اليمن يتصدى للمؤامرات الصهيوأمريكية ويعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة

أفق نيوز |  تقرير| صادق البهكلي   بينما تتعالى تهديدات الكيان الصهيوني، مستهدفة دول المنطقة بأسرها، وتتزايد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر تحت ذرائع واهية، يقف اليمن اليوم في طليعة مشهد استثنائي من التصدي للهيمنة و الغرور الأمريكي والصهيوني، مستغلا حالة الاستضعاف والتراجع والاستسلام التي تعيشها المنطقة وتمكن اللوبي الصهيوني من تجيير المؤسسات الدولية لصالحه في سعيه لتحقيق حلم قديم  “شرق أوسط جديد” تحكمه “إسرائيل” ممهورا بالدماء وأشلاء الفلسطينيين والشعوب العربية في ظل هذه المعادلة شديدة التعقيد، يواصل اليمن عملياته العسكرية التي تطال العمق المحتل، مستهدفاً مواقع استراتيجية للعدو، متزامنة مع تحرك المرتزقة على الأرض لصالح الهيمنة الصهيونية، ومواجهات بحرية في أحد أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم.

هذا التصعيد يكشف عن معادلة جديدة، لا تعكس فقط إرادة اليمن واصراره على التصدي للمساعي الشيطانية الأمريكية والصهيونية، بل أيضاً تحوله إلى لاعب حاسم في مواجهة القوى الكبرى التي ظلت لعقود تفرض هيمنتها المطلقة على شعوب المنطقة.

  أبعاد الصراع وأهميته   اليمن لا يخوض حرباً تقليدية؛ إنه يخوض صراعاً وجودياً تتشابك فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والدينية والاقتصادية.

ففي الوقت الذي يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى فرض هيمنته الإقليمية، وتعمل الولايات المتحدة كراعٍ رسمي لهذه الهيمنة، يمثل اليمن حصناً منيعاً أمام هذه المخططات مستمدا ذلك من هويته الإيمانية وقيادته الربانية ومراهنا على معية الله ونصره.

ومن هذه المنطلقات يواصل عملياته العسكرية التي تستهدف العمق الصهيوني بكونها جزءاً من استراتيجية واسعة تهدف إلى كسر المعادلة الظالمة التي يحاول الأمريكي والإسرائيلي فرضها على المنطقة.

في المقابل، نجد الصمت الدولي وتواطؤ الأنظمة العالمية مع استمرار الإبادة الممنهجة في غزة؛ آلاف المدنيين يُقتلون يومياً، وأحياء بأكملها تُسوى بالأرض، في ظل عجز المنظمات الدولية عن اتخاذ موقف حقيقي، أو ربما تواطؤها مع الجلاد تحت ذرائع واهية كالحفاظ على “أمن إسرائيل”.

وفي هذا السياق، يبرز الموقف اليمني ليس فقط كحالة استثنائية، بل نموذجاً يحتذى به في مقاومة الاستكبار العالمي الذي يواصل جرائمه بحق الأبرياء.

  الموقف اليمني وأبعاده العالمية   الموقف اليمني في هذا السياق يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، ذلك أنه يقوم على معادلة قرآنية متجذرة في قيم العدل والحق والجهاد في سبيل الله، فاليمنيون يستمدون تحركهم واستراتيجياتهم من المبادئ القرآنية التي تحث على مواجهة الظلم وعدم الركون إلى الظالمين، مهما كان حجم التحديات.

هذه المعادلة تنطلق من الإيمان بأن الله هو المهيمن على مصائر الأمم، وأن الصبر والجهاد في سبيل الحق لا بد أن يثمر نصراً، مهما تأخر الزمن.

إن الموقف اليمني يعكس التزاماً بمبادئ قرآنية واضحة، منها قوله تعالى:{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء ٧٥_٧٦) ومن قوله تعالى  “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” (سورة محمد، آية 7).

فالحرب التي يخوضها اليمن ليست مجرد صراع عسكري، بل هي مواجهة حضارية بين قيم التحرر والكرامة من جهة، وقيم الطغيان والاستعباد من جهة أخرى.

