كيف يُفرق الطفل بين الصداقة الحقيقية والسامة؟
أبناؤنا بداية من عمر 9 سنوات وحتى مرحلة المراهقة، يبحثون عن الشعور بالأمان والصحبة والانتماء، يحتاجون إلى شخص يسمعهم، صديق يضحك معهم، يقف بجانبهم في أزماتهم، ويساندهم وقت اضطراباتهم، لكن هل يجيد الطفل التعرف إلى هذه الصداقة الآمنة؟وهل هناك علامات للصديق الصدوق الذي يحمل تلك الصفات الطيبة؟في المقابل يحدث -أحياناً- أن يكون هذا الصديق هو نفسه مصدر الضغط، والأذى، والاضطراب؛ حيث نراه يختفي وقت الحاجة، ويظهر حالة المنفعة، والصداقة -كذلك- التي يتمسك بها ويدافع عنها الطفل أو المراهق، ما هي إلا صداقة ضارة سامة، تضر ولا تنفع!في هذا التقرير تُطلعنا الدكتورة سامية الألفي أستاذة التربية وتعديل السلوك، على أن مهمة العلاقات الإنسانية كالصداقة، أن تبني لا تهدم، والصديق الحقيقي لا يؤلم عمداً، كما تكشف لنا كيف نفرق بين الخلافات العادية والمناوشات السامة، وما هي طرق حماية النفس؟ما هي الصداقة؟الصداقة الحقيقية: أسرار واحدةالصداقة الصحية: تعتذر وتصحح الخطأ، تمنحك ، فيها أخذ وعطاء، واحترام للحدود.
الصداقة السامة: تتجاهل ألمك أو تلومك، تستهلك طاقتك، فيها أخذ فقط.
كيفية بناء صداقات صحية من البدايةصديقان تجمعهما المحبة الصادقةكُنْ نفسك: لا تتصنع شخصية لترضي أحداً.
اخترْ منْ يُشبهك في القيم: الشخص الذي يقدّر عائلته، يحترم الآخرين، ويتعامل بلطف.
راقبْ الأفعال وليس الكلمات: كثيرون يقولون إنهم " للأبد"، لكن الأفعال هي المعيار الحقيقي.
امنحْ العلاقة وقتاً : حتى تتبين الأمور وتظهر المواقف الحقيقية، ولا تتسرع في كشف أسرارك أو التعلق الشديد.
ما هي الصداقة السامة؟المحبة والتقدير والأخذ والعطاء سمات للصداقة السامة هي علاقة تشعر فيها أنك دائماً تحت الضغط، خائف من فقدان الطرف الآخر، أو مضطر للتنازل عن نفسك من أجل إرضائه.
فيها : أنت تعطي وتُرهَق، والآخر خلل كبير في التوازن، يأخذ ويتحكم، ربما لا ترى الأمر في البداية، لكن مع الوقت، تبدأ تشعر بما يحدث.
إشارات تنبهك إلى: الصداقة السامةأطفال تجمعهم صداقةيُشعرك دائماً أنك أقل منهيقارنك دائماً بالآخرين، يستهزئ بملابسك، شكلك، أو حتى طموحاتك، الصديق السام يُشعرك بأنك لست جيداً بما فيه الكفاية، فتظل دائماً تحاول إثبات نفسك له.
يسخر من مشاعرك ويستخف بمشاكلكحين تحكي له أنك تعاني من ضغط دراسي أو مشاكل في البيت، يضحك أو يغير الموضوع أو يقول: "أنت بتبالغ".
هذا التقليل من شأن مشاعرك يترك أثراً نفسياً كبيراً مع الوقت.
يصادقك فقط عند الحاجةيرسل لك الرسائل عندما يحتاج شيئاً: واجب دراسي، تذكرة حفلة، بعد انفصال عاطفي، ولا يتواجد عندما تكون أنت المنهار .
يغضب إذا اقتربت من غيرهالصديق السام لا يريد أن تكون لديك صداقات أخرى، يغار من أي تقارب بينك وبين شخص جديد، وكأنك ملكه الخاص، وقد يخلق مشاكل لتبعد عن الآخرين.
يشجعك على فعل ما يخالف قِيَمكيضغط عليك لتجرب التدخين، يدفعك لتتحدث بأسلوب سيء مع أهلك، يشجعك على التغيب عن المدرسة، أو أن تتصرف ضد قناعاتك؛ لتثبت له أنك متعاطف معه، مؤيد لقراراته، وهذا النوع من الأصدقاء هو أخطرهم.
ينشر أسرارك وقد يستخدمها ضدكقد تبدأ العلاقة بثقة، لكن في أو انتقام، تجده ينشر ما قلته له في السر أو يهددك به، هذا التصرف مؤذٍ نفسياً بشكل عميق.
تعود من لقائه غير سعيدليس شرطاً أن يكون الصديق السام عدائياً بشكل مباشر، أحياناً يُرهقك عاطفياً بكثرة الشكوى، الدراما، طلبات الدعم دون مقابل، أو المزاج المتقلب.
مع العلم بأنه ليس كل خلاف يعني أن الصداقة انتهت، فالأصدقاء الحقيقيون يختلفون أحياناً، وقد يقولون كلمات مؤذية في لحظة غضب.
لكن الفارق هنا.
طرق للحماية من الصداقة السامةفتى وفتاة تربطهما صداقة وهواية واحدةضع حدوداً واضحة: لا تخجل من قول: "لا أحب هذا الأسلوب"، أو "لا أريد أن أتكلم عن هذا الآن"، واعرف أن وضع الحدود ليس قسوة، بل احترام لذاتك.
استمع إلى مشاعرك الداخلية: هل تشعر بالتوتر كلما وصلتك رسالة منه؟ هل تقابله وأنت متردد؟ مشاعرك تنبهك غالباً قبل وعيك الكامل.
ابتعد تدريجياً: إذا كنت لا تستطيع المواجهة مباشرة، يمكنك تقليل التفاعل تدريجياً: لا ترد سريعاً، لا تبادر دائماً، لا تشاركه كل تفاصيلك.
تحدّث مع شخص تثق به: صديق ناضج، أحد الوالدين، معلم، أو مستشار نفسي؛ مشاركتك لما يحدث قد يفتح عينيك على حقائق كنت تبررها لنفسك.
لا تشعر بالذنب: أكثر ما يمنع المراهقين من الانسحاب هو الشعور بالذنب، لهذا تذكّر: رفض العلاقة المؤذية ليس أنانية، بل شجاعة، وقد تشعر بالفراغ، الوحدة، أو الحزن بعد إنهاء هذه العلاقة السامة.
امنح نفسك وقتاً للشفاء، ستتعلم، ستنضج، وستُحاط يوماً بأصدقاء يشبهونك حقاً، فمن الطبيعي أن تحزن على الذكريات، حتى لو كانت العلاقة مؤذية.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.