×

حتى تنتمي "تامغربيت" إلى موطنها

حتى تنتمي "تامغربيت" إلى موطنها

حتى تنتمي "تامغربيت" إلى موطنها

حتى تنتمي "تامغربيت" إلى موطنها
صورة: هسبريس
الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 00:40

استأثر مفهوم “تامغربيت” خلال الأسابيع الماضية بحضور واسع في النقاش السياسي والهوياتي الذي يتفاعل مع الأحداث والوقائع التي تهم بلادنا. وتحول إلى شعار يعبر عن “خصوصية مغربية” ينظر إليها بعض المتحمسين للمفهوم باعتبارها نقطة انطلاق لمشروع مجتمعي يسعى إلى العودة إلى الذات والمصالحة معها… والواقع أن أكثر المدافعين عن “تامغربيت” محسوبون على الحركة الأمازيغية التي دأبت على إثارة سؤال الثقافة والهوية بوصفه مدخلا أساسيا للانتصار لقضايا الوطن، وتحصين المجتمع وحمايته من خطر الاستلاب الهوياتي الذي جعل الكثير من المغاربة يتفاعلون مع قضايا الشرق ويتبنونها أكثر مما يهتمون بقضاياهم الخاصة… غير أن تبني “تامغربيت” والدفاع عنها يطرح علينا مجموعة من الأسئلة: فأية خصوصية يشير إليها هذا المفهوم؟ وما علاقة “تامغربيت” بـ “تامزيغت”؟ أليست “تامغربيت” مجرد صيغة تركيبية أمازيغية للفظ مشتق من كلمة “المغرب”؟…

الحديث عن “تامغربيت” ليس وليد اليوم طبعا، لأن هذا المفهوم ظل حاضرا بصيغ وتعبيرات حمالة أوجه، لأننا قد نقرأه في سياق ما يسميه البعض “الاستثناء المغربي”، كما يمكن قراءته أيضا في علاقته بشعار “تازة قبل غزة”. وبين هذا وذاك؛ يبقى لفظ “تامغربيت” تعبيرا عن موقع جغرافي (المغرب) بوصفه مقابلا للمشرق سواء بمعنى الامتداد أو القطيعة.

تم الترويج بقوة لما يسمى “الاستثناء المغربي” خلال المرحلة التي سميت إعلاميا بالانتقال الديموقراطي؛ عندما قاد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حكومة “التناوب التوافقي” في نهاية تسعينيات القرن الماضي؛ وهي الفترة التي بدا معها المغرب يسير بخطوات حثيثة نحو واقع حقوقي جديد مع تأسيس “هيئة الإنصاف والمصالحة”. وقد كانت تلك خطوة غير مسبوقة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. حينها نجحت السلطة في إقناع فئات عريضة من المغاربة بحقيقة هذا الاستثناء الذي تم استخدامه على نطاق واسع بحمولة احتفالية…

وعندما هبت رياح ما سمي بـ”الربيع الديموقراطي” على عدد من دول المنطقة، عاد “الاستثناء المغربي” إلى التداول من جديد، ونجحت السلطة في تكريس وتسويق خطاب رسمي مفاده أن الواقع السياسي والاجتماعي المغربي لا يمكن أن يكون استنساخا لأي تجربة سواء كانت شرقية أو غربية. وهو ما ترجم عمليا من خلال أسلوب التعامل مع مطالب حركة 20 فبراير، وما تلا ذلك من تعديل دستوري في يوليوز 2011، ووصول الإسلاميين إلى الحكومة بعد الانتخابات التشريعية في نونبر من نفس السنة.

يمكن القول إذن بأن “الاستثناء المغربي” هو تعبير سلطوي عن “تامغربيت” ما دام خطاب الخصوصية نفسه هو الذي يحكم استخدام المفهومين؛ لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا يتعلق بطبيعة هذه الخصوصية وإمكانية استثمارها للوصول إلى المغرب الذي نحلم جميعا ببنائه ونفخر بالانتماء إليه. لذلك تعالت الكثير من الأصوات خلال السنوات الأخيرة التي رفعت شعار “تازة قبل غزة”. وهو منطق يبدو مرادفا أيضا لصيغة “تامغربيت” التي نحن بصدد مناقشتها هنا.

هذا الشعار يبدو أكثر تعبيرا عن الخصوصية المغربية. لكنه يطرح باستمرار سجالا إيديولوجيا، خصوصا وأنه يطفو إلى الواجهة كلما تعلق الأمر بموقف ما يرتبط بالقضية الفلسطينية. وهو ما شهدناه خلال الأسابيع الأخيرة عندما تم الإعلان عن استئناف العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء؛ حيث تم عاد الشعار للتداول بقوة، وذلك من منطلق أن قضايا الوطن ينبغي أن تكون فوق كل اعتبار، ويجب أن تحظى بالأولوية والاهتمام قبل أي أمر آخر…

منطق “تازة قبل غزة” ليس موقفا عدائيا ولا عنصريا أو إقصائيا، بل هو دعوة إلى العودة إلى الذات من خلال تبني قضايا هذا البلد قبل احتضان قضايا الآخرين. إنه منطق “المغرب أولا” الذي تحركه الحاجة إلى التنمية بكل دلالاتها وتشعباتها وأبعادها… ومن تم فإن فهم مطلب “تامغربيت” استنادا إلى هذا المنطق لا يمكن أن يتحقق بدون استحضار المحدد الهوياتي باعتباره الأساس الذي يحكم هذا التوجه. واختيار هذه الصيغة الدارجة بتركيب أمازيغي يحيلنا على مغرب متعدد ومتنوع، لكنه يتصل بينبوع واحد ووعاء مشترك يتجلى في الأمازيغية.