هذا الالتزام بالمعادلة القرآنية جعل اليمن محوراً مهماً في معركة الأمة الإسلامية ضد قوى الهيمنة، فالضربات الموجهة إلى العمق المحتل، والتصدي للمؤامرات التي تحاك على الأرض وفي البحر، تعكس إصراراً على تحقيق العدالة الإلهية، التي لا تساوم على الحقوق ولا تتراجع أمام التحديات.

اليمنيون يدركون أن هذه المواجهة ليست مجرد معركة جغرافية أو سياسية، بل هي امتحان إيماني يحدد مستقبل الأمة الإسلامية بأسرها، فالمعادلة القرآنية التي تحكم موقفهم تتجاوز حسابات القوى التقليدية، لتؤكد أن النصر حليف الذين ينصرون دين الله ويثبتون على مبادئ الحق، هذا هو الدافع الحقيقي الذي يجعل الموقف اليمني يحمل أبعاداً تتجاوز الواقع الإقليمي ليصل إلى صلب القيم الإنسانية والرسالة العالمية للإسلام، كما أن موقفهم يحمل رسالة واضحة للعالم مفادها أن الشعوب المستضعفة قادرة على الصمود والانتصار، مهما بلغ حجم الطغيان.

العمليات اليمنية التي تطال العمق المحتل، وتصدي القوات البحرية اليمنية لمحاولات الهيمنة على البحر الأحمر، تسهم في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية، ما يجعل اليمن رقماً صعباً في معادلة المواجهة الكبرى.

كما أن صمود اليمن في ظل الحصار والعدوان لا يشكل فقط تهديداً للمشاريع الصهيونية الأمريكية، بل يفضح أيضاً ازدواجية المعايير الدولية، ففي الوقت الذي يتم فيه استهداف اليمن تحت شعارات زائفة كـ”مكافحة الإرهاب”، تُترك غزة لمصيرها المظلم، وتُقصف بلا هوادة أمام أعين العالم، في مشهد يعري تماماً زيف القيم التي يتشدق بها الغرب.

التواطؤ العالمي والخذلان الأممي   ما يجري في غزة هو أكبر دليل على انهيار المنظومة الأخلاقية للعالم، فبينما تُرتكب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، نجد أن الأمم المتحدة والقوى الكبرى منشغلة بإصدار بيانات شجب فارغة أو تقديم دعم غير محدود للكيان الصهيوني تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”.

في المقابل، نجد اليمن -المحاصر منذ سنوات- يقف بكل قوة في مواجهة الجرائم الصهيونية، مقدماً نموذجاً للصمود والإرادة، وداعماً حقيقياً لفلسطين ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال.

هذا الموقف اليمني الشريف فضح تناقضات الغرب الواضحة في تعاملهم مع الأزمات العالمية، ففي حين تُدين الدول الغربية العمليات اليمنية التي تستهدف عمق الكيان الصهيوني دعماً لغزة، وتصفها بـ”العدوان”، نجدها في المقابل تقدم لأوكرانيا دعماً غير محدود بأسلحة نوعية ومساعدات مالية ضخمة تحت ذريعة “الدفاع عن النفس” ضد روسيا.

إن ما يحدث يعكس بوضوح ازدواجية المعايير الغربية.

عندما يتعلق الأمر بفلسطين ترفض القوى الكبرى الحديث عن “حق المقاومة”، وتصف العمليات التي تدافع عن المدنيين الفلسطينيين وتردع العدوان الإسرائيلي بأنها “إرهاب”.

بل إنها تذهب أبعد من ذلك، حيث تدعم القصف المستمر على اليمن بذريعة محاربة “التهديدات الإقليمية”.

بينما، في المقابل، تُفتح خزائن الأسلحة لأوكرانيا وتُقام الحملات الإعلامية والسياسية لدعم “حقها المشروع في الدفاع عن سيادتها”.

