شيخوخة السكان تفرض تحديات جديدة .. كيف يستعد المغرب لرعاية المسنين؟
يحتفي العالم، في الفاتح من أكتوبر كل سنة، باليوم العالمي للمسنين، الذي اختارت لهم منظمة الأمم المتحدة هذه السنة شعار “الحفاظ على الكرامة مع التقدم في السن.
.
أهمية تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم”؛ فحسب الهيئة ذاتها، من المتوقع أن يفوق عدد المسنين عدد الشباب على المستوى الدولي، مع تسارع هذه الوتيرة في البلدان النامية بشكل خاص سنة 2030.
على الصعيد الوطني، أعلنت المندوبية السامية للتخطيط في وقت سابق أن “المغرب يوشك، على غرار دول أخرى عديدة، على إنهاء انتقاله الديمغرافي الذي يتميز بالشيخوخة التدريجية لسكانه”.
وأعلنت مندوبية التخطيط أن “نسبة السكان البالغين 60 سنة فأكثر ستستمر في الارتفاع، منتقلة من 9,4 في المائة سنة 2014 إلى 12,7 في المائة سنة 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 23,2 في المائة بحلول 2050”.
#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وفي هذا الإطار، قالت المنظمة الديمقراطية للشغل إن “المغرب لن يخرج عن قاعدة هذا التحول الديمغرافي، حيث يتجه الهرم الديمغرافي إلى الشيخوخة بوتيرة أسرع في السنوات المقبلة، وسيرتفع عدد المسنين في المجتمع في أفق 2030؛ وهو ما ستؤكده بلا شك نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024”.
وتحدثت المندوبية عن أن ارتفاع معدل الشيخوخة والمسنين المصابين بأمراض مزمنة والخرف سيفرض “تحديات ومتطلبات الرعاية الصحية الشاملة وخدمات الرعاية والدعم الاجتماعي، وأهمية تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وعلاجها طوال مسار الحياة، واعتماد سياسات وتشريعات تحمي حقوق المسنين والمتقاعدين وتضمن كرامتهم”.
من جانبه، قال عادل الحسني، أخصائي نفسي واجتماعي، إن “النقاش الجماعي والنقاش العمومي يجب أن يتخلى عن خطاب الإحساس بالذنب تجاه هذا الموضوع”.
وأضاف الحسني، ضمن تصريح لهسبريس: “إلى عهد قريب، نجد أن هناك وصلات إشهارية تحسس الناس بالذنب كأنهم يتخلون عن آبائهم؛ فيما العلاقة الأساسية بين الأبناء ووالديهم يجب أن تكون علاقة طيبة دائما، وأن الاستثناء هو الذي يجب أن يتم علاجه وليس العكس”.
وأكد الأخصائي النفسي والاجتماعي أن “خطابنا عموما يجب أن ينتقل من مجرد اعتبار أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية ستجعل الأبناء يضعون أهاليهم في دار للعجزة أو يتركونهم لمصيرهم إلى ضرورة الحفاظ على العلاقات الطيبة والجيدة والصحية بين الآباء وأبنائهم”.
وتابع المتحدث ذاته قائلا: “الأمور الآن اختلفت جذريا، نعيش حياة أكثر استقلالية دون أن نتخلى عن بعضنا البعض؛ وبالتالي يجب أن يتغير النقاش العمومي أيضا”.
معلقا: “اشتغلت في دار المسنين تقريبا لمدة سنتين، ودائما ما كانت طلبات الإيداع بها تُرفض، على اعتبار أنه لا بد من فتح تحقيق للتأكد من أن المعني لا يتوفر على أبناء.
لذا، نبحث عن أبنائهم ونحثهم على التكفل بالأب أو الأم باستخدام خطاب التحسيس بالذنب، وهو ما لا يجب أن يتم”.
وزاد قائلا: “جميعنا معنيون، وعلى الوزارة المعنية والإعلام والفنانين البحث عن سبب التصدع، والتفكير فيما نحتاجه نحن حينما نصبح في ذلك العمر، فالظروف الاقتصادية لا تجعل الشخص يعتني حتى بنفسه فما بالك بأولادنا أو آبائنا؛ وبالتالي يجب أن نقبل بوجود الخدمات الاجتماعية البديلة”.
وذكر الحسني بوجود قانون إطار أو قانون ينظم مهنة العاملين الاجتماعيين، الذين يمكن أن يتكلفوا برعاية المسنين حتى في منازلهم، قائلا: “وبالتالي، من الممكن أن نحتفظ بآبائنا في منازلنا ونرعاهم بمساعدة العاملين الاجتماعيين وفق ما توفره الشروط المادية والتنظيمية”.
وشدد الأخصائي على ضرورة “فتح نقاش عميق، وأن ننظر بوجه مكشوف لعقدة الذنب وإزالة الخوف لدى الآباء من أن يضعهم أبناؤهم أحيانا في دور العجزة، مما قد يؤدي بدوره إلى الإحساس بالذنب”.
ونبه المتحدث إلى أنه “يجب أن تكون العلاقة دائما سلسة، وما دام أن علاقتنا بأولادنا في صغرهم تكون سليمة، فأكيد أنها ستكون سليمة في المستقبل، والاستثناءات لا يُقاس عليها”.
ودعا أيضا إلى “التفكير في تيسير الخدمات التي تجعل الإنسان يعيش داخل بنيته الداخلية بنوع من السلاسة والمرونة والانسجام والمحبة والمودة والدفء، بدلا من فتح نقاشات تولد عقد الإحساس بالذنب والتأنيب”.
كما تحدث الحسني عن ضرورة أن “نفهم تصورنا للرعاية وكيف ستكون للمسنين، وتصورنا نحن داخل الأسرة، وكيف يمكن أن نرعى آباءنا”، قائلا: “التصور يكون أولا من قبل الآباء وكيف قاموا برعاية آبائهم.
.
وبالتالي، فهو كيف ستتم معاملتهم من قبل أبنائهم، وهذا خطأ؛ لأن الظروف مختلفة تماما.
لذا، من يجب أن يحدد هذا التصور هم الأبناء بأنفسهم”.