلى أن الهجوم الإيراني لن يؤدي إلى تخفيف وطأة الهجوم الإسرائيلي على غزة بل على العكس بعد أن حصل نتنياهو على دعم دولي في مواجهة إيران وهو الأمر الذي سوف يحدث ضرر بالقضية الفلسطينية واتفق معه في الرأي العقيد حاتم صابر خبير مقاومة الإرهاب والذي أكد أن هناك ترتيب مسبق ببن ايران وامريكا لتحديد طبيعة الرد الإيراني وهو ما مكن إسرائيل من التصدي إلى معظم الصواريخ والمسيرات الإيرانية ثم التصدي لها من جانب إسرائيل ، فيما اجمع دبلوماسيين مصريين على أن حكومة نتنياهو تحاول استدراج المشهد الإقليمي لمزيد من العنف من أجل البقاء بالسلطة مطالبين الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لمنع أي تصعيد أو رد على الهجوم الإيراني .
وفي هذا الإطار قال السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق أن حكومة نتنياهو تسعى إلى البقاء في السلطة عبر جر منطقة الشرق الأوسط إلى مواجهات خاصة بعد تصدي مصر لمخطط نتنياهو بتنفيذ هجوم واسع إلى رفح لاستعادة الرهائن والقضاء على حماس.
وأضاف إلى أن إسرائيل تسعى إلى استمرار العنف وصولا لمرحلة الانتخابات الأمريكية والذي سيمكن حكومة نتنياهو إلى البقاء في السلطة وتفويت معادلة إنهاء الحرب في غزة وصولا إلى ضغوط الإدارة الأمريكية لفرض حل الدولتين .
وفي المقابل قال اللواء محمد رشاد وكيل المخابرات المصرية الأسبق في تصريحات خاصة للزمان أنه بصرف النظر عن حجم الخسائر المترتبة على الضربة الإيرانية فإن تلك الضربة كانت رسالة إيرانية لإسرائيل بقدرة إيران على الوصول للعمق الإسرائيلي والتعامل مع الأهداف العسكرية دون التعرض للأهداف المدنية واضاف أن الرسالة الأخرى أن إسرائيل لا تستطيع فعل شيئ دون الولايات المتحدة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها بمفردها وعلى إسرائيل أن تدرك هذا وتلتزم بسياسات أمريكا في الشرق الأوسط .
وجاء أول هجوم مباشر للحرس الثوري على إسرائيل ردا على قصف دمّر مبنى قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان/أبريل، في خضم الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اجتماعا لحكومة الحرب في تل ابيب الأحد لكن لم يُتخذ أي قرار بشأن ما سيكون عليه الرد الاسرائيلي المحتمل على الهجوم الإيراني ولا موعده، وفق وسائل إعلام محلية أفادت أيضا بعقد اجتماع آخر في وقت لاحق الإثنين.
وقد حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن أي خطوة إسرائيلية «متهورة» ستثير «ردا أقوى وأكثر حزما»، بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني الاثنين إن على الدول الغربية «أن تكون ممتنة لإيران على ضبط النفس (الذي أظهرته)» في الأشهر الماضية.
وتشدد إيران على أنها «مارست حقها في الدفاع عن النفس» في هجومها على إسرائيل بعد الضربة الجوية التي استهدفت قنصليتها في دمشق وأدت إلى مقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران.
أكدت الدولة العبرية أن الهجوم الإيراني الذي تعرضت له في نهاية الأسبوع، لن يصرف اهتمامها عن الحرب التي تخوضها في القطاع الفلسطيني المحاصر.
بقية الخبر على الموقع
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري مساء الأحد «حتى أثناء تعرضنا لهجوم من إيران، لم نصرف ولو للحظة الانتباه عن مهمتنا الحاسمة في غزة لإنقاذ رهائننا من أيدي حركة حماس المدعومة من إيران».
وبينما يحاول الوسطاء التوصل إلى هدنة في غزة، تتزايد المخاوف من مخطط إسرائيلي لشن عملية برية في رفح، المدينة الواقعة في جنوب القطاع والتي باتت الملاذ الأخير لغالبية سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وقال هغاري «ما زالت حماس تحتجز رهائننا في غزة» في إشارة الى حوالى 130 شخصا، من بينهم 34 يعتقد أنهم قتلوا، تقول إسرائيل إنهم ما زالوا في غزة منذ هجوم حماس.
وأضاف «هناك أيضا رهائن في رفح وسنبذل كل ما في وسعنا لإعادتهم».
في غضون ذلك، أعلن الجيش أنه بصدد استدعاء «كتيبتين من جنود الاحتياط» للعمليات في غزة بعد حوالى أسبوع من سحب معظم القوات البرية من القطاع.