كيف يمكن لعالم يدّعي احترام حقوق الإنسان أن يرفض مساندة غزة التي تواجه إبادة جماعية، ويتجاهل جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه يحتفي بدعمه لأوكرانيا؟ كيف يمكن تبرير تقديم الأسلحة المتطورة التي تغيّر موازين القوى لأوكرانيا، بينما يُفرض حصار خانق على اليمن الذي يقف في وجه التحالف الدولي والإقليمي المعتدي؟ هذه التناقضات ليست سوى انعكاس لسياسة قائمة على المصالح الضيقة والانحياز الفاضح، فالغرب لا يتحرك وفق قيم العدالة أو القانون الدولي، بل وفق أجندة تخدم الهيمنة الصهيونية في المنطقة وتضمن استمرار سيطرتها على مقدرات العالم الإسلامي.

  رسالة اليمن للعالم   رغم هذا التواطؤ، يواصل اليمن تقديم رسالة واضحة للعالم: أن النضال من أجل الحق والكرامة لا تحده معايير مزدوجة ولا يثنيه خذلان دولي.

العمليات التي تنفذها القوات اليمنية لدعم غزة تؤكد أن الشعوب المستضعفة تستطيع كسر الحصار وكشف زيف القوى الكبرى، وأن العدالة -مهما غابت- ستعود بصوت الحق وصمود الأحرار.

هذا التناقض الغربي بين دعم أوكرانيا وقصف اليمن، ورفض مقاومة غزة، ليس مجرد ازدواجية معايير؛ إنه إعلان واضح عن انهيار المنظومة الأخلاقية الغربية التي تتستر خلف شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنها في حقيقتها شريك أساسي في الجرائم التي تُرتكب بحق شعوبنا.

التصعيد الحالي في اليمن والمنطقة لا يمكن عزله عن الصراع الأكبر الذي يعيشه العالم.

ما يحدث اليوم هو فصل جديد من مواجهة بين محور المقاومة الذي يمثله اليمن وفلسطين وحلفاؤهما من جهة، ومحور الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا و”إسرائيل” من جهة أخرى، هذه المواجهة، وإن كانت تحمل في طياتها الكثير من التحديات، إلا أنها تؤسس لمعادلة جديدة تقوم على كسر الاحتكار الذي فرضته القوى الكبرى على المنطقة لعقود طويلة.

بين تهديدات العدوان ومفاجآت الردع اليمني   في خضم التهديدات الصهيونية والأمريكية يقف اليمن على خط المواجهة، مستعدا لصد أي عدوان جديد قد تقوده الولايات المتحدة و”إسرائيل”، مدعومة بحلفائها الإقليميين، فمع تصاعد لغة التهديدات وتحركات الأساطيل في البحر الأحمر، يواصل الرد بعمليات نوعية ويبرز كقوة إقليمية تمتلك عناصر الردع الحاسمة، من موقعها الجغرافي الاستراتيجي إلى قدراتها الصاروخية والطائرات المسيّرة التي قلبت موازين القوى في المنطقة.

لقد أثبت اليمن أن العدوان الأمريكي السعودي الذي استمرت عملياته العسكرية أكثر من ٨ سنوات  لم يضعف اليمن، بل أكسبه خبرات قتالية وتجهيزات نوعية جعلته قادراً على توجيه ضربات موجعة إلى العمق الإسرائيلي والمصالح الأمريكية في المنطقة.

في ظل هذه الظروف، يصبح التساؤل مطروحاً: ما هي الخطوات التي قد تتخذها اليمن في حال شن عدوان جديد؟ وكيف يمكن لعناصر القوة التي تمتلكها أن تعيد رسم معادلات الصراع في المنطقة؟   الخطوات المتوقعة لليمن في حال عدوان جديد: استهداف القواعد والمصالح الأمريكية والإسرائيلية: اليمن يمتلك قدرات صاروخية وطائرات مسيّرة متطورة قادرة على الوصول إلى قواعد عسكرية ومصالح استراتيجية أمريكية وإسرائيلية في المنطقة، مثل القواعد الموجودة في البحر الأحمر والخليج العربي.

هذه القواعد ستكون ضمن قائمة الأهداف الأولى للردع.

