فعاليات مدنية تحذر من فراغ القصور ومداشر الواحات بسبب تداعيات الجفاف

أطلق تعمير الجفاف بواحات مناطق مختلفة من المغرب تحذيرات فعاليات مدنية من “هجرة جماعية” قد تلحق قصور ومداشر هذه الواحات، ما لم يتم تعويض فلاحيها الصغار عن الأضرار التي تخلفها هذه الوضعية.

وفيما قالت بعض الفعاليات التي تحدثت لهسبريس إن الهجرة بالقصور والقصبات تحولت من هجرة “الأبناء” قصد إعالة الأسرة إلى هجرة “العائلات”، طمأنت أخرى إلى أن الأمر “لا يدعو إلى القلق حتى الآن” دون أن تبعد الهجرة عن الخيارات المطروحة ما لم تتم التعبئة وتسريع الإجراءات التي من شأنها إنقاذ الواحة.

هجرة العائلات محمد لمين لبيض، ناشط بيئي وحقوقي بزاكورة، قال إن “ما آلت إليه الواحة، بسبب توالي سنوات الجفاف وعدم القيام بتدخلات معقولة وميدانية أو خلق حلول بديلة، ينذر بالفعل بهجرة جماعية”، لافتا إلى أن “قصورا كانت تضم حتى 100 عائلة لم يبق منها الآن سوى عشرين على أقصى تقدير”، محذرا من أنه “في حالة درعة السفلى، خصوصا، قد لا يبقى في بعض القصور سوى الأطلال منها بجماعات كتاوة وفزواطة وتاكونيت وتامكروت”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف لبيض في تصريح لهسبريس: “ليس بالإمكان الإنكار أنه في السابق كان فرد من كل عائلة في الأقل يسافر صوب المدن قصد إيجاد فرص شغل، يمكن من خلالها إرسال أموال إلى العائلات في القصور”؛ لكنه استحضر في الآن نفسه “أن الواحة كانت تؤمن فلاحة معيشية تغطي قسطا من مصاريف العائلة”، مبرزا أن “اتحاد الحرائق والجفاف جعل العديد من العائلات تلتحق بأبنائها في المدن الكبرى.

إنه تحول من هجرة الأفراد إلى هجرة العائلات”.

وعد الناشط الحقوقي والبيئي ذاته أن “مدخل إيقاف هذه الهجرة يتمثل في دعم الفلاح الصغير المقهور الذي يموت موتا بطيئا، وتحقيق المطالب بعدالة مجالية وتوزيع عادل في دعم الكوارث؛ إذ إنه مثلما يجري على سبيل المثال دعم المناطق الباردة وأعالي الجبال والمناطق التي تعرف تساقطات ثلجية بحطب التدفئة والتغذية والأفرشة، وهو أمر محمود، فإنه ينبغي الانفتاح على إقليم زاكورة وكافة الأقاليم الواحية عن طريق مد فلاحيها باللوحات الشمسية وغيرها”.

إشكال مطروح قال عبد الله سدراتي، فاعل مدني بإقليم تنغير، “إن هجرة الساكنة من قرى واحة دادس تظل إشكالا مطروحا؛ بالنظر إلى توالي شح المياه والتساقطات المطرية”، مسجلا أن “الأمر لا يدعو إلى القلق حتى الآن؛ لكنه يقف على قيام الدولة بالتعبئة وبناء سدود تلية، ودعم النظام القديم لسقي الواحات عبر بناء الخطارات لجمع المياه والتساقطات المطرية التي تضيع- على قلتها- سدى”.

ولفت الفاعل المدني، في تصريح لهسبريس، إلى أن ساكنة مداشر دادس كانت “تلجأ في السابق إلى الهجرة الفردية صوب المدن وعينها على تحسين ظروف المعيشة أو لمّ الشمل العائلي أو متابعة الدراسة في الجامعات والمعاهد التطبيقية الغائبة عن المنطقة”؛ إلا أنه مع عدم سقوط تساقطات مطرية منتظمة على هذه الواحة لمدة أربع أو خمس سنوات متتالية، تبرز الحاجة إلى “مجهودات جبارة” تحول دون تحول الجفاف إلى دافع للهجرة من مداشر المنطقة، حسب سدراتي.

لكن محمد بنشريف، باحث في علم الاجتماع وفاعل مدني ببوذنيب، قال إن للواحات التقليدية بضواحي المدينة “خصوصية” في هذا السياق، إذ “رغم تضافر الجفاف والحرائق التي انضافت إلى عوامل سابقة أثرت على إنتاجية الواحة على غرار اعتماد أنظمة سقي جديدة، فإنه ليست هناك هجرة من قصورها وقصباتها؛ حيث وجد الفلاحون الصغار فرص عمل في الضيعات الفلاحية الكبرى باعتبار أن هذه الضيعات تتطلب يدا عاملة كبيرة وتقدم امتيازات مهمة؛ ما أغرى الشباب بالعمل فيها”.

وأشار بنشريف، في تصريح لهسبريس، إلى أنه رغم “ذلك ساهمت هجرة الفلاح الصغير صوب هذه الضيعات الفلاحية التي تنتج أصنافا متميزة من التمور، والممتدة على آلاف الهكتارات، في تكريس إهمال الواحات التقليدية”، مستحضرا أن هذه الضيعات هي الأخرى لها يدٌ في “استنزاف الفرشة المائية الرباعية التي تتغذى منها الخطارات بالمنطقة على الفرشة المائية الباطنية”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 8 قراءة)
.