خبراء بيئيون يربطون حكامة تدبير النفايات المنزلية بالتثمين الطاقي في المغرب

سعيا من المملكة إلى “تدبير مندمج ومستدام” للنفايات المنزلية (والمماثلة لها) بقصد تثمينها والتخلص منها بطريقة إيكولوجية، مع “الحد من آثارها على البيئة والمواطن”، يعكف القطاع الحكومي الوصي على التنمية المستدامة على “صياغة رؤية جديدة”، بحسب ما أعلنت عنه الوزيرة ليلى بنعلي أمام النواب بداية هذا الأسبوع.

وبينما أقرّت المسؤولة الحكومية بأن “الرهانات أكبر” مما تم خلال “البرنامج الوطني للنفايات المنزلية” بين 2008 و2022، المنجَز بشراكة مع وزارتَي الداخلية والاقتصاد والمالية، في إطار دعم الحكومة للجماعات؛ ما استدعى “الانتقال التدريجي نحو نظام الجمع الانتقائي للنفايات المنزلية عبر وضع نظام تدفق مزدوج (فصل المواد العضوية عن المواد القابلة للتدوير) وتشجيع التدوير والتثمين الطاقي للنفايات”، لفتت إلى تعاون جارٍ حالياً مع وزارة الداخلية لتفعيل “مقاربة مندمجة وتدبير مستدام للنفايات المنزلية بالنسبة للمشاريع الجديدة التي تدعمها الدولة أخذاً بالاعتبار سلسلة القيمة الكاملة (الجمع الانتقائي والتدوير والتثمين والتخلص الإيكولوجي من النفايات)”.

وفقا لمعطيات قدمتها خلال جلسة عمومية، فإن الهدف واضح: “الرفع من نسبة تثمين النفايات يتم عبر تطوير منظومات صناعية في هذا المجال وإنتاج الوقود البديل ليتم استخدامه على مستوى مصانع الإسمنت”، كما تستهدف الرؤية الجديدة “تقليص كمية النفايات المطمورة بحوالي 45% كهدف محدد في إطار اتفاقية شراكة متعلقة بتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها الموقعة بين ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ووزارة الداخلية، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الاقتصاد والمالية، وكذا الجمعية المهنية لشركات الإسمنت، بشكل يقلِّص حجم العُصارة المنتجة بالمطارح المراقَبة، وكذا مساحة الأراضي المخصصة للطمر”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وتسعى السلطات الوصية لـ”تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن تخمر هذه النفايات التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري”، مع إعداد مشروع القانون رقم 48.

23 بتغيير وتتميم القانون 28.

00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، متوخّية “مراعاة المبادئ والمقتضيات التي ينص عليها القانون الإطار رقم 99.

12 (المحدِّد للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة).

الإجراءات سالفة الذكر لم تمُر دون حصد “تنويه” عدد من الفعاليات البيئية المغربية، خصوصا تلك المهتمة بالتنمية المستدامة في بُعدها الإيكولوجي، علاوة على ربط حكامة تدبير النفايات بمسألة “التثمين الطاقي” التي قال بيئيون لجريدة هسبريس إن “المغرب مازالت أمامه أشواط كبيرة ليقطَعها في هذا المضمار”.

“ثروة غير مستغلة” أيوب كرير، ناشط بيئي رئيس جمعية أوكسجين للبيئة والصحة، قال معلقا في تفاعله مع الموضوع: “نثمن عمل الوزارة الوصية عبر إنجاز أبحاث ودراسات جدوى وتشخيص الموضوع، وكذا توفير أرضية ترسانة قانونية صلبة تخص فرز وتثمين النفايات المنزلية بالمغرب؛ غيرَ أنّ هناك تأخرا نسجله بشكل كبير في بلورة المجهودات على أرض الواقع”.

وأضاف كرير، في إفادات لهسبريس، أن “الممارسات المؤسساتية الرسمية يجب أن تنحوَ باتجاه إدماج وإلزام الجماعات الترابية بدفاتر تحملات واضحة حين تفويضها لهذا المرفق الحساس”، موصيا بمزيد من “إشراك المواطنين في الجهود التحسيسية”.

