هل توقف أمريكا الحرب أم تتورط فيها ؟

الحرب ليست نزهة حتى لو طرفاها غير متكافئين، وحتى لو انتشى طرف بإحراز إنجاز كبير في بدايتها يوهمه بأنه قادر على حسمها والانتصار فيها.
إسرائيل استهدفت سابقاً المشروع النووي الإيراني عدة مرات على مدى أكثر من عشرين عاماً لكنها لم تعطله، ولم تتوقف عن الاستمرار في التخطيط لتدميره كحلم عزيز يراودها تنتظر الفرصة الثمينة لتنفيذه.
هذه المرة تهيأ لها الظرف الذي ساعدها لأكثر من سبب.
منذ قدوم الرئيس ترمب وضع في أولويات أجندته إنهاء المشروع النووي الإيراني، المفاوضات لم يكن ينطبق عليها مفهوم المفاوضات الدبلوماسية، بل كانت تهديداً مفاده إما التخلي التام عن البرنامج أو الحرب، ومن الطبيعي ألا يصل حوار كهذا إلى نتيجة، وإنما يفضي إلى التشدد في المواقف.
انفتحت شهية نتنياهو عندما وجد خيار الحرب مطروحاً، وبما أن التخطيط لها قد بدأ سابقاً، فلمَ لا يقنع الرئيس ترمب بضرورتها لتكون الهراوة التي تجعل إيران تعود إلى المفاوضات مهزومة وتقبل كل ما يُملى عليها.
وفعلاً استدرج ترمب إلى الموافقة وأقنعه بها لتشتعل الحرب فجر الجمعة.
كان اليوم الأول في الحرب إسرائيلياً دون منازع بتدمير كثير من الأهداف الاستراتيجية إضافة إلى تصفية القيادات وعلماء البرنامج النووي، لكن الليلة الثانية لم تكن سهلة على إسرائيل عندما أغرقتها بصواريخ نوعية أحدثت دماراً كبيراً في تل أبيب ومواقع مهمة غيرها، وحصدت كثيراً من القتلى والجرحى، وتحولت إسرائيل إلى حالة من الهلع الكبير.
العقلية المتغطرسة لدى إسرائيل استخفت واستهانت بقدرات إيران كثيراً، لكنها لم تتحمل أول دفقة حقيقية كثيفة للصواريخ الإيرانية المطورة.
انكشفت القبة الحديدية، وامتلأت سماء إسرائيل بالصواريخ الإيرانية.
هنا عاجل نتنياهو لطلب أمريكا بالتدخل المباشر في الحرب، وتم عقد اجتماع في البنتاجون فجر أمس بتوقيتنا لبحث طلب إسرائيل، في وجود انقسام كبير في المكونات السياسية الأمريكية حول تورط أمريكا في الحرب، بشكل مباشر أو غير مباشر.
الاتصالات بين قادة المنطقة وغيرها مستمرة، بين بعضها البعض ومع أمريكا لتخفيف التصعيد واحتواء الأزمة التي دخلت مرحلة الحرب المفتوحة بكل ما قد تنتج عنه من كوارث إذا طال أمدها.
لكن الأمر كله سيتوقف على القرار الأمريكي بشأن دعوة إسرائيل لمشاركتها في الحرب.
إذا تحلت أمريكا بالحكمة والعقل وتغليب المصالح للجميع في المنطقة فلن تتورط وسوف تجبر إسرائيل على إيقافها، أما إذا تم استدراجها فسندخل مرحلة أسوأ من كل المراحل التي عاشتها المنطقة.
أخبار ذات صلة