تغير سلوك الشراء عند الجالية يجبر المنعشين على مراجعة العروض العقارية

يراهن المنعشون العقاريون على موسم الصيف من أجل تصريف مخزوناتهم من المنتوجات العقارية المختلفة، مستندين إلى طفرة متوقعة في الطلب بعودة المهاجرين المغاربة من الخارج، وتقدم متواصل لبرنامج الدعم المباشر من أجل اقتناء السكن، الذي لم يستثن هذه الفئة من المغاربة، إضافة إلى استمرار الاستقرار النسبي في معدلات الفائدة على القروض العقارية، وتمويلات السكن، بما في ذلك التشاركية منها، على غرار منتوج “مرابحة”.

وشهدت السوق العقارية خلال الفترة الماضية حالة من الركود بسبب تباطؤ الطلب، نتيجة استقرار الأسعار عند مستويات مرتفعة مقابل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، بما في ذلك مغاربة الخارج، وارتفاع كلفة الاقتراض، وكذا تطور قيمة منتوجات السكن بتطور أسعار مواد البناء وندرة الأوعية العقارية، خصوصا المحتضنة لمشاريع السكن الاقتصادي، التي شكلت محرك الطلب في السوق خلال السنوات الماضية.

تشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن بنك المغرب إلى مواصلة البنوك فتح صنابير التمويل لفائدة الزبائن من أجل اقتناء السكن، إذ تراجع معدل الفائدة على قروض السكن من 4.

83 في المائة إلى 4.

81 في المائة بين الفصلين الأول من السنة الجارية والرابع من السنة الماضية، بينما قفزت قيمة هذه القروض إلى 244.

1 مليار درهم بنهاية أبريل الماضي، بزيادة نسبتها 1.

4 في المائة على أساس سنوي، علما أن 22.

5 مليار درهم من قيمة التمويلات المذكورة عبارة عن قروض تشاركية تحت اسم “مرابحة عقارية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} متغيرات السوق يواجه المنعشون والشركات العقارية الفاعلة في السوق تحديات جديدة هذا الصيف، ترتبط بتغير سلوكيات الزبائن، خصوصا المهاجرين المغاربة في الخارج، حيث تحولت متطلبات الجيل الجديد من المهاجرين نحو خيارات السكن الصالح للاستثمار عبر الكراء محدد وطويل الأمد، واقتناء القطع الأرضية المخصصة للبناء الذاتي، في الوقت الذي يتوقع تزايد الطلب على منتوجات السكن المتوسط، رغم حصته الضعيفة من الدعم، في إطار برنامج “الدعم المباشر للسكن”، مقارنة مع منتوجات السكن الاقتصادي.

وأوضح نبيل نور، خبير وكيل عقاري بالدار البيضاء أن الطلب على العقار المخصص للسكن لا يرتبط بموسم معين من الناحية المبدئية، مشيرا إلى أن الزبائن، خصوصا المهاجرين المغاربة في الخارج، يستغلون فصل الصيف في المعاينة فقط ومقارنة الأسعار لينجزوا عمليات الشراء الفعلية خلال فترة لاحقة، مؤكدا في السياق ذاته أن السنوات الأخيرة شهدت تغيرا في سلوك هذه الفئة من الزبائن، التي أصبحت تميل إلى اقتناء عقارات سكنية لأغراض الاستثمار عبر الكراء وإعادة البيع أيضا.

وكشف نور، في تصريح لهسبريس، توجه مغاربة الخارج، خصوصا المقيمين في البلدان الأوروبية وكندا، إلى التكتل في خطط استثمارية جماعية، من خلال تجميع الرساميل وشراء أراض وبنائها في المغرب، على غرار الأنشطة التي تقوم بها الوداديات السكنية، منبها إلى أن تطور مستويات التضخم في بلدان المهجر أجبر هذه الفئة من المغاربة على تكثيف الاستثمار في العقار من أجل المحافظة على قيمة مدخراتهم المالية، مشددا على تزايد التوجه نحو اقتناء عقارات سكنية ذات قيمة عالية في هذا الشأن.

