النيجر ونيجيريا… أزمة ديبلوماسية في تصاعد
يستمر التوتر في علاقات النيجر بجارتها نيجيريا، الذي بدأ بعد الانقلاب العسكري الذي أوصل قائد الحرس الرئاسي السابق الجنرال عبد الرحمن تياني إلى السلطة.
ويزيد هذا التوتر الذي بدأ في أعقاب الانقلاب الذي وقع في النيجر 26 يوليو 2023، وأطاح بالرئيس المدني المنتخب محمد بازوم، والعقوبات التي فرضتها (إيكواس) على النيجر بعد ذلك، بعض الاتهامات، والمشادات بين ديبلوماسية البلدين، بدأت تشهدها ساحة الخلاف.
زعزعة استقرار حصل ذلك أساساً، وبشكل أكثر جلاءً، حين استدعى وزير خارجية النيجر باكاري سنغاري، الأربعاء، القائمة بأعمال سفارة نيجيريا في (نيامي)، للاحتجاج على ما وصفته النيجر بأعمال زعزعة استقرار، مصدرها نيجيريا.
وقال التلفزيون الوطني للنيجر إن الوزير بكاري التقى القائمة بالأعمال في سفارة نيجيريا لدى النيجر في غياب السفير النيجيري.
وأكد رئيس الديبلوماسية النيجرية أن بلاده حاولت بدء تطبيع للعلاقات، من خلال تبادل زيارات مسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك زيارة رئيس أركان القوات المسلحة النيجيرية لنيامي.
وأعرب الوزير النيجري للدبلوماسية النيجيرية عن قلق بلاده مما اعتبره دعمًا مستمرًا من نيجيريا لأعمال تهدف إلى زعزعة استقرار النيجر.
وأشار إلى تقارير تتحدث عن تورط أمني نيجيري مزعوم في هجمات على خط أنابيب النيجر-بنين، وتعاون مع مسؤولين نيجريين سابقين في نظام الرئيس المخلوع محمد بازوم، يعيشون في المنفى تتهمهم السلطات العسكرية بأعمال تخريبية ضد البلاد.
اتفاق في أجواء متوترة وجدير بالذكر، أن النيجر ونيجيريا وقعا قبل ثلاثة أشهر على مذكرة تفاهم ، تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني بينهما، وذلك في أعقاب زيارة رئيس هيئة أركان الجيش النيجيري الجنرال كريستوفر موسى إلى نيامي.
الزيارة التي أتت بعد أشهر من توتر العلاقات بين البلدين المتجاورين، والتي يرى مراقبون أن أغراضها استراتيجية، لتأمين الحدود بين البلدين من الهجمات الإرهابية، ومناقشة طريقة استئناف التعاون الأمني الثنائي.
وذلك ما أكده البيان الصحفي، الصادر عن البلدين، الذي أكد على «الحاجة إلى الحفاظ على التعاون القائم وتوسيع نطاقه، بما في ذلك العمليات العسكرية المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق التكتيكي».
اللقاء جرى في سياق علاقات ثنائية متوترة، تتسم باتهامات بأعمال تخريب، وشعور بالاستياء، تتهم السلطات العسكرية الحاكمة في النيجر الجارة الجنوبية بالوقوف خلفها.
الانقلاب نقطة الخلاف وتتهم النيجر جارتها نيجيريا بالتورط في بناء معسكرات عسكرية في منطقتي جيجاني وجيدان كاتا قرب الحدود بين البلدين.
وأكد وزير خارجية النيجر، في إدانته للطابع التخريبي لتحركات نيجيريا، أن النيجر تتخذ تدابير لحماية سيادتها وسلامة أراضيها وضمان أمن سكانها، والتعاون مع جميع الدول الملتزمة بالسلام والاحترام المتبادل.
ومنذ وصول العسكر إلى السلطة بعد الانقلاب 26 يوليو 2023، توترت علاقات النيجر بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس)، التي يتولى رئاستها الرئيس النيجيري بولا تينوبو، وهددت ( إيكواس) بتدخل عسكري، مطالبين العسكر بالتخلي عن السلطة والعودة إلى ثكناتهم.
لكن قادة النيجر العسكريين رفضوا هذا التهديد، وتعهدوا بالدفاع عن بلادهم.
كما أسهمت العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، على النيجر وإغلاق نيجيريا حدودها البرية مع النيجر، إلى زيادة التوتر بين البلدين.
وبعد مضي أزيد من عام على تهديدات الإيكواس، خفت حدة تهديدات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بما فيهم نيجيريا تجاه النيجر، خصوصا بعد انسحابها إلى جانب مالي وبوركينا فاسو من التكتل الإقليمي، الذي يعتبرونه مجرد «دمية في يد فرنسا لتنفيذ أجندتها في مستعمراتها السابقة»، وذلك ما حدا بهم إلى إنشاء تحالفهم الخاص، «تحالف دول الساحل».
واستولت المجالس العسكرية في الدول الثلاث على السلطة بسلسلة من الانقلابات في الفترة بين عامي 2020 و2023، وقطعت العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع الحلفاء الإقليميين والقوى الغربية.
وتشهد المناطق الحدودية لهذه الدول تزايداً للهجمات المسلحة، منذ عام 2017، ويعتبر هذا المثلث الحدودي الأكثر دموية في المنطقة، بفعل انتشار مجموعات مسلحة إرهابية فيه.