اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية تدقق "بنودا تمييزية" في صفقات عمومية

شرعت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية في التدقيق بشأن شكايات واردة عن مقاولات متخصصة في البناء والأشغال العمومية حول بنود “تمييزية” في طلبات عروض، تسببت في حرمانها من الحصول على صفقات عمومية، وأضرت بمصالحها المالية، إذ أعدت بعضها ملفات طلبات متكاملة، وتحملت نفقات دراسات وخبرة للظفر بالمشاريع المعلنة من قبل مؤسسات ومقاولات عمومية، حيث تجاوزت قيمة الصفقات سقف 3 ملايين درهم، أي 300 مليون سنتيم.

وفي ظل غياب مدونة خاصة بالصفقات العمومية، والاعتماد على مراسيم وقرارات، فإن تحديد متطلبات الشركات المؤهلة للمشاركة في طلبات العروض يمثل أحد مكامن الخلل في تنظيم الصفقات لدى المؤسسات والمقاولات العمومية، إذ يتم تضمين شروط تقنية وتأهيلية لا تعكس في أغلب الأحيان الخبرة والكفاءة اللازمة لتنفيذ المشروع بنجاح.

ورغم أن هذه الشروط يجب أن تكون عادلة وشفافة إلا أنها قد تحمل تمييزا غير مباشر إذا كانت محددة بطريقة تمييزية ضد بعض المقاولات بدون أساس منطقي.

وتشمل طلبات العروض متطلبات مالية تتعلق بالسعر والتكاليف المتوقعة للمشروع.

ورغم أن هذه الشروط يمكن أن تكون مهمة لتحقيق الكفاءة المالية إلا أنها قد تؤدي أيضا إلى تمييز غير مباشر عند تحديدها بطريقة تمييزية ضد بعض المقاولات، إذ اعتبرت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية في أحدث قراراتها اختيار ملفات طلبات العروض الواردة عن متنافسين على أساس السعر الأقل تمييزيا، مبررة موقفها بضرورة التركيز على أفضل سعر، أي مقترح التكلفة الذي يتناسب مع الجودة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} هندسة الصفقات تمثل الصيغة القانونية لتدبير طلبات العروض في الصفقات العمومية إطارا تشريعيا دقيقا يهدف إلى ضمان الشفافية والعدالة والكفاءة في استخدام الموارد العمومية.

ومع التزام الجهات المعنية بتطبيق هذه القوانين والإجراءات بدقة يمكن تحقيق أهداف الصفقات العمومية بشكل فعال ومستدام، إلا أن الخلل يكمن حسب مصادر مطلعة في هندسة الصفقات المذكورة، أي في الجهات المسؤولة عن صياغة ونسج الشروط والمقتضيات الخاصة بكل صفقة على حدة.

وبهذا الخصوص كشف مراد ميداوي، مستشار في قانون الأعمال بمكتب “آي كونساي” بالدار البيضاء، عن اختلالات في تنظيم الصفقات العمومية في المؤسسات والمقاولات التابعة للدولة، موضحا أن عددا كبيرا من الصفقات يجري إلغاؤها أو رفضها من قبل الآمرين بالصرف، أو تتسبب في متابعات قانونية أمام المحاكم، بسبب ضعف الأطر المكلفة بصياغة ونسج شروط طلبات العروض ودراستها قبل إطلاقها في شكل صفقات عمومية، مشددا على أن أغلب الأطر المسؤولة لا تتوفر على التكوين القانوني اللازم.

وأضاف ميداوي، في تصريح لهسبريس، أن الشفافية والمساءلة من الجوانب الأساسية في تدبير طلبات العروض، وتتمثلان في “ضمان إجراءات شفافة لاختيار العروض، وتوفير مسارات للطعن في القرارات والاستئنافات القانونية في حالة وجود شكاوى أو انتهاكات”، في إشارة إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، موضحا أن “أغلب الصفقات العمومية يجري تدبيرها بشكل ارتجالي، ودن الاستعانة بخبرة مقدمي خدمات خارجيين في مجال تخصص الصفقات، وذلك لضمان الدقة والنجاعة في المشاريع المعلنة”.

اختلالات المنافسة أصبحت بعض طلبات العروض تتضمن بنودا بيئية واجتماعية، مثل احترام المعايير البيئية في عمليات التصنيع أو التنفيذ، وتوفير فرص عمل محلية، وتعزيز المساواة بين الجنسين.

ورغم أن هذه المعايير ضرورية لضمان التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية إلا أنها قد تؤدي أحيانًا إلى تمييز غير مباشر إذا لم تكن المقاولات قادرة على تلبية هذه المتطلبات بسهولة.

ويتم في أحيان أخرى فرض تقييدات على منشأ المواد أو الخدمات المستخدمة في المشاريع، إذ أكد سعيد مخزومي، صاحب شركة للبناء والأشغال بالدار البيضاء، أن “بعض الصفقات العمومية تضمنت بنودا أشارت إلى وجوب استخدام المقاولات الفائزة بالصفقات مواد محلية الصنع لدعم الصناعات المحلية”، موردا أن “بعض البنود والتقييدات لا تتوافق مع الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، وتؤدي إلى تمييز غير مبرر ضد المنافسين الأجانب”، ومشيرا إلى أن “عددا من الصفقات في قطاعات دقيقة، مثل الطاقات المتجددة مثلا، جرى إلغاؤها لهذا السبب، بعد تراجع عدد من المقاولات الأجنبية عن تقديم طلبات عروض”.

ونبه مخزومي، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المقاولات الصغرى والمتوسطة تظل الأكثر تضررا من البنود التمييزية، على غرار السعر الأقل أو الشهادات المرجعية عن مشاريع مماثلة للنشاط موضوع الصفقة العمومية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسطرة الأداء وتسوية الدفعات بالنسبة إلى هذه الفئة من المقاولات، التي تتوفر على خزينة مالية هشة، غير قادرة على تحمل ضغط الشروط الواردة في دفاتر التحملات الخاصة بالصفقات CPS”، مشددا على أهمية توفير “كوطا” خاصة بالفئة المذكورة من المقاولات، وتأهيل المسؤولين عن الصفقات العمومية في المؤسسات والمقاولات التابعة للدولة في ما يخص مراقبة المشاريع عند الإنجاز وخلال عملية التسليم النهائي للأشغال.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.