تكثيف العمليات البحرية: مع امتلاك اليمن قوات بحرية قادرة على تنفيذ هجمات نوعية، قد تشهد الممرات المائية الدولية مثل باب المندب والبحر الأحمر وقد تصل إلى بقية الممرات مع عمليات عسكرية مكثفة تستهدف السفن العسكرية والتجارية التابعة للتحالف أو المصالح المرتبطة به.

توسيع دائرة المواجهة الإقليمية: اليمن قد يلجأ إلى تفعيل تحالفات مع حركات المقاومة الإقليمية، مثل حركات المقاومة في العراق، ولبنان لفتح جبهات جديدة ضد “إسرائيل” وحلفائها في المنطقة، ما يؤدي إلى استنزاف القوى المعتدية.

استنزاف الاقتصاد العالمي: استهداف المنشآت النفطية في دول الخليج التي تُعَدُّ مصالح أمريكية، وتعد شرياناً للاقتصاد العالمي، مثل منشآت أرامكو في السعودية، بهدف الضغط على القوى الدولية لوقف العدوان.

تكثيف الهجمات على العمق الإسرائيلي: بفضل التطور الكبير في القدرات الصاروخية اليمنية، يمكن لليمن توجيه ضربات مباشرة للعمق الإسرائيلي، كرسالة واضحة بأن العدوان لن يمر دون رد موجع.

  عناصر القوة اليمنية: الموقع الجغرافي: اليمن يتحكم بأحد أهم الممرات المائية في العالم، وهو باب المندب، الذي يعد شرياناً حيوياً للتجارة الدولية.

السيطرة على هذا الممر تمنح اليمن ورقة ضغط استراتيجية على دول العدوان والمجتمع الدولي.

القرب من القواعد والمصالح الأمريكية والإسرائيلية: العديد من القواعد العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، مثل قاعدة الظفرة في الإمارات وقاعدة عصب في إريتريا، تقع ضمن مدى الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية، ما يجعلها أهدافاً سهلة في حال اندلاع الحرب.

القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة: اليمن يمتلك ترسانة صاروخية متطورة، فشلت أمامها كل منظومات الدفاع الجوي التي يمتلكها الأمريكي و الصهيوني مثل الصواريخ الفرط صوتية والمجنحة بعيدة ومتوسطة المدى، قادرة على ضرب أهداف بدقة عالية، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة التي أثبتت فاعليتها في تنفيذ هجمات نوعية على أهداف حساسة.

القدرة على الاستنزاف: الحرب الطويلة التي خاضها اليمن ضد التحالف أثبتت قدرته على تحمل الاستنزاف وإدارته بشكل ذكي، هذا يمنح اليمن ميزة الاستمرار في المعركة لفترات طويلة دون انهيار، بعكس دول العدوان التي تعتمد على استقرار اقتصادي هش.

الدعم الشعبي والتلاحم الداخلي: رغم الحصار والعدوان، يتمتع اليمن بتلاحم شعبي قوي يدعم القيادة والمقاومة، هذا التلاحم يمنح اليمن القدرة على الصمود أمام الضغوط السياسية والعسكرية.

التفوق الأخلاقي والإعلامي: اليمن يعتمد خطاباً إعلامياً وأخلاقياً يكشف زيف العدوان وجرائمه، ما يساهم في إحراج دول العدوان أمام المجتمع الدولي، وجذب التضامن الشعبي والإقليمي.

٧.

تصعيد المواجهة إلى حرب إقليمية شاملة: إذا أقدمت أمريكا و”إسرائيل” على شن عدوان جديد، فإن الرد اليمني قد يؤدي إلى تصعيد كبير يشمل المنطقة بأسرها.

أخيرا لقد أثبت اليمن في السنوات الأخيرة أنه قادر على قلب موازين القوى، وأن أي عدوان جديد سيكون مغامرة مكلفة للقوى المعتدية، وفي ظل استمرار الإبادة في غزة، والصمت والتواطؤ الدولي، يبقى الموقف اليمني علامة فارقة في تاريخ الأمة، ومصدر إلهام لكل من يؤمن بالحرية والكرامة.

