موسم عودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج يستنفر مرافق التعمير العمومية

استنفرت عودة المهاجرين المغاربة في الخارج مرافق التعمير العمومية، بما فيها أقسام التعمير في جماعات ترابية ومصالح الوكالات الحضرية والوكالات الجهوية التابعة للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسح الطبوغرافي؛ فقد تلقت هذه المرافق تعليمات من وزارتي الداخلية وإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة لغاية تخصيص شبابيك لاستقبال الفئة المذكورة من المرتفقين التي تختار الصيف من كل سنة لتسوية معاملاتها الإدارية، خصوصا في مجال التعمير والبناء.

وتعترض الإدارات المشار إليها والمرتفقين على حد سواء مجموعة من التعقيدات البيروقراطية وكثرة المعاملات الورقية والمستندات المطلوبة؛ الأمر الذي كان يتسبب في طول آجال معالجة الملفات، موازاة مع غياب التنسيق بين الإدارات المختلفة.

وفي ظل هذا الوضع، يضطر المرتفقون، بمن فيهم مغاربة الخارج، إلى التنقل بين مكاتب عديدة لإتمام معاملة واحدة؛ فيما تمركزت الفجوة الرقمية وضعف استخدام التكنولوجيا الحديثة في الإجراءات الإدارية عقبة رئيسية أمام تسوية عدد كبير من ملفات الطلبات، خصوصا المرتبطة بتراخيص البناء وشهادات المطابقة للسكن وغيرها من الوثائق الضرورية التي تحول استصدارها إلى عملية مرهقة وطويلة.

لعبت الرقمنة داخل بعض المرافق العمومية، خلال السنوات الأخيرة، دورا مهما في تسهيل الحصول على الوثائق والتراخيص؛ من خلال تبني أنظمة إلكترونية متطورة مكنت من تقليص مدة معالجة الطلبات بشكل كبير.

ومن ثم، أصبحت العديد من الخدمات متاحة عبر الإنترنيت؛ ما أغنى المواطنين ومغاربة الخارج أيضا عن الحاجة إلى الحضور المادي لمكاتب الإدارات، وهو التطور الذي ساهم في تحسين الشفافية والحد من شبهات الفساد الإداري، حيث يتم الآن تتبع الطلبات ومعالجتها إلكترونيا بطرق أكثر فعالية وأمانا.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} الثقة في الإدارة عرضت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، أخيرا، نتائج دراستها حول معالجة شكاوى المغاربة المقيمين بالخارج ضد الإدارات العمومية.

وقد أظهرت هذه النتائج وجود تفاوت كبير في طريقة تعامل كل إدارة مع قضايا الفئة المذكورة من المرتفقين، فتستجيب بعض الإدارات لطلباتهم بطريقة لا تحل مشاكلهم، في حين لا ترد إدارات أخرى عليهم بشكل نهائي، أو تتأخر كثيرا في الرد؛ ما يهدد بفقدان الثقة بين الطرفين، علما أن التعليمات الملكية واضحة في أكثر من خطاب حول وجوب إظهار الفعالية والاستجابة في معالجة قضايا الجالية المغربية بالخارج.

وأوضح خالد زكري، خبير في القانون العقاري والتعمير، في تصريح لهسبريس، أن المغاربة المقيمين في الخارج يواجهون صعوبة في التعامل مع التعقيدات البيروقراطية في مجال البناء والتعمير، عندما يقررون بناء أو إصلاح عقاراتهم ويدخلون في مقارنات بين المساطر المعتمدة في المملكة وببلدان المهجر حيث يقطنون.

وشدد الخبير ذاته على أنه على الرغم من توفر المملكة على ترسانة قانونية مهمة فيما يتعلق بتنظيم التعمير، فإن الواقع العملي يشير إلى مجموعة من الاختلالات التي ما زالت موضوع برامج وإجراءات إصلاحية يجري تفعيلها بين الفينة والأخرى، مؤكدا أن فواتير الوقت والجهد تزيد من شعور هذه الفئة من المرتفقين بالإحباط عند تسوية معاملاتها لدى المرافق العمومية.