معيقات الطلب يعتبر السعر أحد أهم المشاكل التي تعترض التطور في السوق العقارية، خصوصا أن المنعشين العقاريين يواجهون أربعة تحديات رئيسية، هي التضخم الذي له تأثير تصاعدي على أسعار مواد البناء، وارتفاع تكلفة الأرض، والأعباء الإدارية والضرائب (ضرائب التسجيل، رسوم إدارية إلخ)، حيث يتحمل المشتري في النهاية كل هذه الرسوم، ما يمثل عقبة كبيرة أمام اتخاذ قرار الشراء النهائي، وفق ما أكده إبراهيم رجوي، منعش عقاري، مشددا على أن المنعشين مدعوون إلى إعادة النظر في سياساتهم التجارية بتبني تخفيضات نسبية، لغاية تسريع تصريف مخزوناتهم وتحفيز الطلب في السوق.

وأضاف رجوي، في تصريح لهسبريس، أن المنعشين العقاريين يراهنون على موسم الصيف، ومغاربة العالم تحديدا، من أجل إخراج السوق العقارية من ركودها، في ظل تباطؤ الطلب وارتفاع أسعار مواد البناء، وتراجع وتيرة تمويل المنعشين من قبل البنوك، واستمرار حالة الشك وعدم اليقين بشأن الاستثمارات المستقبلية، خصوصا في ظل الخلل الحاصل في العرض بالسوق، تحديدا منتوجي السكن الاقتصادي والمتوسط، ذلك أن المنتوج الأول أصبح متوفرا خارج المدارات الحضرية الكبرى، فيما سجلت أسعاره تطورا مهما بسبب تفشي ظاهرة “النوار”.

وأشار المنعش العقاري ذاته إلى تمركز “التسليم الفوري” كعامل جذب مهم بالنسبة إلى الزبائن من المغاربة المقيمين في الخارج، موضحا أن أحدث الإحصائيات حول وضعية السوق والطلب بشكل محدد تظهر تركز 61% من الطلب على الشقق موضوع التسليم المباشر في مدينتي الدار البيضاء ومراكش، معتبرا أن الزبائن من المهاجرين الذين يتوافدون على المملكة خلال عملية “مرحبا”، يمثل التسليم الآني للمفاتيح مصدر ثقة بالنسبة إليهم، في ظل تنامي حالات النصب والاحتيال العقارية.

“شهادة الموقع” شهدت السوق العقارية تحولا مهما مؤخرا، مع زيادة الطلب على “شهادة الموقع” (Le certificat de localisation)، من قبل الموثقين، حيث أصبحت هذه الوثيقة الحيوية، التي يقوم بإعدادها مهندس مساح طبوغرافي، وتوضح الوضع القانوني والفيزيائي للعقار، لاعبا أساسيا في شفافية وشرعية معاملات العقارات، يوفر حماية إضافية للبائعين والمشترين.

وبهذا الخصوص، أكدت إلهام سرحاني، مستشارة تجارية وبنكية في القطاع العقاري، أن “شهادة الموقع” أصبحت تكتسي أهمية كبيرة لدى المشترين خلال الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي تفاعل معه الموثقون وصاروا يطلبونها باستمرار في أي عقد بيع أو شراء، موضحة أن أهميتها تكمن في تقديمها معلومات دقيقة حول العقار، ما يساهم في تجنب النزاعات وضمان معاملات موثوقة، معتبرة أنه “بالنسبة إلى البائعين، فهذه الشهادة ضرورية لبيع ممتلكاتهم.

وبالنسبة إلى المشترين، تمثل ضمانا إضافيا بشأن شرعية العقار.

ورغم أن هذه الشهادة قد تمثل تكلفة، إلا أنها تظل استثمارا حيويا للأمان والراحة النفسية”.

وأفادت سرحاني، في تصريح لهسبريس، بأن “شهادة الموقع” وثيقة تعد من قبل مهندس مساح-طوبوغرافي، وتفصل الوضع القانوني والتقني لعقار معين؛ إذ توفر معلومات دقيقة، مثل موقع العقار وأبعاده، وأي حقوق مشروطة أو قيود محتملة، ومدى تطابقه مع قوانين التهيئة الحضرية، كما تشكل مستندا للحصول على رؤية شاملة وواسعة للوضعية الحالية للملكية العقارية.

وأصبح مشترون ومنعشون عقاريون يلجؤون بشكل متزايد إلى مكاتب للمسح الطبوغرافي، من أجل استخلاص “شهادة الموقع”، التي باتت شرطا حيويا لإتمام البيوع العقارية، حيث تساهم هذه المكاتب بخبرتها ودقتها في تأمين المعاملات العقارية.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أسابيع | 3 قراءة)
.