توازن الرعب..

سيد محمد متالي مادامت الحرب قائمة، لا معنى للكلام عن توقف من طرف واحد.

لا إيران قادرة على رفع الراية البيضاء، ولا إسرائيل مستعدة لتقبّل خصم يردّ على الصفعة بالصفعة.

وحين تصرخ إسرائيل في وجوه الإيرانيين: “ابتعدوا عن منشآتنا النووية”، فإنها لا تطلب الأمن بل الهيبة، ولا تريد السلام بل الصمت… صمت الخصم، وصمت الذكرى، وصمت الطموح.

لكن طهران، وهي تعرف قواعد اللعبة، لا تجيد فن التراجع.

هي دولة مبرمجة على الرد.

والرد – في عُرفها – ليس تغريدةً ولا احتجاجًا دبلوماسيًا.

الردّ قُدّ من نار، وسُكِب في قالب الصواريخ والطائرات المسيّرة، والمناوشات عند حدود الجغرافيا الهشة.

لو توقفت إيران، كما يريد البعض، فذلك ليس تسوية، بل استسلام.

والاستسلام لا يعني فقط نزع فتيل البرنامج النووي، بل نزع القلب من الجسد: البرنامج الصاروخي، خطوط الإمداد في الإقليم، وكل ما بُني ليتجاوز حدود طهران نحو “القدس”.

إسرائيل تدرك هذا جيدًا، وهي حين تلوّح بـ”الخط الأحمر” إنما تتحدث بلسان من لا يقبل أن يتقاسمه أحد في الأفق.

لكن للسماء أكثر من نجم، وللخليج أكثر من ساحل، و”الردع” لم يعد حكرًا على من امتلك النووي أولًا.

الحرب ليست نكتة، ولا الصمت كذلك.

ومن يظن أن بوسعه فرض الإذعان بمجرد التهديد، فقد أساء قراءة المرحلة.

نحن في زمن لا يسير فيه التاريخ إلى الأمام فقط، بل يلتف كالأفعى على عنق من يتجاهله.

المرآة اليوم قاتمة، لا تعكس إلا وجوهاً أكلها اللهب، وخطوطًا حمراء سُحبت على الرمال لا لتُحترم، بل لتُجتاز… وكل طرف يظن أنه من سيرسم الخط الأخير.

موريتانيا      |      المصدر: صحراء ميديا    (منذ: 19 ساعة | 3 قراءة)
.