×

العلم والغطرسة – ثامر مراد

العلم والغطرسة – ثامر مراد | Azzaman

العلم والغطرسة – ثامر مراد

العلم والغطرسة – ثامر مراد

التاريخ لايرحم وحكايات المعذبون في الارض لاتنتهي مهما تقدم الزمن وتباينت الظروف التي ظهرت فيها تلك الحكاية. حينما شاهدت الدكتور – طالب البغدادي – يتحدث عن حكايته مع – صدام – شعرت ان هذا العالم كم هو قاسٍ بكل ماتعنيه هذه العبارة من معنى . أحسستُ ان الانسان في بلدي حينما يتسنم موقع رسمي متميز ويكون ناطق بالقرار الذي يستطيع من خلاله ان يحيل حياة بعض افراد البشر في هذا البلد الى جحيم حقيقي – يتحول الى شيء آخر لاينتمي الى صفة البشر ان صح التعبير. الكلام في هذه اللحظة عقيم لايمكن ان استطيع من خلاله التعبير عن مدى البؤس الذي يحيط بمشاعري مهما حاولت والكلمات صارت ليس لها قابيلة اماطة اللثام عن حزني المتفجر وانا التهم كل كلمة يتفوه بها – ذلك الدكتور البائس – وهو يحاول الدفاع عن نفسه امام حاكم جائر لايعرف الا سطوة التدمير لكل من يحاول ان يُظهر عيوبه ولو بطريقة لم تكن مقصودة ابداً. حينما دخلت كلية الاداب – قسم اللغة الانكليزية عام 1978 كنتُ احلم ان اعمل باي وظيفة قريبة من صدام مهما كانت بسيطة فقد كانت ثورة الشباب تفور في داخلي وتحيل طوحي الى براكين هائجة ولكن لم يتحقق لي ذلك لأسباب كثيرة تتعلق بالتنظيم الحزبي ولعدم وجود واسطة تشفع لي . كنتُ اظن ان صدام لايمكن ان يخطيْ لحظة واحدة ولايمكن ان يعذب فردا من افراد هذا الشعب الا ان تقدم الزمن ونضوج الذهن يوما بعد آخر وجدت ان كل كلمة يتفوه بها صدام او اي فرد من افراد الحزب ماهي الا وهم وخيال كبير يضحكون بها على الشعب- والحمد لله لأنني لم اجد وظيفة قريبة من صدام . كيف يمكن لحاكم ان يعذب شخص بمستوى الدكتور طالب البغداي لمجرد انه عبر عن رأيه في مقولة – من لاينتج لايأكل – او من لايعمل لايأكل. كان الدكتور يشرحها لطلابة بطريقة علمية – اكاديمية الا ان الواشون المجرمون نقلوها الى – سيادة النائب صدام – بطريقة كيدية جعلت هذا العالم الكبير يدفع ثمنا باهظا في ذلك الزمن. بسبب العنجهية والغطرسة الفارغة التافهه جعلت ذلك الحاكم يتقد شعلة من الغضب لأن شخصا ما من هذا الشعب اظهر عيبا من عيوبه ونقصاً كبيرا في ثقافته وعلمه. ماذا لو كان صدام قد تقبّل المسألة برحابة صدر وخاطب سيادة الدكتور طالب بكلام جميل وربت على كتفه واستحسن منظوره العلمي وقربه الى الدولة واستفاد من علمه بدلا من تلك المعاملة المخجلة المخزية في حق عالم من علماء العراق.القضية ليست بهذا الشكل او ذاك لكنها قضية تتعلق بنقص في الشخصية وعدم قبول الطرف الآخر بتوجيه اي نقد – ولو كان بناءأً- . مات صدام وصار جزءا اسود من تاريخ العراق المظلم وعاش الدكتور طالب البغدادي رغم قساوة الألم الذي خط على روحه وجسده سنوات طويلة. هذا هو التاريخ لايرحم مهما كان الفرد يتمتع بجاهٍ وحسب ونسب. تحية لكل علماء العراق الذين حطمهم صدام وسحقا لكل حاكم لايحترم شعبه في اي دولةٍ من دول هذا العالم الفسيح.

مشاركة
2

العراق      |      المصدر: الزمان    (منذ: 4 سنوات | 14 قراءة)
.