  بينما تتعالى تهديدات الكيان الصهيوني، مستهدفة دول المنطقة بأسرها، وتتزايد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر تحت ذرائع واهية، يقف اليمن اليوم في طليعة مشهد استثنائي من التصدي للهيمنة و الغرور الأمريكي والصهيوني، مستغلا حالة الاستضعاف والتراجع والاستسلام التي تعيشها المنطقة وتمكن اللوبي الصهيوني من تجيير المؤسسات الدولية لصالحه في سعيه لتحقيق حلم قديم  “شرق أوسط جديد” تحكمه “إسرائيل” ممهورا بالدماء وأشلاء الفلسطينيين والشعوب العربية في ظل هذه المعادلة شديدة التعقيد، يواصل اليمن عملياته العسكرية التي تطال العمق المحتل، مستهدفاً مواقع استراتيجية للعدو، متزامنة مع تحرك المرتزقة على الأرض لصالح الهيمنة الصهيونية، ومواجهات بحرية في أحد أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم.

هذا التصعيد يكشف عن معادلة جديدة، لا تعكس فقط إرادة اليمن واصراره على التصدي للمساعي الشيطانية الأمريكية والصهيونية، بل أيضاً تحوله إلى لاعب حاسم في مواجهة القوى الكبرى التي ظلت لعقود تفرض هيمنتها المطلقة على شعوب المنطقة.

  أبعاد الصراع وأهميته   اليمن لا يخوض حرباً تقليدية؛ إنه يخوض صراعاً وجودياً تتشابك فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والدينية والاقتصادية.

ففي الوقت الذي يسعى فيه الكيان الصهيوني إلى فرض هيمنته الإقليمية، وتعمل الولايات المتحدة كراعٍ رسمي لهذه الهيمنة، يمثل اليمن حصناً منيعاً أمام هذه المخططات مستمدا ذلك من هويته الإيمانية وقيادته الربانية ومراهنا على معية الله ونصره.

ومن هذه المنطلقات يواصل عملياته العسكرية التي تستهدف العمق الصهيوني بكونها جزءاً من استراتيجية واسعة تهدف إلى كسر المعادلة الظالمة التي يحاول الأمريكي والإسرائيلي فرضها على المنطقة.

في المقابل، نجد الصمت الدولي وتواطؤ الأنظمة العالمية مع استمرار الإبادة الممنهجة في غزة؛ آلاف المدنيين يُقتلون يومياً، وأحياء بأكملها تُسوى بالأرض، في ظل عجز المنظمات الدولية عن اتخاذ موقف حقيقي، أو ربما تواطؤها مع الجلاد تحت ذرائع واهية كالحفاظ على “أمن إسرائيل”.

وفي هذا السياق، يبرز الموقف اليمني ليس فقط كحالة استثنائية، بل نموذجاً يحتذى به في مقاومة الاستكبار العالمي الذي يواصل جرائمه بحق الأبرياء.

  الموقف اليمني وأبعاده العالمية   الموقف اليمني في هذا السياق يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، ذلك أنه يقوم على معادلة قرآنية متجذرة في قيم العدل والحق والجهاد في سبيل الله، فاليمنيون يستمدون تحركهم واستراتيجياتهم من المبادئ القرآنية التي تحث على مواجهة الظلم وعدم الركون إلى الظالمين، مهما كان حجم التحديات.

هذه المعادلة تنطلق من الإيمان بأن الله هو المهيمن على مصائر الأمم، وأن الصبر والجهاد في سبيل الحق لا بد أن يثمر نصراً، مهما تأخر الزمن.

إن الموقف اليمني يعكس التزاماً بمبادئ قرآنية واضحة، منها قوله تعالى:{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء ٧٥_٧٦) ومن قوله تعالى  “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” (سورة محمد، آية 7).

فالحرب التي يخوضها اليمن ليست مجرد صراع عسكري، بل هي مواجهة حضارية بين قيم التحرر والكرامة من جهة، وقيم الطغيان والاستعباد من جهة أخرى.