“تامغربيت” إذن هي “تامزيغت” بمنطق التاريخ والجغرافيا. وحتى لا يتحول المفهوم إلى مجرد “لعبة لغوية” بتعبير الفيلسوف لودفيغ فتجنشتاين، ينبغي أن يظل جوهر “تامغربيت” هو الهوية الأمازيغية للمغرب على مستوى الأرض واللغة والإنسان. وعندما ندرك جميعا أن الخصوصية المغربية تتجلى في ثقافتنا وعاداتنا وسلوكاتنا وأعرافنا وموروثنا الحضاري؛ حينها سنفهم معنى الانتماء لهذه الأرض وهذا الوطن، وحينها فقط ستعبر “تامغربيت” عن أرضها وموطنها وأبنائها.

‫تعليقات الزوار

4
  • مواطن
    الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 15:19

    لا فض فوك، تفصيل شافي و كافي لتمغربيت ومعناها الحقيقي وليس كما يريد البعض لاستغلال تمغربيت كحق يريد منه باطل

  • محمد
    الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 19:15

    تبارك الله عليك سي محمد الأستاذ الفاضل تحليل منطقي وموضوعي بدون عاطفة .

  • no pasarán
    الثلاثاء 23 فبراير 2021 - 20:02

    بدأتم بحلم تمازغا الممتدة من الوهم إلى الهذيان. ثم اكتشفتم أن هذيان تمازغا ليس أكثر من هذيان.
    ثم تراجعتم ألف خطوة إلى الوراء وصرتم تحلمون الآن بتمغربيت عوضها. وستكتشفون قريبا أن هذا كذلك ليس أكثر من هلوسات غبية مستحيلة، لأن في هذا الوطن شعب مغربي عربي مسلم حر لن يسمح للفاشيست بقرصنة وطنه.

    وقريبا ستتراجعون ألف خطوة إضافية إلى الوراء، وتطالبون بمحميات لكي لا ينقرض الكائن البربرستاني المتصهين. وحتى هذا لن تحصلوا عليه، لأن أيديولوجية البربريست العنصرية مآلها مزبلة التاريخ مثل النازية والصهيونية ونظام الأپارتهايد العنصري الجنوب إفريقي.

    من حقكم أن تهلوسوا وتهذوا وتحرروا غبي المقالات الفاشية، فهذا لا يمنعه قانون. يمجه فقط الذوق السليم. ومن حقكم أن يكون لكم ذوق منحط وتفكير سمج.

  • alfarji
    الأربعاء 24 فبراير 2021 - 10:34

    أسس الغرب للقومية في القرون الوسطى و تخبط فيها لقرون، وكنا نحن نعيش كأخوة بأمن و أمان تحت راية واحدة (الإسلام و اللغة العربية) بإحترام خصوصيات الجميع (مسلما كان أو يهوديا أو مسيحيا) بجميع إمارت و سلطنات الأمة الشبه مستقلة.
    للتخلص من القومية بأوربا أسسوا للوطنية بعد الحروب العالمية (فهل المغاربة الذين تفرنسوا اليوم يراهم الفرنسي من أصول أوربية فرنسيين؟ وبماذا الهنود الحمر هم أمركيين؟ … )، وأطرقنا نحن المسمار الأخير في نعش إتحادنا لنأسس للوثنية (وطنية عند البعض قومية عند الٱخر) التي أبادها الإسلام منذ 14 قرنا (ننبش بقبور الفراعنة بمصر لإحياء عالم الظلومات … و ننبش بقبور كسيلة عميل البزنطيين بالمغرب …)

    هاهي اليوم الوطنية أصبحت قومية بدون قوم وتسير إلى الإنهيار حتى في أذهان مؤسسيها الغرب، وصار الإتحاد عندهم سبيل رغم تعدد ألسنهم و دياناتهم (ألمانية إسبانية إيطالية فرنسية إنجليزية ..) (من لايكيين و ملحدين و كاتوليك وبروتستان و أرطدوكس و… ) والبعض منا لازال يهلل و يطبل لقوميتهم و وطنيتهم و وثنيتهم …

    الأمم تسير إلى الإتحادات و نحن نسير إلى الوثنية

صوت وصورة
حوار "الباطرونا" والنقابات
الأربعاء 8 ماي 2024 - 21:30 2

حوار "الباطرونا" والنقابات

صوت وصورة
أكاديمية المملكة وتماسك الأسرة
الأربعاء 8 ماي 2024 - 20:37 1

أكاديمية المملكة وتماسك الأسرة

صوت وصورة
أوزين يخاطب حكام الجزائر
الأربعاء 8 ماي 2024 - 19:36 6

أوزين يخاطب حكام الجزائر

صوت وصورة
"الجيل الأخضر" ودعم الفلاحة التضامنية
الأربعاء 8 ماي 2024 - 18:00

"الجيل الأخضر" ودعم الفلاحة التضامنية

صوت وصورة
الشامي والشباب الضائع
الأربعاء 8 ماي 2024 - 17:08

الشامي والشباب الضائع

صوت وصورة
الحوار الاجتماعي والدولة الاجتماعية
الأربعاء 8 ماي 2024 - 16:30 3

الحوار الاجتماعي والدولة الاجتماعية

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 47 قراءة)
.