والإثنين، أفاد مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس بأن «الاحتلال يشن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي استهدفت مخيم النصيرات ومنطقة المغراقة في وسط القطاع … ومحيط المستشفى الاوروبي بجنوب شرق خان يونس، وحيي تل الهوى والزيتون».
وأفاد الدفاع المدني عن «العثور على 5 من جثامين على الاقل لشهداء تحت السواتر الرملية التي أقامها جيش الاحتلال بعد توغله في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة».
من جهتها، أعلنت سرايا القدس استهداف «تموضع للتحكم والسيطرة تابع للعدو الصهيوني في محيط جامعة فلسطين شمال النصيرات بوابل من قذائف الهاون من العيار الثقيل».
وأثارت الحرب توترا إقليميا ومخاوف من تصعيد واسع، خصوصا في ظل تبادل للقصف بين الدولة العبرية وقوى حليفة لإيران أبرزها حزب الله اللبناني.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتوعدت إسرائيل بـ»القضاء» على الحركة، وتشن عمليات قصف أتبعتها بهجوم بري، ما أدى إلى مقتل 33797 شخصا في القطاع غالبيتهم مدنيون، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
- دعوات متواصلة للتهدئة -
وفي اليومين الماضيين، تقدم الهجوم الإيراني على إسرائيل الى واجهة الاهتمام الاقليمي على حساب حرب غزة.
وعلى رغم الادانات الغربية للهجوم، توالت الدعوات الى ضبط النفس.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الأحد حذر فيها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن «لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى» وحضّ على «أقصى درجات ضبط النفس».
ودان قادة دول مجموعة السبع الهجوم الإيراني ودعوا جميع الأطراف إلى «ضبط النفس»، حسبما كتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على منصة إكس عقب مؤتمر بالفيديو.
ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس الإثنين إسرائيل الى «المساهمة في خفض التصعيد». وقال خلال زيارة الى الصين إن «الطريقة التي تمكنت من خلالها إسرائيل بالتعاون مع شركائها الدوليين… من صدّ هذا الهجوم، مثيرة للإعجاب فعلا»، معتبرا ذلك «نجاحا لا يجب التفريط به».
كما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين أن بلاده ستبذل ما في وسعها للحؤول دون التصعيد، ومثله فعلت بريطانيا على لسان وزير الخارجية ديفيد كامرون.
من جهته، أكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين «لا نريد أن نرى تصعيدا في الوضع».
وعلى رغم تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن دعم بلاده «الثابت» لإسرائيل والمساعدة التي قدمتها واشنطن لصد الهجوم، قال مسؤول أميركي كبير إن بايدن أبلغ نتانياهو بأن واشنطن لن تقدّم دعما عسكريا لأي رد على إيران.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين إعادة فتح المدارس في معظم أنحاء البلاد، بعدما أغلقت لأسباب أمنية السبت
كذلك استأنفت المطارات في إيران حركة الإقلاع والهبوط الإثنين، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.
وانخفضت أسواق الأسهم الإثنين على وقع المخاوف من نزاع إقليمي أوسع نطاقا.
- «جهود الوساطة مستمرة -
ودفعت شائعات نفتها إسرائيل عن إعادة فتح حاجز إسرائيلي على الطريق الساحلي من جنوب القطاع إلى مدينة غزة، آلاف الفلسطينيين للتوجه إلى الشمال الأحد.
وقالت بسمة سلمان وهي نازحة من غزة كانت تحاول العودة إلى شمال غزة عن الحالة التي تتوقع أن تجد منزلها فيها «مهدم أو مش مهدم سنعيش فيه. لا أستطيع البقاء في الجنوب لأنها أصبحت مليئة بالناس. لا نقدر أن نتنفس حتى. الحرب كانت (تداعياتها) سيئة جدا علينا».
في خان يونس كبرى مدن جنوب القطاع، أعلنت فرق الدفاع المدني انتشال 18 جثة على الأقل من تحت أنقاض مبان مدمرة.
وليل السبت، قالت حماس إنها قدمت ردها على مقترح التهدئة الذي قدمه وسطاء أميركيون وقطريون ومصريون خلال المحادثات التي بدأت في القاهرة في وقت سابق من نيسان/أبريل.
وأكدت حماس تمسّكها بمطالبها، خصوصا الوقف الدائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع والسماح بعودة السكان الى مساكنهم.
ورأى جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) أن «رفض المقترح… يُظهر أن (رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى) السنوار لا يريد اتفاقا انسانيا ولا عودة الرهائن، ويواصل استغلال التوتر مع إيران» ويسعى الى «تصعيد شامل في المنطقة».
لكن الولايات المتحدة قالت إن جهود الوساطة مستمرة.