ورقة بحثية: إسرائيل تشن حربًا داخل إيران.. تفكيك الثورة دون إسقاط الدولة

كشفت بحثية صادرة عن مركز الذكاء السياسي ومؤسسة مدى للرؤية الاستراتيجية بلندن أن الضربات العسكرية التي تنفذها في العمق منذ 13 يونيو/حزيران 2025، تمثل "عملية مركبة" تهدف إلى إعادة تشكيل النظام الإيراني من الداخل، وليس إسقاطه أو تدميره كما يُروّج.
الورقة التي أعدها الباحث د.
مصطفى الوهيب، وصدرت بعنوان "الاشتباك الإسرائيلي مع إيران: قواعد واليوم التالي لإيران", تطرح فرضية مفادها أن الحرب الإسرائيلية ليست سوى غطاء لعملية استخباراتية داخلية تسعى لإضعاف "التيار الثوري" وتمكين "تيار إيراني بديل" أكثر اعتدالًا وقابلية للانخراط في المنظومة الدولية.
حرب ناعمة لتغيير القيادة ترى الورقة أن الحرب الجارية تندرج في سياق عملية انقلاب سياسي ناعم داخل إيران، يتم فيها تفكيك نفوذ الحرس الثوري ومراكز القرار العميقة، لصالح تيار تكنوقراطي - إصلاحي يُشار إليه في الورقة بـ"التيار الإيراني".
هذا التيار يتميز بانفتاحه على الغرب، وتفضيله لعقيدة "الدولة الإيرانية" على حساب "الثورة الإسلامية"، وهو ما تراه كل من إسرائيل والولايات المتحدة حلاً مثالياً لإعادة صياغة السلوك الإيراني دون تفكيك الدولة أو زعزعة استقرارها الإقليمي.
تصفية ناعمة لأذرع الثورة وفقًا للورقة، فإن العمليات الإسرائيلية تستهدف: اغتيال قادة الصفين الأول والثاني في التيار الثوري، ضمن سلسلة بدأت باغتيال قاسم سليماني ولاحقت لاحقًا إبراهيم رئيسي، ضرب الأذرع الإقليمية للتيار الثوري في غزة وسوريا ولبنان، من خلال تعاون استخباراتي مع جهات محلية (بينها النظام السوري وفق الورقة)، واستدراج حماس إلى فخ 7 أكتوبر ثم التخلي عنها، ضمن استراتيجية لتجفيف منابع دعم إيران الخارجي.
أهداف غير معلنة للحرب ترصد الورقة أهدافًا متعددة للولايات المتحدة وإسرائيل، من أبرزها: إضعاف أو تفكيك البرنامج النووي الإيراني، إعادة احتكار القوة النووية في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، دفع إيران للانتقال من محور روسيا ـ الصين إلى المحور الأمريكي، إتاحة مخرج سياسي لحكومة نتنياهو من حرب غزة، وربما تعزيز أوراقه الانتخابية.
وتؤكد الدراسة أن كلاً من تل أبيب وواشنطن لا تسعيان لإسقاط النظام الإيراني بالكامل، بل إلى تغييره من الداخل بطريقة تضمن عدم انهياره.
مفاتيح إنهاء الحرب بيد واشنطن ترى الورقة أن الولايات المتحدة، وليست إسرائيل أو إيران، هي الجهة الوحيدة التي تمتلك مفاتيح إنهاء هذه الحرب، عبر أحد السيناريوهات التالية: ـ ضغوط دبلوماسية دولية في حال توسّع الحرب إلى أطراف إقليمية مثل حزب الله أو الحوثيين.
ـ حدوث تلوث إشعاعي أو أزمة طاقة قد تُجبر الجميع على وقف القتال.
ـ نفاد الإرادة السياسية لدى أحد الأطراف، خاصة في حال امتداد الحرب وخسائرها.
"اليوم التالي" لإيران: تغيير لا انهيار تحلل الورقة سيناريوهات ما بعد الحرب، وتطرح نتيجتين رئيسيتين: ـ في حال فشل إسرائيل: سيخرج التيار الثوري أقوى، وتستمر إيران الثورة.
ـ في حال النجاح الجزئي أو الكامل: سيتم تمكين تيار جديد داخل النظام الإيراني، مع احتمال بقاء "المرشد" كرمزية دينية، لكن بسلطة تنفيذية جديدة منفتحة غربيًا.
حرب لإعادة صياغة إيران لا لكسرها تؤكد الورقة أن الحرب الجارية ليست عسكرية فقط، بل سياسية واستخباراتية بالدرجة الأولى، وتهدف إلى إعادة ترتيب البيت الإيراني من الداخل، على نحو يتيح شراكة مستقبلية مع الغرب دون تغيير نظام الحكم شكليًا، وإنما عمليًا.
وتخلص الورقة إلى أن ما يجري في إيران اليوم ليس صراعًا مع إسرائيل فقط، بل صراع داخلي بين تيارين على روح وهوية الجمهورية الإسلامية.