دلوح تنادي بتجويد "حكامة الهجرة"

من أجل تحقيق “الحكامة” في ميدان الهجرة، أوصت دراسة جديدة بـ”اعتماد استراتيجية وطنية مندمجة لسياسات الهجرة، موجهة للمغاربة والأجانب، تختص بحكامة الهجرة غير النظامية، وتروم ملاءمة التطورات الحالية والمستقبلية القائمة على الالتزام بالحقوق، وعلى النُّهُج المبتكرة والفعالة، بما فيها الاعتبارات الجنسانية والنزوح البيئي، واتساق وتعزيز آليات التعاون والشراكات بين جل الفاعلين، بما فيها المساعدة المالية والتقنية”.

جاء هذا في دراسة للباحثة المتخصصة في الهجرة منى دلوح، نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات، وهو مؤسسة بحثية مغربية غير رسمية تعنى بالسياسات العامة بالمملكة، وعدّدت توصيات، بعدما خلصت إلى أن المغرب قد “حقق مكتسبات في حكامة الهجرة وتطورا في تكييف الالتزامات والتحولات الدولية ذات الصلة بأنسنة سياساتها وتشريعاتها على المستوى القاري، سواء من حيث تأهيل إطاره القانوني أو المؤسساتي، لكن مع ذلك لازالت هناك إكراهات تحد من الارتقاء بهذه الحكامة، منها ما هو قانوني وتدبيري”.

ووافقت الدراسة مطالب مراقبين متعددين لوضع تدبير الهجرة غير النظامية، خاصة في الطيف المدافع عن حقوق المهاجرين، موصية بـ”تحسين الإطار المعياري والتشريعي من المصطلحات غير الصحيحة التي تجرم المهاجرين غير النظاميين في الترسانة القانونية المنظمة للهجرة بالمغرب، وامتثالها للقانون الدولي الذي تتطلبه الهجرة الإنسانية والمنظمة والقائمة على الأدلة بحسب إطار حوكمة الهجرة لسنة 2015، وإطار سياسة الهجرة في إفريقيا 2018-2030″.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وتشبّث المصدر بضرورة الأنسنة، موصيا بـ”استحضار البعد الإنساني الشامل في معالجة الهجرة غير النظامية، كونها حركة ناجمة عن عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والصحي المهدد للأمان الإنساني، والعمل على موازنته مع متطلبات الأمن الداخلي للدولة والمواطنين والمواطنات”.

كما دعت الدراسة إلى “وضع قانون إطار منظم للهجرة غير النظامية بالمغرب، كجزء من الترسانة القانونية المتعلقة بالهجرة، يمتثل للتوصيات الصادرة عن الهيئات سواء الوطنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أو الدولية كالمنظمة الدولية للهجرة، أو المنظمات الإقليمية المعنية بحقوق الإنسان”.

وأردفت الدراسة بأنه ينبغي “تحيين مشروع قانون الهجرة 17-72 وفق دعامات جديدة تساير التحديات”، وموازنة “توصيات الهيئات الوطنية التي تروم أنسنة التنظيم القانوني، بما فيها اعتماد عقوبات مناسبة لجريمة تهريب المهاجرين بما يتناسب مع الجريمة وحماية حقوق المهاجرين المهربين، وتراعي مقتضيات البرتوكول الخاص بمكافحة تهريب المهاجرين، قبل إحالته للمصادقة والعمل به”.

الدراسة المعنونة بـ”حكامة تدبير الهجرة غير النظامية بالمغرب: منجزات وانتظارات”، نبهت إلى الحاجة إلى “إدماج مقتضيات الضغوط المناخية والبيئية في قوانين تدبير الهجرة غير النظامية واللجوء”، وأيضا “في السياسات القطاعية المستقبلية قبل إخراجها لحيز الوجود”، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم والهجرات.

ورصدت الدراسة معاناة مهاجرين من “تمييز اجتماعي ومؤسسي، بالأخص النساء المهاجرات بسبب وضعهن القانوني وعدم حيازتهن جوازات سفر، ما يؤدي إلى تفاقم التحيزات النوعية في الولوج للخدمات، إذ حوالي 38 في المائة من النساء يمتهن أعمالا منزلية ذات أوضاع هشة تتميز بضعف التأطير بين المشغل والمهاجرات، فضلا عن الطرد القسري والإجلاء غير القانوني من قبل السلطات الأمنية، التي تواترت ووصلت نسبة 6 في المائة من الذين تم إرجاعهم قسرا لبلدانهم، ما يجعل من بعض التشريعات والسياسات المتبعة غير إنسانية وتحرم المهاجرين من التمتع بحقوق الإنسان الواجبة لهم، رغم التوجه الإنساني المتبع في السياسة المغربية المعنية بذلك”.

وزادت مسطرة على أن “تدفقات الهجرة غير النظامية تؤدي أحيانا إلى تباين وعدم توازن في تبني مقاربات حقوقية تربط الهجرة بحق التنقل والتنمية، وما بين سياسات متحكمة تمنح الأولوية لسيادة الدول وضبط الحدود في التعامل مع حركة المهاجرين والمهاجرات، خاصة على المستوى الأوروبي، نظرا لتأزم الأوضاع التي تشهدها بعض دول الساحل الإفريقي، مثل مالي ونيجيريا، التي تعرف تقلبات لانعدام الأمن بسبب الصراعات الاثنية والطائفية التي أفرزت كيانات مثل كيان الطوارق الكبرى، فضلا عن اندلاع الأزمة بليبيا بعد انهيار النظام 2011 وأخذها أبعادا إقليمية لتمس منطقة الساحل وتجسد الترابط الاستراتيجي للتهديدات بين مناطق الجوار، الأمر الذي يؤثر على استقرار الشعوب ويدخلها في دوامة البحث عن الأمن والطمأنينة العامة، والتحرك باتجاه مستقبل أفضل باستعمال كافة الطرق، سواء القانونية أو غير القانونية، نحو الضفة الأخرى، لاجتياز حدود دول قريبة من ذلك”.

هذا الواقع يستدعي، حسب ما سطّرته الدراسة، “إحداث مرصد للهجرة تابع لوزارة الخارجية يتولى تحيين المعطيات المتعلقة بعدد المهاجرين غير النظاميين بالمغرب، التي أصبحت متجاوزة وتعيق من وجود تقارير رسمية وطنية دقيقة”، ويضمّ “فاعلين ومختصين تابعين لجلّ القطاعات المعنية”، مع العمل على ألّا يقتصر “الإطار المالي الذي يخصصه المغرب في علاقاته مع شركائه في تدبير وحكامة القضية”، على جانب “حراسة الحدود ومراقبتها”، ويراعي “كافة الأبعاد التي تحول لتدبير إنساني فعال، بما فيها التنظيمات والإجراءات المتبعة في ذلك”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أيام | 4 قراءة)
.