موجة تسريبات تضرب مباريات التعليم .. والغش يهدد نزاهة الامتحانات
استنكر باحثون في الشأن التربوي ما وصفوه بالممارسات “المسيئة” تربويًا وأخلاقيًا، التي رافقت اجتياز آلاف المجازين مباريات ولوج المراكز الجهوية للتربية والتكوين، بعدما “غصّت” وسائل التواصل الاجتماعي، منذ صباح السبت، بصور الاختبارات المسربة من قاعات الامتحان، مطالبين بـ”فتح تحقيق عاجل لمحاسبة الأشخاص الواقفين وراء هذه التسريبات”.
وطالعت جريدة هسبريس الإلكترونية عددًا من التدوينات والمناشير على “الفيسبوك”، مرفقة بصور لأسئلة الاختبارات الكتابية في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم واللغة الفرنسية الخاصة بمسلك أساتذة التعليم الابتدائي- التخصص المزدوج.
كما شملت التسريبات أسئلة اختبار مادة علوم التربية، الخاصة بالمسلك ذاته بتخصصيه المزدوج واللغة الأمازيغية.
ولم تسلم أيضًا أسئلة اختبار مادة الرياضيات لتخصصي الإعدادي والتأهيلي من التسريب.
ووفق ما طالعته الجريدة دائمًا، أرفقت مناشير أخرى بصور لأجوبة الاختبارات المنشورة على مجموعات “واتساب”، التي أُنشئت خصيصًا لهذا الغرض، في ممارسة “تضرب بعرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين، وتستلزم تغليظ الوزارة للعقوبات بحق المسربين”، حسبما اتفق عليه ناشطون وباحثون تربويون تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية.
#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} “ممارسة مسيئة” جمال شفيق، الخبير التربوي، أشار إلى أن “تداول التدوينات والمناشير، التي تضم صورًا لأسئلة وأجوبة اختبارات مباريات التعليم، في الدقائق الأولى لانطلاق الامتحانات، أصبح يتكرر كل سنة.
وهذه الممارسة مسيئة لصورة الوطن والمدرسة والمدرس المغربي، وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين في مقتل، وتهدد بإقحام أشخاص مفتقرين للقدرات والكفاءة المطلوبة في قطاع التعليم”، مطالبًا بـ”فتح تحقيق فوري لمحاسبة المتورطين في هذه التسريبات”.
وأضاف شفيق أن التجربة أثبتت أن المسربين غالبًا ما يكونون منتمين إلى شبكات منظمة لتسريب الامتحانات، ويترشحون للمباريات لأجل هذا الغرض فقط، وليس لاجتيازها لمزاولة مهنة التعليم.
وأشار إلى أن “هؤلاء يقومون بالتقاط صور للاختبارات ثم يغادرون القاعة في الدقائق الأولى من زمن الاختبار لإرسال التسريبات إلى زملائهم في هذه الشبكات، الذين يعكفون على تجهيز الأجوبة وتقاسمها داخل مجموعات “واتساب” مع المترشحين بمقابل مادي، أو بدونه في بعض الحالات”.
وأبرز أن المسؤولين والمراقبين في مراكز الامتحانات لا يدخرون جهدًا لمنع وقوع هذه الحوادث، لكن الوسائل التكنولوجية التي بات يوظفها أفراد هذه الشبكات متطورة جدًا، ويصعب في كثير من الأحيان رصدها وضبطها بالأجهزة المتاحة حاليًا.
وأضاف أن هذا يستلزم من الوزارة الوصية اقتناء معدات أكثر تطورًا لرصد ومنع هذه الممارسات المتفشية في مختلف المباريات، بما في ذلك مباريات البكالوريا والتعليم.
“عوامل متداخلة” من جهته، شاطر عبد الناصر الناجي، الخبير التربوي ورئيس مؤسسة “أماكن لتحسين جودة التعليم”، الأسف على تجدد هذه الممارسة.
وأبرز أن “هذه الممارسات تخدش صورة المدرس المغربي لأن مرتكبيها مرشحون ليصبحوا مدرسين في حال تمكنهم من اجتياز المباريات بنجاح.
ويُفترض فيهم أن يكونوا قدوة لتلاميذ البكالوريا والمستويات الأخرى”، مشددًا على “ضرورة تعجيل التحقيق لمحاسبة الغاشين والمسربين على السواء”.
وأضاف الناجي أن هذه الممارسة غير مبررة بأي شكل، لكنه أورد سببين رئيسيين وراء تجددها.
السبب الأول، بحسبه، يرتبط بكون العديد من حاملي الإجازات الأساسية، الذين يفتقرون إلى تكوين جيد في المواد التربوية، قد يجدون صعوبة في اجتياز هذه المباريات، مما يدفعهم إلى اللجوء للغش بسبب حاجتهم الماسة للتوظيف.
وأكد أن المجازين الذين يتقنون تخصصاتهم أقل عرضة للغش.
أما السبب الثاني فهو قيمي وأخلاقي، يقول الناجي، مشيرا إلى أن “الانضباط للقيم الأخلاقية، وعلى رأسها النزاهة، يشهد تراجعًا في المجتمع المغربي.
مقابل ذلك تغلب النزعة المادية، التي تحفز البعض على السعي للوصول إلى المناصب بأي طريقة ممكنة حتى لو كانت دون استحقاق”.
وأضاف أن هذا الواقع “يدفع الكثير من المترشحين إلى التساهل مع الغش، وقد يستسلم بعض الأساتذة المراقبين للإغراءات المادية ويتساهلون بدورهم في المراقبة”.