إعدامات تعسفية تعمق ورطة الجيش الجزائري و"البوليساريو" في تندوف

لقي 3 شبان صحراويين من المنقبين عن الذهب في جنوب تندوف مصرعهم أمس الجمعة، حسب ما أفادت به تسجيلات صوتية وصور توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية من نشطاء صحراويين، فيما رجحت مصادر متطابقة مسؤولية الجيش الجزائري عن مقتلهم؛ وهو ما دفع بمرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الخروج في بيان يُندد فيه بـ”الإعدامات التعسفية” في حق شباب مخيمات تندوف على التراب الجزائري.

وأوضح المرصد ذاته، الذي أكد توصله بالعديد من ملفات ضحايا القتل خارج القانون على أيدي عناصر الأمن الجزائري، أن “طبيعة هذه الانتهاكات للحق في الحياة تزيد من حدة إلزامية إجراء تحقيقات في هذه الأحداث كجزء لا يتجزأ من مفهوم المساءلة”، محملا في الوقت ذاته الجزائر المسؤولية، داعيا إياها إلى إجراء تحقيق عاجل ونزيه حول ادعاءات مقتل ثلاثة شباب من صحراويي تندوف إثر عملية استهدف سيارة كانوا على متنها؛ فيما اعتبر متتبعون أن مثل هذه الحوادث وغيرها هي نتائج التجويع الممنهج الذي تمارسه الجبهة الانفصالية على عائلات تندوف، الشيء الذي يدفع الشباب بدوره إلى المغامرة بأرواحهم من أجل كسب لقمة العيش.

شباب محروم قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، إن “مثل هذه الحوادث تكررت كثيرا في السنوات الأخيرة وراح ضحيتها شباب يغامرون بأرواحهم فقط من أجل توفير المعيش اليومي لعائلتهم في المخيمات”، مسجلا أن “هذه العائلات تعيش أوضاعا مزرية بسبب تهريب المساعدات الإنسانية الموجهة إليهم والاتجار فيها من طرف قيادات الجبهة الانفصالية لملء أرصدتهم البنكية بتواطؤ مع السلطة الجزائرية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأوضح رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد أن “الجزائر تتحمل الكثير من المسؤولية حول هذا الوضع اللاإنساني”، مشددا على أن “الشباب، ونتيجة هذا الوضع، لجؤوا إلى مجموعة من الأساليب الأخرى لضمان لقمة العيش لأسرهم، على غرار ممارسة أنشطة التنقيب اليدوي خارج كل ضوابط السلامة؛ بل إن عصابات تهريب المخدرات أصبحت تلجأ إلى خدماتهم وتستغل وضعيتهم الهشة لتسهيل أنشطتها الإجرامية”.

وأشار الفاعل الحقوقي ذاته لهسبريس إلى أن “الشباب المحروم في المخيمات أصبح كذلك فريسة سهلة في يد التنظيمات والحركات الإرهابية المتطرفة في الساحل التي تعمل على استقطابهم، وجعلت منهم عامل عدم استقرار في المنطقة”، مسجلا أن “السلطات الجزائرية تورطت بدورها في العديد من جرائم القتل البشعة التي طالت الشباب المنقبين عن المعادن فوق أراضيها”.

وخلص مسعود إلى أن “المسؤولية الأولى والأخيرة حول تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وما ينتج عن ذلك من نتائج تتحملها الدولة الجزائرية ومعها قيادات البوليساريو”، داعيا المجتمع الدولي والجمعيات التي تسهر على إيصال المساعدات إلى المخيمات إلى السهر ضمان وصولها إلى مستحقيها ووقف معاناة الشباب واستغلالهم من طرف بعض الجهات ذات الأجندة المشبوهة في المنطقة.

تجويع ممنهج محمد عطيف، باحث في القانون الدولي، قال إن “مخيمات تندوف الجزائرية، التي تتخذ منها الجبهة الانفصالية مقرا لها، أصبحت مسرحا لجميع أشكال الانتهاكات الحقوقية وتعرف وضعا إنسانيا مزريا نتيجة سياسة التجويع والإقصاء الممنهج التي تنتهجها قيادات الجبهة ضد الرافضين لسياساتها، خاصة من الشباب؛ وهذا ما يدفعهم بطبيعة الحال إلى المغامرة بحياتهم ومزاولة أنشطة خطيرة وإجرامية أحيانا من أجل كسب قوت يومهم”.

وأوضح الباحث في القانون الدولي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الخروقات الفادحة لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني وعدم تمتيع ساكنة المخيمات بالحقوق التي تضمنها لهم المواثيق الدولة كلاجئين يكشفان عن مراهنة الجزائر الداعمة لـ”البوليساريو” على استمرار هذا الصراع حول الصحراء؛ وبالتالي معاناتهم من أجل تحقيق أهدافهم الاستراتيجية في المنطقة”، مشددا على أن “ما يقع في المخيمات سيبقى نقطة سوداء في السجل الحقوقي لكل الجهات المسؤولة عن تدبير هذا الفضاء”.

وبيّن المتحدث ذاته أن “المجتمع الدولي، وفي ظل تواتر التقارير والتحقيقات الدولية التي تفضح ما يقع في المخيمات والوضع الهش للأسر هناك التي تمت مصادرة إرادتها، يجب أن يحرك كل آلياته ومؤسساته الحقوقية من أجل معاقبة كل المتورطين والمسؤولين عن هذه الوضعية وعن خرق قواعد القانون الدولي”.

وخلص عطيف إلى أن “الجرائم المرتبكة في مخيمات تندوف، وعلى مرأى ومسمع السلطات الجزائرية بل وعلى أراضيها وداخل حدودها، ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية؛ وبالتالي فإن القوى الدولية المتمسكة بالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان وكذا المنظمات الحقوقية يجب أن تتحرك بشكل عاجل لوقف الاتجار بمعاناة السكان وتفقيرهم وتجويعهم ودفعهم إلى الموت”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 1 قراءة)
.