مظهر شاهين: التبرؤ من الأغاني بعد الموت تناقض بين الدين والعقل

كتب- محمد أبو بكر: قال الدكتور مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وإمام وخطيب مسجد عمر مكرم، إنه في الآونة الأخيرة توالت التصريحات من بعض المطربين والفنانين تفيد بأنهم يوصون بحذف أعمالهم الغنائية بعد وفاتهم، وهو ما يستدعي وقفة جادة مع هذا التناقض البيِّن بين القول والعمل، لا من باب التشهير أو الإدانة، وإنما من باب النصيحة والتذكير، وتحكيم العقل والدين.

وأوضح شاهين: “إن كانت هذه الأعمال من غناء أو كلمات أو ألحان حلالًا كما يزعمون في حياتهم، فلماذا يُوصى بحذفها بعد الممات؟ أبعد الموت تتجلى الحقيقة؟ أم أن الإنسان يُفيق عند اقتراب الحساب، فيدرك ما كان يتغافل عنه، ويعجز عن مواصلة خداع نفسه؟ أم أنه يتوهم أن بإمكانه خداع الله بوصية تُمحى بها آثاره بعد موته، بينما لم يتب عنها في حياته؟”.

وأضاف: “وإن كانت هذه الأغاني محرمة أو مشبوهة في نظرهم، فلِمَ أقدموا عليها؟ وكيف رضوا أن تكون مصدر رزقهم ومعاشهم؟ وإذا كانوا يتبرؤون منها عند الموت، فماذا عن المال الذي جُني من ورائها؟ أهو مال طيب أم مشوب بشبهة لا يُدرى حكمه؟ وهل يكفي أن يُنفق منه على النفس والأهل، أو يُتصدق ببعضه، ليُطهَّر من دنس ما جنته الأيدي؟” واستشهد بقول الله تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}.

وتابع: من كان صادقًا في توبته فليُبادر اليوم إلى محو ما يراه منكرًا في حياته، لا أن يؤجله إلى حين لا يملك فيه تغيير شيء، ومن كان يرى عمله حلالًا، فليتحمل مسؤوليته كاملة أمام الله، دون أن يتنصل منه عند دنو الأجل، فالحلال لا يُتبرأ منه، ولا يُستحى من الإبقاء عليه.

ولفت إلى أن التناقض بين إعلان البراءة من العمل بعد الموت، والمضي فيه أثناء الحياة، لا يليق بمن يحترم دينه أو عقله أو ضميره، وإن الصدق مع الله يقتضي وضوح الموقف، لا ازدواجية في المواقف، فلنراجع أنفسنا، فإن ما بعد الموت ليس محل تجميل أو تدارك، بل هو وقت الجزاء والحساب: {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} .

اقرأ أيضًا:

مصر      |      المصدر: مصراوي    (منذ: 5 ساعة | 1 قراءة)
.