نشطاء حقوقيون ينتفضون ضد "تعديلات تقييدية" على المسطرة الجنائية
لم يمنع “لهيب” شمس يوليوز من انبعاث ديناميات احتجاجية رافضة لـ”تعديلات مشروع قانون المسطرة الجنائية” بالمغرب، وتحديدا المادتين 3 و7 من مشروع القانون رقم 03.
23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.
01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الذي أقرّه بالأغلبية مجلس النواب في جلسة تشريعية، أعقبت مصادقة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان عليه، منتصف ماي الماضي، بعد “مناقشات وسجالات ماراثونية”.
الوقفة الاحتجاجية المنظمة اليوم الثلاثاء أمام مقر البرلمان، التي التأم فيها ناشطون وناشطات من جمعيات حقوقية مهتمة بمكافحة الفساد وحماية المال العام ومحاربة الرشوة، المشكّلة لـ”المبادرة المدنية ضد التعديلات المقترحة من الحكومة ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية”، جاءت بعد “تهديدها رسميا بتدويل الملف عبر اللجوء إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة”، وفقا لما أُعلن خلال ندوة صحافية الأسبوع الماضي احتضنها مقر الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرانسي المغرب).
#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وعرفت الوقفة ذاتها، حسب معاينة جريدة هسبريس الإلكترونية، رفع “شعارات قوية” ولافتات تحمل مضمون مطالب واضحة وتعبر عن “استمرار (المبادرة) في تصدّيها ورفضها” للتعديلات الحكومية المقترحة على مشروع المسطرة الجنائية، الذي بلغ مراحل التشريع في محطة الغرفة البرلمانية الثانية (المستشارين).
ومن أبرز الشعارات التي رددتها حناجر المحتجين: “واش بغيتونا نْسْكتُو باش تديرو اللي بغيتُو”، و”باش تنهبو الثروات.
.
بغيتُو تحرمو وتحارْبُو الجمعيات”.
وفي اللافتات المرفوعة كتُبت عبارات من قبيل: “تعديلات غير دستورية وتتناقض مع التزامات المغرب الدولية”، و”تعديلات الحكومة الحالية تتناقض مع مضمون الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد”، و”التبليغ عن جرائم الفساد ونهب المال العام والرشوة والمطالبة بالتحقيق القضائي مسؤولية المجتمع المدني كذلك”.
بينما شددت لافتة أخرى على أن “الاحتجاج مستمر من أجل وضع حد لهذا الانحراف التشريعي الذي تعرضه الحكومة الحالية على البرلمان”.
كما انتقد المحتجون، بشدة، “تعديل المادتين 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية بالشكل الحالي”، مسجلين رفضهم له لأنه “يستهدف أدوار المجتمع المدني في مكافحة الفساد وحماية المال العام”، قبل أن يطالبوا بـ”سحب التعديلات التي طالت المادتين الثالثة والسابعة ضمن نسخة مشروع القانون 23.
03”.
عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أورد في تصريح لهسبريس على هامش مشاركته في الوقفة أن “الأخيرة تهدف إلى لفت الانتباه لهجوم مستمر على الجمعيات الحقوقية والجادّة والمستقلة، بما في ذلك أدوراها في فضح ممارسات الفساد وحماية المال العام”.
وقال الفاعل الحقوقي عينه إن “الهجوم يأتي في إطار تعديلات قانون المسطرة الجنائية وتأثيرها على الحقوق والحريات الأساسية”، منبها إلى أن “الجمعيات بالمملكة، فضلا عن كونها تُحرم أحيانا من حقوقها في التنظيم والتعبير، فإن حقها في التبليغ عن الفساد وحماية المال العام يتعرض حاليا لانتهاك جديد”.
وأبرز تشيكيطو أن “الوقفة تهدف لتنبيه الرأي العام إلى المكائد التي تستهدف الترسانة التشريعية لبلادنا”، معتبرا أن “اعتماد التشريعات الحالية بمقترحات الحكومة تعزز الفساد وتمنع المحاسبة وربط المسؤولية بالمحاسبة، كمبدأ دستوري”.
بدوره أشار محمد العوني، عضو “المبادرة المدنية للترافع من أجل التصدي للتعديلات المقترحة على المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية”، إلى ما وصفه بـ”نجاح الندوة الصحافية التي عقدت لتقديم المذكرة الترافعية”، مفيدا بأنه “تم تحقيق زيادة عدد الجمعيات المستعدة للانضمام للمبادرة”.
وقال العوني، مصرحا لهسبريس على هامش حدث الاحتجاج، إن “المبادرة مستمرة ببرنامج نضالي مرن يشمل أيضا التعاون مع لجنة التشريع والعدل في مجلس المستشارين، من خلال إمكانية تنظيم يوم دراسي حول التعديلات والمشروع برمته”.
كما أوضح المصرح ذاته، الذي يشغل مهمة رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، أن “العمل يركّز على تجميع الملف الترافعي والتعاون مع الفرق البرلمانية والمنظمات المدنية الأخرى قبل المرور إلى تفعيل خطوة التدويل، لكننا نرجّح مبدئيا العمل على الترافع في الساحة الوطنية ومن داخل المؤسسة التشريعية أيضا”، قبل أن يختم بأن “هناك غيابا لإرادة حكومية لمحاربة الفساد رغم مقترحات وآراء أدلت بها حول مشروع القانون مؤسسات دستورية، أبرزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”.
يشار إلى أن الجمعيات الحقوقية المشكلة للمبادرة المذكورة، بعد تذكيرها بالمقتضيات الدولية التي تدافع عن دور المجتمع المدني في فضح الفساد والرشوة، سجلت أن ما سمته بـ”الانحراف التشريعي” يتناقض مع التزامات المغرب الدولية في هذا الاتجاه من خلال سن قيود تفرضها المادة 3 على مباشرة الدعوى العمومية بخصوص الجرائم التي تمس الأموال العمومية، وتلك التي تمنع المادة 7 بموجبها اللجوء إلى العدالة من طرف الجمعيات.