استنساخ الدراما التركية يجتاح الإنتاجات العربية.. والمغرب يواجه تحدي المنافسة

أضحت ظاهرة استنساخ الأعمال الدرامية التركية تجتاح الإنتاجات الدرامية العربية خلال السنوات الأخيرة، بعد نجاح أولى التجارب في هذا السياق بتعريب المسلسل التركي الشهير “عروس اسطنبول” ليصبح “عروس بيروت”، الذي استطاع كسب الرهان وحقق نسب مشاهدة عالية جدا جعلته يتصدر “الترند” عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

في هذا السياق، قال الناقد السينمائي والفني المغربي مصطفى الطالب، في تصريح لهسبريس، إنه “من المؤكد أن الدراما التركية أثرت بشكل كبير على الدراما العربية بسيناريوهاتها الجديدة وديكوراتها الجميلة التي تزخر بها أرض تركيا العريقة وبفضاءاتها الواسعة الداخلية والخارجية، بحيث خلقت تنافسية كبيرة ليس فقط على المستوى العربي، بل على المستوى الدولي أيضا، بفضل إنتاجاتها الضخمة، ذلك أنها ترجمت إلى العديد من اللغات الأجنبية”.

وأضاف مصطفى الطالب أن تأثير الدراما التركية على العالم العربي راجع إلى “نهلها من بيئة شرقية في قالب عصري.

وبالتالي، فإن تأثيرها على الدراما المغربية واضح وجلي رغم أن الدبلجة لم تكن في المستوى المطلوب”، مبرزا أن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو “هل الدراما المغربية قادرة على أن تصل إلى ذلك المستوى وترفع تحدي المنافسة وتنتج مثل المسلسلات التركية؟”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وعن إمكانية نجاح هذه التجربة في الإنتاجات الوطنية، قال المتحدث: “الحقيقة لا نريد من الإبداع الدرامي أن يستنسخ التجربة التركية التي بدون شك لها خصوصياتها الفنية والثقافية وأيضا الإنتاجية، بل نريد منتوجا وطنيا بملامح مغربية يمتح من الثقافة المغربية ومن الفضاءات المغربية الأصيلة والتاريخية والاجتماعية وكل ما يؤدي إلى إبراز الغنى الثقافي والجغرافي والطبيعي للمغرب”.

وأوضح الناقد المغربي أن الذي يجب أن تنجح فيه الدراما المغربية على غرار ما قامت به الدراما التركية، “هو الاستثمار في الإنتاج، والوعي بأهمية العمل الفني الدرامي في تسويق المنتوج الوطني والسياحي والثقافي”، معتبرا أن الحلقة الضعيفة في المغرب هي “ضعف الإنتاج؛ لأننا لا نتوفر على صناعة درامية وطنية، والأعمال كما رأينا في رمضان مازالت هي الأخرى تعاني من نقص فني (كتابة وإخراجا) وموضوعاتي، لكن هذا لا يعني غياب بعض الأعمال التي حاولت أن تقارب هذا المعطى، لكنها قليلة ومتوسطة فنيا.

” وختم مصطفى الطالب حديثه لهسبريس بدعوة المسؤولين على القطاع الثقافي والفني والسمعي البصري لأن يستثمروا جهودهم في صناعة درامية وطنية بالمواصفات التي أشار إليها، خاصة وأنهم قللوا من المنتوج التركي، موردا أن “هذا يتطلب إرادة حقيقية لا تكون موسمية ولكن استراتيجية وطنية دائمة”.

من جهته، قال الناقد المغربي عبد الكريم واكريم: “أصبحنا نشاهد مؤخرا بعض المسلسلات العربية التي تستنسخ نموذج الدراما التلفزيونية التركية، وهي دراما متعالية على الواقع تدور أحداثها في أغلب الأحيان في طبقة ميسورة”، مضيفا: “في تركيا حينما نشاهد الأفلام الحقيقية السينمائية التي وصلت بالسينما التركية إلى العالمية، نجد أنها تتناول الواقع الحقيقي لتركيا، لكن رغم أنها وصلت واشتهرت وتمت دبلجتها إلا أنها تتعالى على الواقع التركي بالخصوص”.

وأضاف واكريم، في تصريح لهسبريس، أن “المسلسلات العربية التي تنسج على منوالها وتفعل الشيء نفسه، نشاهد فيها فقط أحداثا تدور في طبقات وبشخصيات تنتمي إليها ومشاكل مصطنعة، يعني أيضا بالنسبة للذين ينقلون فهم ينقلون أشياء دخيلة على المجتمعات التي تنتمي إليها هذه المسلسلات”.

وتابع الناقد المغربي قائلا: “على المستوى الوطني، بدأنا مؤخرا نشاهد بعض المسلسلات التي تنحو هذا المنحى وتحاول تقليد المسلسلات التركية”، موضحا أن “ما يظهر فيها هو غياب الطابع المغربي نهائيا ولا شيء فيها ينتمي إلى التربة المغربية سوى الدارجة، وهذه الأخيرة أيضا ليست نابعة من شخصيات يكون في الأصل الحوار الجيد في المسلسل نابع منها سواء في الدراما أو في السينما أو المسرح”.

وعن إمكانية نجاح تجربة “تعريب الدراما التركية” في المغرب، قال واكريم: “نحن الآن لم ننجح في المسلسلات التي تحاول أن تنجح ولم نصل بعد إلى أن ننتج مسلسلات درامية حقيقية تتناول الواقع المغربي، فما بالك بتلك التي تتعالى على هذا الواقع وتحاول تقليد نماذج بعيدة عنا، وكما يقال من يحاول التقليد فهو كالغراب الذي حاول تقليد مشية الحمامة فنسي مشيته”.

وختم المصرح لهسبريس بأنه “حتى في المسلسلات التي نشاهدها في رمضان بالخصوص، والتي تحاول تناول الواقع المغربي، لم نصل بعد إلى هذا النموذج الجيد من الناحية الفنية الذي يتناول الواقع، فما بالك بتقليد نماذج أخرى لا تنتمي إلى واقعنا ولا إلى فننا، وأظن لن تنجح حتى مع الجمهور الذي يحب هذه النوعية.

فالذين يتابعون هذه المسلسلات، سيفضلون مشاهدة المسلسلات التركية على مشاهدة نماذج مستنسخة بشكل سيء منها”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.