تشتت الحركة النقابية يضعف الطبقة العمالية ويطيل عمر الملفات الاجتماعية

في الوقت الذي تظل سنة 2024 ساخنة اجتماعيا بعدما توجهت الطبقة بمختلف القطاعات نحو إثارة ملفاتها والتأكيد على ضرورة وجود حلول لها تنهي فترة انتظارات عمّرت لسنوات بدا جليا أن النقابات لم تكن على قلب رجل واحد، ولا تزال كذلك، في سعيها إلى الدفاع عن حقوق الشغيلة ومكتسباتها، بما يؤكد “تشتتا نقابيا يساهم في إطالة أمد جواب الجهاز التنفيذي ومصالحه”.

على سبيل المثال، لم تُظهر النقابات الثلاث التي تهتم بملف كتّاب الضبط وحدةً في هذا الصدد بعدما تبين أنها تناضل بشكل فردي حول الملف نفسه؛ وهو الحال الذي ينطبق ولو بنسبة أقل على النقابات الممثلة لموظفي الجماعات الترابية، إذ نجد أربع نقابات متكتلة مقابل نقابة واحدة تنشط بشكل فردي، ما ينطبق كذلك على قطاعي التعليم والصحة كذلك، وبدرجات متفاوتة، مما يفتح الباب أمام أنشطة نقابية يؤكد نقابيون أنها “لا تساهم في حل الملفات الاجتماعية بقدر ما تقوي سلطة الحكومة”.

وتحدثت هسبريس لنقابيين يمثلون هيئات نقابية مختلفة حول الموضوع، حيث حملت تدخلاتهم تأكيدات واعترافات بكون الحركة النقابية بالمغرب “لم تتمكن، إلى حدود اليوم، من التكتل من أجل تصفية الملفات العالقة التي تهم شغيلة كل قطاع على حدة”؛ فقد لفتوا إلى وجود “صراع نقابي ـ نقابي خالص وبحث كل هيئة على زعامة نقابية وقيادة الشغيلة واستقطاب أكبر عدد من المنخرطين”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، كان واضحا في هذا الصدد بعدما أكد “وجود تشتت نقابي وصراعا نقابيا ـ نقابيا خالصا يبقى دون طائل ولا يفيد الحسم مع المطالب الخاصة بالطبقة العاملة في شيء لكونه يعطي إشارات للجهاز التنفيذي على أن النقابات لا يمكنها أن تُقدم على فعلٍ بإمكانه أن يُعرقل سير المرفق العام واستمرارية نشاطه لفائدة المواطنين”.

وأضاف لطفي لهسبريس أن “التشتت ينفع كذلك طبقة رجال الأعمال المشغلة لليد العاملة والتي تكون حُيال هذا مطمئنة؛ مما يجعلها لا تبدي أي جواب لها بخصوص مطالب عمالية ترفعُها الشغيلة”، موردا أن “المقاربة الميدانية الوحدوية هي التي تصنع الفارق وتؤثر في صناعة القرار لدى المؤسسة التنفيذية وتجعلها تشرع في إيجاد الحلول الممكنة وبشكل استعجالي”.

وأشار المتحدث إلى أن “الوحدة النقابية تكون نتائجها دائما إيجابية، ونستحضر هنا ما جرى خلال القرن الماضي في مناسبات مختلفة بعدما كان هناك اتفاق بين النقابات على ضرورة خوض إضرابات بشكل جماع؛ وهو ما تتوافق معه فكرة الجبهة الاجتماعية كذلك التي تكون مشكلة من نقابات وحركات مدنية وتنسيقيات تضع نصب أعينها ملفا بعينه وتناضل من أجله جماعة”، خالصا إلى أن “الصراع بين النقابات لا يفيد في شيء ما دام أن المطالب تهم مختلف الموظفين بقطاع معين، ويجب أن يكون هناك توافق على دفتر نقابي خاص يتم الترافع عنه بدون مزايدات”.

نقلنا المعطيات نفسها إلى عبد الرحيم أفقير، نقابي عن الاتحاد المغربي للشغل، والذي أورد أن “عدم التوافق النقابي يؤثر سلبا على سير ملف اجتماعي في حد ذاته، إذ نجد في الآونة الأخيرة عادة بمختلف القطاعات أن نقابة على سبيل المثال تجسد لوحدها إضرابا، في حين أن النقابات الأخرى لا تنخرط في أي شكل احتجاجي؛ الأمر يضع الحكومة والوزارة الوصية أمام عدد من السيناريوهات عوضا عن سيناريو واحد”.

أفقير أكد لهسبريس أن “هذا الواقع لا يساهم في نجاعة أي إضراب أو حركية احتجاجية تهم ملف شغيلة معينة، حيث لا تكون الوزارة المعنية به في هذا الصدد متحمسة لتفعيل الاستجابة الفورية للمطالب؛ في حين أنها كان يمكن أن تجد نفسها مجبرة على الاستجابة لو كانت وحدة نقابية”.

وأورد النقابي عن الاتحاد المغربي للشغل أن “هناك تدافعا بين النقابات حول الزعامة النقابية في كل قطاع على حدة وتنافسا على المراكز وعلى استقطاب أكبر عدد ممكن من المنخرطين”.

على المنحى نفسه سار تدخّلُ فخر الدين بنحدو، نقابي بالفيدرالية الديمقراطية للشغل، بعدما اعتبر أن “حلم كل مناضل مؤمن بحقوق الطبقة العاملة وعموم الكادحين ومدافع عنهم هو وجود وحدة نقابية وليس فقط نضالية بما يمكنه أن يجعلنا أمام فعل نقابي يمكنه مواجهة سلطة المنتجين الموفرين للعمل”.

وقال بنحدو لهسبريس إن “عدم التوحد النقابي يفتح الباب أمام الهجوم على مكتسبات العاملات والعاملين؛ غير أن الوصول إلى درجة التشارك في الاختيارات النقابية يحتاج إلى توفر شروط ذاتية وموضوعية، إذ يجب ألا ننسى أن الفعل النقابي المغربي لا يزال جنينيا وليس مشابها لما هو الحال عليه مثلا بدول عريقة ديمقراطيا”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أشهر | 4 قراءة)
.