شواطئ.. السياسة المصرية والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط (2)

شواطئ.. السياسة المصرية والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط (2)

يتابع الباحث في العلاقات الدولية والمحلل الاستراتيجي البارز لواء دكتور أحمد يوسف عبد النبي في كتاب "السياسة المصرية والتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط " والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بقوله، لم يكن قبول روسيا للزعامة الأمريكية عن اقتناع أو رضا مطلق بوضع روسيا ودورها على الصعيد الدولي ـ ولكنه كان ستارًا مرنًا يخفى عزم روسيا لاستعادة مكانتها، ووضع حد للتهديد الأمريكي للمصالح الروسية متى سنحت الفرصة.

فجذور التوتر تتصاعد في حالة الخلاف الاستراتيجي حول أهداف كل منهما، وظهر ذلك بوضوح في الأزمة الأوكرانية، التحدي الروسي لدول أوروبا والعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها، بالإضافة إلى الموقف الروسي من الأزمة في سوريا، وأيضا الموقف الروسي المعارض للسياسات الأمريكية تجاه الأزمة الإيرانية بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي (5+1) مع إيران والعقوبات والتهديدات الأمريكية الأخيرة لإيران.

أما الدور الروسي في القضية الفلسطينية، فيعبر عنه بيان الخارجية الروسية في 6 إبريل 2007 والذي جاء فيه "نؤكد من جديد التزامنا بالمبادئ التي وافقت عليها الأمم المتحدة من أجل تسوية فلسطينية إسرائيلية تشمل وضع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية".

 ويمثل الصعود الصيني في سلم القوى الدولية الصاعدة، تحديا صريحا للهيمنة الأمريكية ليس في شرق آسيا والمحيط الهادي فقط، وإنما امتد هذا التحدي للمصالح الأمريكية في منقطة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتعاظم تأثير الدور الصيني على المستوى الدولي بعد حالة التعاون والتوافق مع التوجهات الروسية ليشكلا معها جبهة منافسة وتحديا للولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر هذا بوضوح في الاعتراض باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لمعظم القرارات الأمريكية التي تكرس للهيمنة على النظام العالمي وتوجهه لتحقيق مصالحها.

 كما يتمتع الاتحاد الأوروبي بمكانة دبلوماسية بين العالم وثقل سيأسى يتيح له حرية اتخاذ القرار وعقد المعاهدات، الأمر الذي يعطى مؤشرا لأن يلعب دورًا بارزًا في النظام العالمي الجديد، إلا أنه يواجه تحديات في منطقة الشرق الأوسط نتيجة لسياساته تجاه أزمات وقضايا المنطقة، التي تتفق معظمها مع السياسة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى تعثره في مواجهة أزمات الهجرة غير الشرعية، وأزمة اللاجئين السوريين إلى دول جنوب أوروبا عبر المتوسط وتركيا.

ظهر في النظام العالمي الجديد خلال العقدين الأخيرين العديد من القضايا السياسية المهمة، التي تؤثر على الأمن والسلم الدوليين، وتحتاج إلى جهد وتعاون دولي للحد من تأثيرها وتداعياتها، وأبرز هذه القضايا الجديدة هي "الإرهاب" في بعده الإقليمي وامتداده الدولي و"الهجرة غير الشرعية"، و"نزوح اللاجئين".

وتسعى القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وحلف الناتو إلى تشكيل تحالفات ومحاور مع القوى الإقليمية في الشرق الأوسط في إطار تفاهمات ترتيبات سياسية وأمنية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والمحافظة على مصالحها الحيوية في المنطقة، ونظرا لاختلاف طبيعة الأهداف والمصالح بين القوى الدولية، فسوف تتعارض التوجهات السياسية لهذه الأحلاف والمحاور وتستمر حالة التنافس الصراعى بين هذه القوى على مناطق للنفوذ والسيطرة في الشرق الأوسط، والشاهد على ذلك تضارب التوجهات السياسية وتعارض المصالح للقوى الدولية حول أزمة إيران، وسوريا، ومن قبلهم ملف القضية الفلسطينية.

    كما يشكل مؤثر عدم فاعلية دور منظمة الأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، عاملا مؤثرا في تشكل ملامح النظام الدولي، فالولايات المتحدة وكنتيجة لانفرادها بقيادة العالم يبقى لها الكلمة العليا في قرارات الأمم المتحدة طبقًا لأهدافها ومصالحها الاستراتيجية، حيث تعتبر نفسها ارتباطًا بامتلاكها حق الفيتو وقدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية المتفوقة هي الآلية الأساسية لتنفيذ قرارات وتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة طبقًا لأجندتها الخاصة، مما أضعف من دور المنظمات الدولية، وقلل من مصداقيتها وفاعليتها في مواجهة العديد من الصراعات الدولية والإقليمية، وفتح المجال إلى تأكيد مبدأ الاعتماد على الذات للوحدات السياسية في مواجهة الصراعات البينية في نسقها الإقليمي أو الدولي، مما ترتب عليه معدلات العنف والتنافس الصراعى بين دول العالم من أجل تحقيق الأهداف والحافظ على المصالح وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط.

  وللحديث بقية 

مصر      |      المصدر: البوابة نيوز    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.