هذا الالتزام بالمعادلة القرآنية جعل اليمن محوراً مهماً في معركة الأمة الإسلامية ضد قوى الهيمنة، فالضربات الموجهة إلى العمق المحتل، والتصدي للمؤامرات التي تحاك على الأرض وفي البحر، تعكس إصراراً على تحقيق العدالة الإلهية، التي لا تساوم على الحقوق ولا تتراجع أمام التحديات.

اليمنيون يدركون أن هذه المواجهة ليست مجرد معركة جغرافية أو سياسية، بل هي امتحان إيماني يحدد مستقبل الأمة الإسلامية بأسرها، فالمعادلة القرآنية التي تحكم موقفهم تتجاوز حسابات القوى التقليدية، لتؤكد أن النصر حليف الذين ينصرون دين الله ويثبتون على مبادئ الحق، هذا هو الدافع الحقيقي الذي يجعل الموقف اليمني يحمل أبعاداً تتجاوز الواقع الإقليمي ليصل إلى صلب القيم الإنسانية والرسالة العالمية للإسلام، كما أن موقفهم يحمل رسالة واضحة للعالم مفادها أن الشعوب المستضعفة قادرة على الصمود والانتصار، مهما بلغ حجم الطغيان.

العمليات اليمنية التي تطال العمق المحتل، وتصدي القوات البحرية اليمنية لمحاولات الهيمنة على البحر الأحمر، تسهم في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية، ما يجعل اليمن رقماً صعباً في معادلة المواجهة الكبرى.

كما أن صمود اليمن في ظل الحصار والعدوان لا يشكل فقط تهديداً للمشاريع الصهيونية الأمريكية، بل يفضح أيضاً ازدواجية المعايير الدولية، ففي الوقت الذي يتم فيه استهداف اليمن تحت شعارات زائفة كـ”مكافحة الإرهاب”، تُترك غزة لمصيرها المظلم، وتُقصف بلا هوادة أمام أعين العالم، في مشهد يعري تماماً زيف القيم التي يتشدق بها الغرب.

التواطؤ العالمي والخذلان الأممي   ما يجري في غزة هو أكبر دليل على انهيار المنظومة الأخلاقية للعالم، فبينما تُرتكب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، نجد أن الأمم المتحدة والقوى الكبرى منشغلة بإصدار بيانات شجب فارغة أو تقديم دعم غير محدود للكيان الصهيوني تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”.

في المقابل، نجد اليمن -المحاصر منذ سنوات- يقف بكل قوة في مواجهة الجرائم الصهيونية، مقدماً نموذجاً للصمود والإرادة، وداعماً حقيقياً لفلسطين ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال.

هذا الموقف اليمني الشريف فضح تناقضات الغرب الواضحة في تعاملهم مع الأزمات العالمية، ففي حين تُدين الدول الغربية العمليات اليمنية التي تستهدف عمق الكيان الصهيوني دعماً لغزة، وتصفها بـ”العدوان”، نجدها في المقابل تقدم لأوكرانيا دعماً غير محدود بأسلحة نوعية ومساعدات مالية ضخمة تحت ذريعة “الدفاع عن النفس” ضد روسيا.

إن ما يحدث يعكس بوضوح ازدواجية المعايير الغربية.

عندما يتعلق الأمر بفلسطين ترفض القوى الكبرى الحديث عن “حق المقاومة”، وتصف العمليات التي تدافع عن المدنيين الفلسطينيين وتردع العدوان الإسرائيلي بأنها “إرهاب”.

بل إنها تذهب أبعد من ذلك، حيث تدعم القصف المستمر على اليمن بذريعة محاربة “التهديدات الإقليمية”.

بينما، في المقابل، تُفتح خزائن الأسلحة لأوكرانيا وتُقام الحملات الإعلامية والسياسية لدعم “حقها المشروع في الدفاع عن سيادتها”.

