ميارة: أعباء ثقيلة ترافق هجرة الأدمغة

نبّه النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، إلى أن “من أبرز الإشكاليات المرتبطة بآفة الهجرة والتي تشكل عبئا ثقيلا على دول الجنوب، ومن بينها المملكة المغربية، تلك المرتبطة بهجرة الأدمغة والكفاءات الوطنية التي تصرف على تكوينها وتأهيلها العلمي ميزانيات ضخمة ضمن استراتيجيات وطنية لسد الخصاص التأطيري في قطاعات حيوية وتحقيق شروط الإقلاع الاقتصادي والتنمية البشرية المستدامة”.

وقال ميارة، في كلمة ألقاها اليوم الثلاثاء خلال ندوة حول موضوع “الهجرة والتغيرات المناخية”: “إننا نتوقع من الدول المستقبلة والمستقطبة لهذه الكفاءات أن تبذل الجهود المطلوبة والضرورية للحد من تفشي هذه الظاهرة التي أخذت أبعادا مقلقة خلال السنوات الأخيرة، في الوقت الذي يواصل فيه المغرب بناء نموذجه التنموي الجديد؛ وهو، كما تعلمون، أمر يتطلب الانخراط الكلي لكافة القوى الحية والمنتجة وخاصة فئتي الشباب والنساء”.

وأشار رئيس مجلس المستشارين، خلال الندوة المنظمة بالشراكة بين البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، إلى أن “الهجرة الشرعية وغير الشرعية ظاهرة عرفها الإنسان مند القدم؛ لكنها أضحت تكتسي أبعادا خطيرة بل ومأساوية مع تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية.

كما أن هذه الأخيرة تتأثر بطبيعة الحال بالتدفقات البشرية غير المتحكم فيها”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأكد المتحدث أن “المؤشرات والأرقام التي تكشف عنها المنظمات الدولية المتخصصة تبعث فعلا على القلق والانشغال لما تقدمه من صورة قاتمة تستدعي من العالم أجمع تضافر جهوده المخلصة من أجل التصدي لها وإيجاد الحلول المناسبة والمستعجلة قبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة والتحكم”.

وذكّر النعم ميارة بأن “المملكة المغربية تدرك جيدا ما تنطوي عليه هذه الظواهر من مخاطر جمة محدقة بجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وبالاستقرار والسلم والأمن الإقليمي والدولي.

ولذلك، فإنها ما فتئت تبذل جهودا مقدرة في سياق مواجهتها الاستباقية للكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية وتدبير تدفقات الهجرة”.

وقال رئيس الغرفة الثانية من المؤسسة التشريعية المغربية إنه: “بقدر ما تخالجنا مشاعر الاعتزاز والتقدير للشراكة المغربية الأوروبية المتقدمة، بقدر ما يتملكنا وعي خاص بضرورة الانتباه إلى ما يحدق بنا من تحديات نابعة أساسا من التغيرات الكبرى المحيطة بنا والمرتبطة على الخصوص بآفتين آخذتين في التفاقم على المستوى الدولي وتتعلقان بالتغيرات المناخية والهجرة، وهما آفتان تتبادلان التأثير والتأثر والتبعية في ترتيب نتائجهما”.

وفي هذا الإطار، شدد ميارة على أن “هذا الواقع بات يفرض بطبيعة الحال وضع سياسات عمومية وطنية ملائمة؛ ولكن يتطلب أيضا إحكام التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف أفقيا وعموديا، وهنا أهمية اختيار هذين التحديين الكبيرين ليكونا محور ندوة اليوم، ذلكم أنها ستشكل لا محالة مناسبة للوقوف على الأوجه المختلفة للمسؤوليات المشتركة تجاهها”.

وجاء في كلمة رئيس مجلس المستشارين أن “التجربة المغربية تبين أن السياسات القُطرية، على أهميتها المركزية، ليست كافية لوحدها في مواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة والتغيرات المناخية وما بينهما من تفاعلات خطيرة؛ بل إن الأمر يستدعي إيجاد صيغ فعالة وناجعة للتعاون الإقليمي والدولي”، مشيرا إلى ضرورة “الانخراط الجدي والمسؤول في الجهود المبذولة من طرف كافة الدول، خاصة الدول التي بينها حدود مشتركة وداخل المجالات الإقليمية الهشة؛ كما هو الشأن في منطقة الساحل والصحراء، التي باتت مجالا خصبا لعدم الاستقرار السياسي وانتشار الجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة وتنامي النزعات الانفصالية”.

وقال ميارة إن المغرب، وإدراكا منه لخطورة ما تنطوي عليه هذه المنطقة من مخاطر جيواستراتيجية تتجاوز المغرب إلى شمال البحر الأبيض المتوسط، بادر إلى إطلاق جملة من مشاريع التعاون الإقليمي الكفيلة بالتخفيف من وطأة هذا الواقع الصعب؛ وعلى رأسها مبادرة الملك محمد السادس الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي ووضع بنياته التحتية رهن إشارتها مساهمة منه في إنشاء منطقة للرخاء الاقتصادي والاجتماعي التي من شأنها تعزيز أسس الاستقرار والحد من تدفقات الهجرة.

ونوّه النعم ميارة بمبادرة عقد الندوة المشتركة، مشيرا إلى أن “موضوعها يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لمسار الشراكة الثنائية بين البرلمان المغربي والجمعية، لاسيما المحاور المتعلقة بسياسات الهجرة والتنمية المستدامة وتغير المناخ والحفاظ على الكفاءات الوطنية؛ وهي الندوة التي ستكون لا محالة مناسبة لاستشراف آفاق جديدة للتعاون المشترك في هذه المجالات الحيوية”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.