وأضاف زكري أن المرتفقين من مغاربة الخارج يعانون من بطء إدارات عمومية في معالجة ملفات طلباتهم والرد على استفساراتهم، خصوصا في المناطق والجهات البعيدة، موضحا أنه باستثناء تجربة الدار البيضاء من خلال رقمنة تراخيص التعمير عبر منصة “كازا إيربا”؛ فمدن أخرى ما زالت يعاني المترفقون فيها من طول مسارات المعاملات المادية والتنقل بين المصالح والإدارات التي يغيب التنسيق بينها في أغلب الأحيان، منبها إلى أن النقص في استخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل كاف في رقمنة الإجراءات الإدارية يزيد من تعقيد المعاملات ويطيل مدة إنجازها، وهو النقص الذي يجعل العملية أقل شفافية وكفاءة.

الرقمنة والهجرة توفر الرقمنة منصات إلكترونية يمكن من خلالها تقديم طلبات للحصول على وثائق التعمير بكل سهولة دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، وتتيح للمستخدمين ملء الاستمارات وتحميل الوثائق المطلوبة وتتبع مسار طلباتهم عبر الإنترنيت، حيث تساهم الأنظمة الرقمية في تسريع عملية معالجة الطلبات من خلال نقل البيانات إلكترونيا بين الأقسام المختلفة؛ وهو ما يقلص الوقت المستغرق في التعامل مع الوثائق الورقية، فيما يسمح تتبع الطلبات عن بعد بشكل شفاف للمرتفقين بمعرفة وضعية طلباتهم في أي وقت وتجنب الضياع أو التأخير غير المبرر.

وبالنسبة إلى إيمان مرنيسي، مهندسة وإطار في وكالة خاصة بتطوير نظم المعلومات في الدار البيضاء، يمكن أن يشكل تسهيل ولوج المغاربة المقيمين في الخارج إلى خدمات التعمير من مكان إقامتهم بدول المهجر، دون الحاجة إلى السفر إلى المغرب أو تكبد تكاليف باهظة، قفزة نوعية في مسار رقمن الخدمات العمومية.

وأكدت مرنيسي، في تصريح لهسبربيس، أن الجانب المرتبط بالتعمير والبناء يهم بشكل كبير هذه الفئة من المرتفقين التي تحرص على تملك عقارات بالمملكة، ويعتبر مدخلا لإعادة الثقة في الإدارات العمومية.

وشددت المتحدثة ذاتها على ضرورة فتح قنوات رقمية تفاعلية بين المهاجر وبين الإدارة تتيح له طرح الأسئلة وتلقي الإجابات الفورية بشأنها؛ ما سينعكس إيجابا على المعاملات المنجزة بين الطرفين.

من جهته، لم يخف عبد الحق المصلوحي، مهاجر مغربي وفاعل جمعوي بإيطاليا، سخطه على بطء وتأخر المعاملات الإدارية، خصوصا في مجال التعمير؛ ما يؤثر سلبا على خطط المغاربة المقيمين في الخارج، سواء للاستثمار أو البناء أو السكن.

وأشار المهاجر المغربي والفاعل الجمعوي بإيطاليا، في تصريح لهسبريس، إلى أن تحويل معاملات الدعم المباشر للسكن، الذي يستفيد منه المهاجرون أيضا، إلى منصة رقمية كبيرة في المقابل يشكل تحولا جديدا في العلاقة بين المرتفق والإدارة، حيث تعفيه هذه المنصة من مجموعة من الوثائق والإجراءات التي تتطلب تنقله بشكل مادي، خصوصا أن المهاجر يحرص على تسوية معاملاته خلال فترة الصيف بالتزامن مع موسم عطلته السنوية التي يقضيها بين الإدارات في أغلب الأحيان.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 8 قراءة)
.