سفارة الرباط بأذربيجان تتواصل بـ"عمران الحضارة المغربية" منذ العصور القديمة

ترأس السفير المغربي المعتمد بدولة أذربيجان، محمد عادل أمبارش، حفل افتتاح معرض صور يتضمن 90 أيقونة فوتوغرافية، تقرّب المرتفقين بمركز “أسان خدمة” بعاصمة الدولة الأوراسية، الذي يقدم مختلف خدمات الارتفاق، من “الحضارة المغربيّة” ومواصلة “التكلّم” مع الأجنبيّ باعتماد “الذخيرة التراثية”، مادية كانت أو غير مادية، كلغة للدبلوماسية الثقافية.

وكأفق “معياري جديد وراسخ في عمل التمثيل الدبلوماسي” بهذا البلد الذي يقع على ناصية كلّ من أوروبا وآسيا، يسافر هذا المعرض بالرّائي، الذي لا يعرف المغرب، إلى “تألّق عمراني” متجذر في العصور القديمة، كما هو الحال مع وليلي والليكسوس وتمودة، كما ينتقل إلى المآثر العمرانيّة التي شيّدت في عهد السّلالات التي حكمت المغرب وخلّفت “رصيداً من البناء” يعدّ اليوم “تراثاً عالميّا”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} سلالات الأدارسة والمرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين والعلويين، كلها وجدت تعبيراً متساويا داخل هذا المعرض، بشكل يحتفي بتفرد كلّ إمبراطورية في وضع “لمسة حضاريّة جديدة” على التّراث الثّقافي الإجمالي للبلاد.

ولهذا، جرى استدعاء القصور والقصبات والمساجد والمناطق العتيقة بالمدن الإمبريالية، والعمران العصري أيضاً، لتكون “مواضيع مُصوّرة” ومعروضة في قلب باكو.

امتحان ثقافي حين كان يحاول أن يفتتح المعرض، لفت السفير المغربي أمبارش إلى ما وصفه بـ”التعاون المفيد والمثمر” مع الوكالة الحكومية للخدمات العامة والابتكارات الاجتماعية التابعة لرئيس جمهورية أذربيجان؛ فبفضل هذا التعاون “يتزين مركز أسان خدمة لمدة أسبوع بهذه الصور، مما سيحول زمن انتظار نحو 3000 مرتفق يوميا إلى فرصة ثقافية وتعريفة بثراء الثقافة المغربية”، معلنا أنه “سيتم تنظيم معارض مماثلة في مراكز أخرى بأذربيجان”.

وعدّ السفير الـ90 صورة بمثابة “شهادات” على تراث قديم واكب مختلف الحدود التي توسّع داخلها المغرب، لذلك هو معرض يتحرك بدءاً بفترة العصور القديمة، التي بدأت منذ حوالي 28 قرناً، حيث تم وضع أسس تاريخنا المعماري مع مدن مثل ليكسوس ووليلي وتمودة”، معرجا على حقبة السلالات التي حكمت البلاد على التوالي، بداية مع الأدارسة الذين أسسوا دولة المغرب الوطنية منذ عام 788م، وصولاً إلى السلالة العلوية الحاكمة اليوم.

وقال أمبارش: “لم تشكل هذه السلالات الهوية المعمارية للمغرب فحسب، بل تركت أيضا إرثا خالداً عبر شبه الجزيرة الإيبيرية وشمال أفريقيا”، والمعرض “ينقل الزوار بنوع من الانسيابية عبر المناظر الطبيعية الخلابة داخل فضاءات القصور والقصبات، وعلينا أن نذكر بأن معظم هذه المواقع تم إدراجها كتراث عالمي لليونسكو، وبعضها كان حقلاً مُغريا بالنسبة للسينما العالمية، مثل قصبة آيت بنحدو بورزازات”.

وذكر السفير وجود حيز مهم للمدن الإمبريالية المغربية، التي نظر إليها كـ”شهادة حيّة على تاريخ بلد عريق غني ومتنوع”؛ فلكل “مدينة منها سحرها الخاص، لا سيما حين يتوقّد هذا السحر في دروب وأزقة مدن العريقة”، مشددا على أهمية عدم ترك العصر الحديث مهملاً، فهو “خلطة متراصّة” تجمع فورة الابتكارات والتكنولوجيا المتلاحقة، لكنها تضمن احتراما عميقا للتراث، لا سيما من حيث المادة والتصميم.

وتطرّق المسؤول الدبلوماسي المغربي في الختام إلى أهمية “جرّ” الرياض المغربي “أعين” الأذربيجانيين والمقيمين بهذه الدولة، فهو يعتبر مثالاً للهندسة المعمارية المغربية التي دفعت بالقدرة على التنافس بين الحرفيين إلى حدها الأقصى لخلق أنماط جديدة تتجاوز الجاهز والمألوف، ولهذا تمسّك كلّ “فنان” بتعابير البذخ والصقل والتطوير المتواصل، ما نجم عن تأهيل مسار مستمر من الإبداع والابتكار.

تراث يتعرض للهجوم سمير الدهر، السفير المندوب الدائم للمغرب لدى اليونسكو، قال إن “هذا المعرض هو مبادرة جد محمودة، تعرف بالثقافة المغربية لدى مواطني أذربيجان الذين نرى أنهم ليسوا مقربين كثيرا من السياق المغربي عموما”، معتبراً أن تفعيل دور الدبلوماسية الثقافية بهذا الشكل يقوي توجه البلد في هذا السياق ويساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه على المستوين المتوسط والبعيد.

وأضاف الدهر، في تصريح لهسبريس، أن “التراث المادي وغير المادي المغربي أصبح اليوم يتعرض للكثير من الهجوم، وصار موضوع جدل، بل صار يتخذ وجها سياسيّا، ولهذا تعدّ مثل هذه المبادرات مطلوبة في سياق مواكبة مختلف قنوات العمل الدبلوماسي للجهود التي تقوم بها وزارة الثقافة والشباب والتواصل في إطار حماية التراث الوطني وتعريف الشعوب الأخرى بتراثنا الحقيقي الذي لا يقبل التزييف”.

وحذر السفير المغربي من “محاولات الاستيلاء التي صارت تستهدف التراث المغربي المادي وغير المادي”، مشددا على أن “تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين والمتدخلين يحمي هذا الإرث الغني والمتنوع ويقوي مناعته المتأصلة في جذور الحضارة المغربية”، وختم قائلا: “علينا أن نهنئ السكان في أذربيجان والمسؤولين بخصوص الاستفادة من هذا العرض الذي يجعل كلام المغاربة شيئا حاضراً”.

وقد حضر فعاليات إطلاق المعرض الأول من نوعه الذي يستضيفه هذا المركز الجديد “أسان خدمة”، مسؤولون من دولة أذربيجان وشخصيات سياسية مغربيّة، واطلع الجميع، حسب ما قاله عادل أمبارش لهسبريس، على “نوافذ لماضينا كمغاربة وحاضرنا وتطلعاتنا للمستقبل، فهذه الصور تلخص الكثير عن المغرب، وتظهر المزيج الثقافي الخالد في أفق المغاربة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.