بغداد- عبدالحسين غزال
تظاهر آلاف العراقيين الأحد في الذكرى الأولى لثورة تشرين، في اصرار على تجديد الدعوة لإصلاح الأوضاع ومعالجة البطالة وتحسين الخدمات الأساسية والحد من تزايد نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لإيران.وشهدت مناطق العلاوي وجسر السنك وجسر الجمهورية في العاصمة مواجهات أسفرت عن إصابة أكثر من 50 متظاهراً ونحو 35 من رجال الأمن. وقال مصدر أمني إن معظم الإصابات في صفوف المدنيين نجمت عن العصي التي تستخدمها قوات مكافحة الشغب، فيما كانت أغلب إصابات عناصر الأمن ناجمة عن الحجارة التي رماها المتظاهرون.
وأعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللوء يحيى رسول، إن «مجموعة محسوبة على المتظاهرين رمت رمانات يدوية على القوات الأمنية المكلفة تأمين التظاهرات في بغداد، ما أدى إلى جرح اثنين من الضباط و30 من منتسبي فوج طوارئ الثاني». وكان الأول من تشرين الأول 2019 أشعل الشرارة الأولى للاحتجاجات التي بدأت بشكل عفوي للمطالبة بتغيير الطبقة السياسية.
وشهد أول يوم في تظاهرات هذا العام، صدامات عندما حاول متظاهرون اقتحام المنطقة الخضراء، حيث مقرّ الحكومة، آتين من ساحة التحرير في وسط العاصمة، وحاولوا عبور جسري الجمهورية والسنك الذي يؤدي أيضاً الى مقر السفارة الإيرانية.
وأسفرت الصدامات التي تخللها رشق الحجارة وقنابل غاز واخرى صوتية وضرب بالهروات، عن إصابة حوالى 50 شخصاً من المتظاهرين وقوات الأمن، حسب مصادر أمنية وطبية.
في غضون ذلك، خرجت تظاهرات مماثلة في مدن النجف والناصرية والكوت الحلة والديوانية والعمارة والبصرة، جميعها في جنوب البلاد، دون وقوع حوادث. وتفتح الاحتجاجات الباب أمام احتمالات كثيرة في بلد تحوّل فيه غضب جيل شاب العام الماضي لما يوازي حمام دم بعد مقتل قرابة 600 متظاهر وإصابة 30 ألفا إضافة إلى اعتقال المئات، الى جانب اغتيالات وخطف لناشطين تتهم الأمم المتحدة «ميلشيات» بالوقوف ورائها. من جانبه، كرر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي وصل لمنصبه على أمل إنقاذ البلد من التدهور، بأنه أمر قوات الأمن بعدم استخدام السلاح ضد المتظاهرين. لكن هذا الأمر يعد صعبا للغاية في بلد عاش صراعات وحروبا متلاحقة منذ أربعة عقود.
وتوافد مئات المتظاهرين من مدن متفرقة في وسط وجنوب العراق ليشاركوا في الاحتجاجات التي تجري اليوم في ساحة التحرير وقرب المنطقة الخضراء حيث مقرّ الحكومة والبرلمان وسفارات أجنبية بينها الأميركية. وقالت المتظاهرة بتول حسين، طالبة جامعية كانت تهتف «نريد وطن» في ساحة التحرير، لفرانس برس «لم يتغير شيء، مرّت سنة وما زلنا نريد وطناً، ونريد الخلاص من الفاسدين في الحكومة وما زلنا نريد معرفة من قتل المتظاهرين العام الماضي». وقال عدي جابر، ناشط مدني في تظاهرات خرجت في الناصرية (جنوب)، إن «الشباب الذين تشاهدونهم خلفي وأمامي، خريجون (لكن) بلا عمل، وفقدوا أصدقاء وأصيبوا بجروح». وتابع أنّ ثمة «عائلات أعطت شهداء في سبيل العراق ولم تحصل على شيء بسبب سياسيي المنطقة الغبراء وليس المنطقة الخضراء».
واضاف مخاطباً السياسيين «نحن امامكم (…) أين ستفرون! سنقاضيكم ونحيلكم إلى محاكم دولية».
وما زال خطر عودة العنف قائما في العراق الذي عاش حروبا وصراعات استمرت لعقود، خاصة مع تواصل مساعي جماعات مسلحة لفرض نفوذها في هذا البلد الذي تنتشر فيه فصائل تتحدى سلطة الحكومة.
قال مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية إن المتظاهرين الذين تمسكوا بالبقاء خلال العام الماضي في ساحة التحرير، تمكنوا الأحد من عبور أول حاجز من أصل ثلاث حواجز اسمنتية وضعتها قوات الأمن عند مداخل جسور تؤدي الى المنقطة الخضراء شديدة التحصين والتي تمتد على نهر دجلة ويصل طولها ل10 كيلومترات. وقال المحامي سجاد سلام، أحد أبرز الناشطين في الاحتجاج وقد جاء إلى العصمة مع مئات المتظاهرين من مدينة الكوت، «نريد حل البرلمان واجراء انتخابات شفافة وحصر السلاح بيد الدولة ومحاكمة قتلة المتظاهرين».
ويواجه العراق تدهوراً اقتصاديا بسبب تراجع أسعار النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد، ما أدى لتأخير صرف رواتب الموظفين الحكوميين المتقاعدين الذين تشكل نسبتهم واحدا من بين كل خمسة عراقيين.
وقال مصطفى الكاظمي الذي وعد سابقا بالعمل على إجراء انتخابات مبكرة منتصف عام 2021، في كلمة تلفزيونية مساء السبت، إنه سيعمل على إنصاف «شهداء» تشرين الأول/أكتوبر 2019، وعلى تحويل أحد أكثر الاقتصادات اعتمادًا على النفط في العالم.
ورغم مرور عام كامل، لم يتحقق «أي إصلاح» وفق المتظاهرين، فضلاً عن أنّ البرلمان الذي يهيمن عليه نواب موالون لإيران لم يصوت بعد على قانون الدوائر الإنتخابية أو على ميزانية عام 2020، وهما من ضمن المشاريع الرئيسية للحكومة.