ونادى الفاعل الإيكولوجي المغربي بـ”ضرورة تقييم المنجَز والتعثرات في البرنامج الوطني للنفايات قبل المرور نحو تفعيل المرحلة الثانية عبر الرؤية الجديدة الواردة في الإفادات الرسمية”، مشددا على “تكامل مجموعة استراتيجيات بين وزارات الانتقال الطاقي والصناعة والداخلية ثم المالية”.

ونبه إلى “ثغرة إشكالية في طريقة تفويض الجماعات الترابية إلى شركات التدبير المفوض لتدبير نظافة المدن الكبرى خصوصا”، مفسرا ذلك بـ”شبه غياب للتكوين لدى منتخبي الشأن المحلي الذي لا يقع الأمر ضمن أولوياته في سياسات البيئة”.

كما لفت كرير إلى أن “بلورة دفاتر التحملات ليس فيها أدنى اعتبار للفرز والتثمين الطاقي المنشود”، منتقدا “تبني استراتيجية فوقية مركزية”، معتبرا أن “إشراك الشركات ضروري” وأن “المصانع شريك محوري في هذا الصدد”.

وأوصى المتحدث لهسبريس بـ”استغلال الفرز في القطاع الصناعي لإنتاج الطاقة”، موردا أن “تثمين نفايات محلية بدل استيرادها يجعل منها ثروة من الناحية الاقتصادية والصحية والبيئية، مقابل أثر بيئي وصحي واقتصادي لعدم استغلالها عبر الطمر”، منبها إلى “فقدان القيمة وتأثير سلبي على التربة وباطن الأرض ومكونات الماء والهواء في جميع المجالات الجغرافية القريبة من المطارح”.

“نقلة بوقع إيجابي” بدوره لم يذهب بعيداً محمد بنعبو، مهندس بيئي خبير في التنمية المستدامة، مؤكدا أن “الرؤية الجديدة لتدبير النفايات المنزلية لها ارتباط مباشر بهذه النقلة التشريعية اليوم من قانون 28.

00 إلى قانون جديد لعملية الانتقاء أو الفرز من المصدر”.

بنعبو في شروح إضافية لهسبريس أكد أن “تجارب ميدانية لعمليات التثمين للنفايات عبر الفرز والجمع الانتقائي بمجموعة من المدن الكبرى أتت أكلها”، مسجلا أن مدنا مثل فاس، البيضاء ومراكش “يمكن أن تكون ناجحة فيها بامتياز، بحكم وجود مراكز متخصصة في تثمين النفايات، وكذلك حتى مجهودات المجتمع المدني تضمن انخراط الجميع في هذه العمليات”.

“نتوفر اليوم على رؤية جديدة سيتمكن المغرب عبرها من تثمين طاقي وإيكولوجيٍ مهمّ لعدد من النفايات التي كانت تُفقد معظمها في المطارح العشوائية في عمليات الحرق المباشر المضرّة بجودة الهواء”، يورد المتحدث للجريدة.

وتابع: “هناك قانون ينظم مسار وحكامة تدبير هذه النفايات المنزلية والمشابهة لها؛ وبالتالي الانتقال نحو رؤية جديدة لتدبير النفايات المنزلية لن يكون له سوى الوقع الاقتصادي الإيجابي على المملكة، مع الأثر الاجتماعي والبيئي كذلك، خاصة في ظل انخراط المملكة المغربية بمجموعة من المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحظر حرق النفايات لارتباطها بظاهرة الاحتباس الحراري”.

وذكّر الخبير البيئي بأن “المغرب من الدول الأولى التي وقّعت بالخطوط العريضة على اتفاقية باريس للمناخ، ما جعله يرفع من نسبة المساهمة وطنياً من 42 إلى 45 في المئة، وقطاع النفايات من بين القطاعات الحيوية الأخرى المساهمة في بلوغ هذه المساهمة لخفض انبعاثات غازات ملوثة ودفيئة”.

وبعدما دعا إلى “مزيد من الحزم تجاه المطارح العشوائية”، خصوصا بالأحزمة الحضرية، شدد بنعبو على أن “الانتقال نحو رؤية جديدة يضمَن الوقع الجيد على المنظومات البيئية ويقطَع مع واقع إفرازات عصارة النفايات التي تؤثر على الفرشة المائية وجودة الأراضي الفلاحية المجاورة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أيام | 8 قراءة)
.