هل انتهت معاناة المزارعين البسطاء مع قضايا الكيف بعد العفو الملكي؟
وسط توالي المؤشرات على تكاثف كافة المؤسسات الرسمية المغربية من أجل تنزيل آثار العفو الملكي على الآلاف من صغار مزارعي القنب الهندي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب؛ وآخرها الحملة التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني بغية تمكين هؤلاء من تجديد بطائقهم الوطنية، ناشدت جَمعية صنهاجة الريف، المواكبة لتطورات ملف القنب الهندي، وزارة العدل من أجل الإفراج عن وثيقة “تحصر عدد الأشخاص الذين ما زالوا مبحوثا عنهم ضمن قضايا مرتبطة بهذه الزراعة، بُغية توفير أرضية ملائمة لتحرك المجتمع المدني من أجل رفع ملتمس عفو عام إلى الملك محمد السادس، مؤكدة أن “مطلبها يهم البسطاء المبحوث عنهم بتهمة الزراعة، وليس تجار المخدرات؛ بالنظر إلى أن المنطقة مُشتهرة بالشكايات الكيدية وهو يفتح الباب أمام إمكانية وجود أعداد مهمة من الضحايا الذين لم يشملهم العفو”، وفقها.
في هذا الإطار، جددّ شريف أدرداڭ، رئيس جمعية صنهاجة الريف المواكبة لملف القنب الهندي، “تثمين مبادرة العفو الملكي التي أخرجت الآلاف من صغار مزارعي القنب الهندي من وضع التخفي والسريّة الذي لازمهم لسنوات وعطّل مصالحهم ومصالح أبنائهم الاجتماعية والإدارية”.
واعتبر أدرداڭ، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “مناطق زراعة القنب الهندي لا تزال تتوق إلى مثل هذه الخطوات، التي تُترجم سعي المملكة إلى تعويض صغار المزارعين عن عقود من المعاناة واستغلال تجار المخدرات؛ من خلال الورش المتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي للاستعمالات الصناعية والطبية”.
#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف المتحدث ذاته: “كفاعلين مدنيين، نلتمس، في هذا السياق، من وزارة العدل الإفراج عن وثيقة تمكّن من تنوير الرأي العام بالعدد الدقيق للمبحوث عنهم ضمن قضايا مرتبطة بزراعة القنب الهندي وعدد هؤلاء بكل إقليم على حدة، خصوصا بالأقاليم المندرجة ضمن ورش التقنين أي شفشاون والحسيمة وتاونات”، مُبرزا “أن الجمعية مستعدة حال الإفراج عن هذه الوثيقة من أجل رفع ملتمس إلى الملك محمد السادس لإصدار عفوه العام عن المزارعين البسطاء فقط بطبيعة الحال”.
وتفاعلا مع إثارة الجريدة لنُقطة أن العفو الملكي شمل مبدئيا عموم المزارعين البسطاء، سجّل الفاعل المدني سالف الذكر “وجود تخوف من لدن الفاعلين المدنيين بمنطقة صنهاجة الريف من وجود أعداد كبيرة من المبحوث عنهم ضمن قضايا مرتبطة بزراعة القنب الهندي، خصوصا أن هذه المنطقة الممتدّة معروفة بسيادة الشكايات الكيدية المتعلّقة بهذه الزراعة”، موردا أن “العديد من الضحايا لا يعلمون أنهم مبحوث عنهم حتى يتم إيقافهم أثناء سفرهم أو لدى نزولهم إلى السوق أو ارتفاقهم لدى مراكز الأمن الوطني”.
وأكد أدرداڭ أنه “بالنسبة لصنهاجة لم نسمع، بعد العفو الملكي، بإلقاء القبض على شخص ما ضحية شكايا كيدية مرتبطة بزراعة القنب الهندي؛ لكن هذا الأمر يظلّ منطقيا، بالنظر إلى أن الفترة التي مرّت على هذا العفو ليست طويلة، وهو لا يعني بأي حال عدم وجود ضحايا مبحوث عنهم بسبب هذه الشكايات”، مضيفا: “نشدد على أن ما يهمّنا هم المزارعون البسطاء، لا تجار المخدرات الذين نُؤكد بطبيعة الحال على ضرورة إنزال أقصى العقوبات بهم”.
وعدّ الفاعل المدني ذاته أنه “من المهم تحريك نقاش سياسي ومجتمعي صحي من أجل الدفع في اتجاه حصر عدد المبحوث عنهم ضمن القضايا المرتبطة بزراعة بالقنب الهندي، بما يمكن من الحصول على معطيات واضحة للاستناد إليها في ملتمس العفو العام الذي نريد رفعه إلى الملك محمد السادس”.
جريدة هسبريس الإلكترونية ناقشت هذا الموضوع مع شكيب الخياري، الناشط الحقوقي الخبير في ملف القنب الهندي بالمملكة، الذي استبعد تماما إمكانية وجود مزارعين صغار لهذه النبتة ضمن المبحوث عنه، قائلا: “لا يمكن القول بالإطلاق إن هناك فئة من المزارعين البسطاء ما زالت العدالة المغربية تتعقبها أو تقبع في السجون بسبب هذه الزراعة”.
وذكّر الخياري، في حديثه للجريدة، بأن “مبادرة العفو الملكي شمّلت 4 آلاف و831 شخصا من المدانين والمتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا مرتبطة بهذه الزراعة، تحديدا من المزارعين البسطاء الذين يعتمدون على زراعة القنب الهندي كمصدر رزق” مُبرزا أن “المستبعدين من هذا العفو المُهم، الذي دشّن مرحلةً جديدة في مسار تقنين القنب الهندي، هم الأشخاص المرتبطون بباقي حلقات الاتجار غير المشروع بالمخدرات؛ مثل من نسميهم “بارونات المخدرات” أو حتى المتورطين من التجار الصغار المعروفين بـ”السقاطة””.
وأوضح الناشط الحقوقي والخبير بملف القنب الهندي وتطوراته أن “الهدف من العفو الملكي، وكما تم التعبير عنه في بلاغ وزارة العدل، كان واضحا؛ وهو إعمال المصلحة الفضلى لمناطق زراعة القنب الهندي من خلال تشجيع انخراط المزارعين البسطاء وأصحاب الأراضي في دينامية الاقتصاد البديل”، مؤكدا مرة أخرى أن “كل هذه المعطيات تفند الحديث عن وجود مزارعين بسطاء مبحوث عنهم ضمن قضايا مرتبطة بزراعة القنب الهندي، بعد العفو الملكي”.