كيف يمكن لعالم يدّعي احترام حقوق الإنسان أن يرفض مساندة غزة التي تواجه إبادة جماعية، ويتجاهل جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه يحتفي بدعمه لأوكرانيا؟ كيف يمكن تبرير تقديم الأسلحة المتطورة التي تغيّر موازين القوى لأوكرانيا، بينما يُفرض حصار خانق على اليمن الذي يقف في وجه التحالف الدولي والإقليمي المعتدي؟ هذه التناقضات ليست سوى انعكاس لسياسة قائمة على المصالح الضيقة والانحياز الفاضح، فالغرب لا يتحرك وفق قيم العدالة أو القانون الدولي، بل وفق أجندة تخدم الهيمنة الصهيونية في المنطقة وتضمن استمرار سيطرتها على مقدرات العالم الإسلامي.

  رسالة اليمن للعالم   رغم هذا التواطؤ، يواصل اليمن تقديم رسالة واضحة للعالم: أن النضال من أجل الحق والكرامة لا تحده معايير مزدوجة ولا يثنيه خذلان دولي.

العمليات التي تنفذها القوات اليمنية لدعم غزة تؤكد أن الشعوب المستضعفة تستطيع كسر الحصار وكشف زيف القوى الكبرى، وأن العدالة -مهما غابت- ستعود بصوت الحق وصمود الأحرار.

هذا التناقض الغربي بين دعم أوكرانيا وقصف اليمن، ورفض مقاومة غزة، ليس مجرد ازدواجية معايير؛ إنه إعلان واضح عن انهيار المنظومة الأخلاقية الغربية التي تتستر خلف شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنها في حقيقتها شريك أساسي في الجرائم التي تُرتكب بحق شعوبنا.

التصعيد الحالي في اليمن والمنطقة لا يمكن عزله عن الصراع الأكبر الذي يعيشه العالم.

ما يحدث اليوم هو فصل جديد من مواجهة بين محور المقاومة الذي يمثله اليمن وفلسطين وحلفاؤهما من جهة، ومحور الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا و”إسرائيل” من جهة أخرى، هذه المواجهة، وإن كانت تحمل في طياتها الكثير من التحديات، إلا أنها تؤسس لمعادلة جديدة تقوم على كسر الاحتكار الذي فرضته القوى الكبرى على المنطقة لعقود طويلة.

بين تهديدات العدوان ومفاجآت الردع اليمني   في خضم التهديدات الصهيونية والأمريكية يقف اليمن على خط المواجهة، مستعدا لصد أي عدوان جديد قد تقوده الولايات المتحدة و”إسرائيل”، مدعومة بحلفائها الإقليميين، فمع تصاعد لغة التهديدات وتحركات الأساطيل في البحر الأحمر، يواصل الرد بعمليات نوعية ويبرز كقوة إقليمية تمتلك عناصر الردع الحاسمة، من موقعها الجغرافي الاستراتيجي إلى قدراتها الصاروخية والطائرات المسيّرة التي قلبت موازين القوى في المنطقة.

لقد أثبت اليمن أن العدوان الأمريكي السعودي الذي استمرت عملياته العسكرية أكثر من ٨ سنوات  لم يضعف اليمن، بل أكسبه خبرات قتالية وتجهيزات نوعية جعلته قادراً على توجيه ضربات موجعة إلى العمق الإسرائيلي والمصالح الأمريكية في المنطقة.

في ظل هذه الظروف، يصبح التساؤل مطروحاً: ما هي الخطوات التي قد تتخذها اليمن في حال شن عدوان جديد؟ وكيف يمكن لعناصر القوة التي تمتلكها أن تعيد رسم معادلات الصراع في المنطقة؟   الخطوات المتوقعة لليمن في حال عدوان جديد: استهداف القواعد والمصالح الأمريكية والإسرائيلية: اليمن يمتلك قدرات صاروخية وطائرات مسيّرة متطورة قادرة على الوصول إلى قواعد عسكرية ومصالح استراتيجية أمريكية وإسرائيلية في المنطقة، مثل القواعد الموجودة في البحر الأحمر والخليج العربي.

هذه القواعد ستكون ضمن قائمة الأهداف الأولى للردع.

