نشطاء أمازيغ ينتقدون غياب "الحس الإفريقي" عن التضامن الشعبي المغربي

على هامش استمرار سقوط أعداد مهمة من المدنيين في إفريقيا نتيجة الأزمات الحروب والأهلية، التي تشهدها عدد من دول القارة على غرار مالي والسودان والصومال وإفريقيا الوسطى، انتقد نشطاء أمازيغ ما وصفوه بـ”غياب الحس الإفريقي في التضامن الشعبي المغربي”، وهو ما يُعاكس، حسبهم، التوجهات الإفريقية الجديدة للمملكة المغربية، التي جعل دستورها من “تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، لا سيما بلدان الساحل وجنوب الصحراء”، ثابتا من ثوابت السياسة الخارجية للبلاد.

في هذا الصدد، قال عبد الله بوشطارت، كاتب وباحث في التاريخ والثقافة الأمازيغية، إن “المغاربة يفتقرون إلى روابط الانتماء المشترك إلى القارة الإفريقية، التي تجعلهم لا يتضامنون مع مآسي الشعوب الإفريقية بالرغم من كونهم ينتمون جغرافيا وثقافيا إلى إفريقيا، لكن للأسف الشديد لا يشعرون بمآسي وحروب الإبادة التي تعاني منها إفريقيا لأسباب إيديولوجية وسياسية محضة”.

وأوضح بوشطارت أن “الدولة والأحزاب والنسق السياسي والثقافي بالمغرب ما بعد الاستقلال سجن نفسه داخل منظومة إيديولوجية متزمتة تتأسس على العرقية، وهي إيديولوجية القومية العربية التي كانت تهيمن بشكل مطلق على العقل السياسي المغربي في العقود الماضية، إذ تبنت الدولة الأيديولوجية نفسها وكرستها في التعليم والإعلام وجميع الإدارات”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وسجل أن “هذا التوجه العام جعل المغاربة يفقدون حس الانتماء إلى إفريقيا حتى أنهم لا يبالون بما يجري فيها ولا يتفاعلون مع الحدث الإفريقي إطلاقاً، رغم أن جل شعوب إفريقيا مسلمون كالسودان وتشاد وأزواد ومالي ونيجيريا وغيرها، لكن المغاربة لا يهمهم ذلك لسبب بسيط هو أن القومية العربية مبنية على العروبة وعلى العرقية التي صنعت قارة وهمية جديدة هي العالم العربي من المحيط إلى الخليج”.

ولفت إلى أن “هذه الأوهام الإيدولوجية هي التي تسببت في كوارث سياسية لن يغفرها التاريخ، إذ وجد المغاربة أنفسهم مسجونين داخل هذا السياج الدوغمائي، الذي زج بهم في صراعات وحروب بعيدة عنهم، وأصبحت هذه الأوهام عقيدة سياسية عند جل المغاربة إلى أن ظهرت الحركة الأمازيغية بخطاب جديد وبدأت في عملية الاستشفاء من خلال تحسيس المغاربة بروح الانتماء إلى إفريقيا والتعريف بقضايا الشعوب الإفريقية القريبة منا”.

من جهته، أوضح الناشط الأمازيغي يوسف بن الشيخ أن “المغرب استحضر بعده وهويته الإفريقيتين، سواء في مقتضيات الدستور المغربي أو من خلال الخطب الملكية، التي طالما أكدت على أهمية تقوية علاقات التعاون والتضامن مع شعوب ودول القارة، إلا أن هذا التوجه غائب تماما على المستوى الشعبي، إذ تعاني مجموعة من الدول، بما فيها الدول المسلمة، من حروب أهلية يروح ضحيتها عشرات المدنيين بشكل شبه يومي”.

وأشار المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “المغاربة يخرجون إلى الشوارع تنديدا بالقتل الذي يتعرض له المدنيون الفلسطينيون، في حين لا نشهد أي خطوات مماثلة فيما يتعرض له المدنيون الأفارقة في دول ومناطق يتقاسم معها المغرب الروابط الدينية نفسها كالسودان والصومال وأزواد”.

وأرجع السبب في ذلك إلى “سيطرة الإيديولوجيا القومية العربية ومحاولتها تنميط الفعل التضامني، في حين يقتضي المنطق التاريخي عدم تجزئة هذا الفعل، في الوقت الذي كان من الأولى التضامن مع قضايا ومعاناة الشعوب الإفريقية، التي تشترك مع المغرب في روابط التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، بل حتى الدين في بعض الأمثلة”.

وأوضح أن “التضامن الشعبي المغربي أصبح، للأسف الشديد، محكوما بإيديولوجيات وبهاجس قومي ضيق، وهو ما يكشف عن ازدواجية في المعايير في التعامل مع قضايا الشعوب الأخرى، وهي الازدواجية ذاتها التي طالما تمت إثارتها في تعامل الدول الغربية مع الصراع في الشرق الأوسط مقارنة بالصراع بين أوكرانيا وروسيا”.

وخلص إلى أن “الحركة الأمازيغية تتضامن مع جميع القضايا الإنسانية والعادلة في العالم، مع ضرورة بل أولوية تكريس هذا التضامن من أجل خدمة قضايا الشعوب التي تجمعها بالمغرب الوحدة الجغرافية والتاريخية والثقافية”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أسابيع | 5 قراءة)
.