تكثيف العمليات البحرية: مع امتلاك اليمن قوات بحرية قادرة على تنفيذ هجمات نوعية، قد تشهد الممرات المائية الدولية مثل باب المندب والبحر الأحمر وقد تصل إلى بقية الممرات مع عمليات عسكرية مكثفة تستهدف السفن العسكرية والتجارية التابعة للتحالف أو المصالح المرتبطة به.

توسيع دائرة المواجهة الإقليمية: اليمن قد يلجأ إلى تفعيل تحالفات مع حركات المقاومة الإقليمية، مثل حركات المقاومة في العراق، ولبنان لفتح جبهات جديدة ضد “إسرائيل” وحلفائها في المنطقة، ما يؤدي إلى استنزاف القوى المعتدية.

استنزاف الاقتصاد العالمي: استهداف المنشآت النفطية في دول الخليج التي تُعَدُّ مصالح أمريكية، وتعد شرياناً للاقتصاد العالمي، مثل منشآت أرامكو في السعودية، بهدف الضغط على القوى الدولية لوقف العدوان.

تكثيف الهجمات على العمق الإسرائيلي: بفضل التطور الكبير في القدرات الصاروخية اليمنية، يمكن لليمن توجيه ضربات مباشرة للعمق الإسرائيلي، كرسالة واضحة بأن العدوان لن يمر دون رد موجع.

  عناصر القوة اليمنية: الموقع الجغرافي: اليمن يتحكم بأحد أهم الممرات المائية في العالم، وهو باب المندب، الذي يعد شرياناً حيوياً للتجارة الدولية.

السيطرة على هذا الممر تمنح اليمن ورقة ضغط استراتيجية على دول العدوان والمجتمع الدولي.

القرب من القواعد والمصالح الأمريكية والإسرائيلية: العديد من القواعد العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، مثل قاعدة الظفرة في الإمارات وقاعدة عصب في إريتريا، تقع ضمن مدى الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية، ما يجعلها أهدافاً سهلة في حال اندلاع الحرب.

القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة: اليمن يمتلك ترسانة صاروخية متطورة، فشلت أمامها كل منظومات الدفاع الجوي التي يمتلكها الأمريكي و الصهيوني مثل الصواريخ الفرط صوتية والمجنحة بعيدة ومتوسطة المدى، قادرة على ضرب أهداف بدقة عالية، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة التي أثبتت فاعليتها في تنفيذ هجمات نوعية على أهداف حساسة.

القدرة على الاستنزاف: الحرب الطويلة التي خاضها اليمن ضد التحالف أثبتت قدرته على تحمل الاستنزاف وإدارته بشكل ذكي، هذا يمنح اليمن ميزة الاستمرار في المعركة لفترات طويلة دون انهيار، بعكس دول العدوان التي تعتمد على استقرار اقتصادي هش.

الدعم الشعبي والتلاحم الداخلي: رغم الحصار والعدوان، يتمتع اليمن بتلاحم شعبي قوي يدعم القيادة والمقاومة، هذا التلاحم يمنح اليمن القدرة على الصمود أمام الضغوط السياسية والعسكرية.

التفوق الأخلاقي والإعلامي: اليمن يعتمد خطاباً إعلامياً وأخلاقياً يكشف زيف العدوان وجرائمه، ما يساهم في إحراج دول العدوان أمام المجتمع الدولي، وجذب التضامن الشعبي والإقليمي.

٧.

تصعيد المواجهة إلى حرب إقليمية شاملة: إذا أقدمت أمريكا و”إسرائيل” على شن عدوان جديد، فإن الرد اليمني قد يؤدي إلى تصعيد كبير يشمل المنطقة بأسرها.

أخيرا لقد أثبت اليمن في السنوات الأخيرة أنه قادر على قلب موازين القوى، وأن أي عدوان جديد سيكون مغامرة مكلفة للقوى المعتدية، وفي ظل استمرار الإبادة في غزة، والصمت والتواطؤ الدولي، يبقى الموقف اليمني علامة فارقة في تاريخ الأمة، ومصدر إلهام لكل من يؤمن بالحرية والكرامة.

اليمن      |      المصدر: أفق نيوز    (منذ: 14 ساعة | 2 قراءة)
.