التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية

استلهم باحثون من جامعة توهوكو اليابانية عملية التمثيل الضوئي في النبات لإنتاج بطارية جديدة تَستخدم المغنيسيوم لتوليد الطاقة من الأكسجين والماء.

والتمثيل الضوئي هو العملية الطبيعية التي تُحول بها النباتات ضوء الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون إلى طاقة كيميائية على شكل جلوكوز (سكر) وأكسجين، وتستخدم النباتات الكلوروفيل والأصباغ الأخرى لامتصاص ضوء الشمس، مما يؤدي إلى تحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى جلوكوز وأكسجين.

وتحاكي البطارية الجديدة -التي طورها الباحثون تفاصيلها في دورية "آر إس سي أبلايد إنترفاسيس"- هذه العملية لتحويل الطاقة، وعوضا عن ضوء الشمس تستخدم المغنيسيوم كركيزة لتوليد الطاقة من الأكسجين والماء، وعندما تعمل البطارية يخضع المغنيسيوم لتفاعلات كيميائية مع الأكسجين والماء، مما يؤدي إلى إطلاق الطاقة بطريقة مشابهة لكيفية تحويل النبات ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية أثناء عملية التمثيل الضوئي.

كيف تُصنع البطارية الجديدة؟ تعتمد البطارية الجديدة على ركيزة من الورق، وهذه هي خطوات تصنيعها كما يوضحها صحفي أصدرته جامعة توهوكو: أولا: تحضير الركيزة الورقية تبدأ العملية باختيار الركيزة الورقية المناسبة، ويجب أن يكون الورق المستخدم خفيف الوزن ورفيعا وقادرا على حمل مكونات البطارية، ويُقطع الورق بالحجم والشكل المطلوب للبطارية.

ثانيا: ربط رقائق المغنيسيوم تُربط طبقة رقيقة من رقائق المغنيسيوم على جانب واحد من ركيزة الورق، وتعمل رقائق المغنيسيوم هذه بمثابة "الأنود" للبطارية، وتحدث التفاعلات الكهروكيميائية أثناء تشغيل البطارية.

ثالثا: تطبيق محفز الكاثود على الجانب الآخر من الركيزة الورقية، يُطبَّق محفز الكاثود، ويُسهل محفز الكاثود تقليل الأكسجين أثناء عملية تفريغ البطارية، ويساعد على تحسين كفاءة البطارية وأدائها.

رابعا: إضافة طبقة انتشار الغاز تُضاف طبقة انتشار الغاز أعلى محفز الكاثود، وتساعد هذه الطبقة على ضمان الانتشار الفعال للأكسجين إلى الكاثود أثناء تشغيل البطارية، وتعزز الأداء السليم لتفاعل تقليل الأكسجين.

عملية التمثيل الضوئي في النبات ألهمت الباحثين لتصميم البطارية الجديدة التي يعتمد هيكلها الأساسي على الورق (آر إس سي أبلايد إنترفاسيس)   وحققت البطارية في الاختبارات التي أجراها الباحثون قِيما إيجابية في الجهد والكثافة، وكذلك في إنتاج الطاقة والاستقرار التشغيلي، وكانت على النحو التالي: الجهد والكثافة: حققت البطارية جهد دائرة مفتوحة قدره 1.

8 فولت وكثافة تيار تبلغ 1.

0 فولت عند 100 ملّي أمبير/سم²، وتشير هذه القيم إلى الإمكانات الكهربائية ومعدل تدفق التيار داخل البطارية على التوالي.

إنتاج الطاقة: وفقا للاختبارات، كان الحد الأقصى لطاقة خرج البطارية يبلغ 103 ملي واط/سم²، ويعكس هذا المقياس المعدل الذي يمكن للبطارية من خلاله توصيل الطاقة الكهربائية لكل وحدة مساحة، وتشير الطاقة الناتجة إلى كفاءة أكبر في تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية.

الاستقرار التشغيلي: حققت البطارية قدرة على الحفاظ على أداء ثابت مع مرور الوقت، وفي ظل ظروف مختلفة تعكس كفاءتها، ويشير خرج الطاقة المستقر والموثوق إلى نظام بطارية مصمم جيدا وفعال.

مزايا بيئية.

.

استخدام مختلِف للورق إضافة لهذه المزايا التشغيلية الهامة فإن للبطارية الجديدة مزايا بيئية مهمة، منها أنها أتاحت استخداما جديدا للورق.

ولأكثر من ألفي عام كان الورق عنصرا أساسيا في الحضارة الإنسانية، ومؤخرا لن يقتصر استخدامه على الكتابة فقط، بل ربما يلعب دورا محوريا في تحقيق مستقبل أكثر اخضرارا.

ويُستخدم الورق في تصنيع الأجهزة الورقية خفيفة الوزن والرفيعة، مما يقلل الاعتماد على المواد المعدنية أو البلاستيكية، وفي الوقت نفسه يسهل التخلص منها، لتظهر أجهزة التشخيص الورقية التي توفر اكتشافا اقتصاديا وسريعا للأمراض المعدية، ودعَم الفريق الياباني استخدامها في إنتاج البطاريات وأجهزة الطاقة التي توفر بديلا صديقا للبيئة لتوليد الطاقة.

يقول الباحث المشارك بالدراسة "هيروشي يابو" في البيان الصحفي: "لم تُظهر بطاريتنا أداء مثيرا للإعجاب فحسب، بل إنها تعمل بمواد صديقة للبيئة، وعوضا عن استخدام مواد سامة تستخدم كاثودات الكربون والمحفز الكهربائي الصبغي الذي خضع لتقييمات صارمة للسلامة، وهذا يسلط الضوء على الالتزام بإيجاد حلول للطاقة المستدامة دون المساس بالتأثير البيئي".

وعن استخدامات هذه البطارية يوضح يابو أنهم اختبروها عن طريق دمجها بأجهزة يمكن ارتداؤها مثل مستشعر مقياس التأكسج النبضي أو جهاز تعقب (جي بي إس) أو جهاز تتبع اللياقة البدنية الذي يراقب معدل ضربات قلبك بسلاسة ويتتبع موقعك أثناء الأنشطة الخارجية.

البطارية الجديدة اختُبرت مع جهاز صغير لقياس النبض وتشبع الأكسجين (آر إس سي أبلايد إنترفاسيس) فكرة مبتكرة.

.

تحديان كبيران ومن جانبه يصف الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس الأميركية "ماهر القاضي"، هذه الفكرة بأنها إضافة مهمة لعالم البطاريات، لكونها توازن بين تحقيق الكفاءة التشغيلية مع مراعاة الأثر البيئي.

لكنْ ورغم إشادة القاضي بما أنجزه الباحثون اليابانيون على مستوى المختبر، فإنه يرى أن إنتاج تلك البطارية على المستوى التجاري سيواجه تحديين كبيرين، أولهما أنها تمثل شكلا جديدا غير مألوف قياسا بالأشكال المعروفة للبطاريات مثل الأشكال الأسطوانية أو الأشكال التي تأخذ شكل العملة المعندية وغيرها.

ويقول في حديث مع "الجزير نت" عبر حسابه الشخصي على موقع فيسبوك: "إذا كان أي تغيير في التركيبة الكيميائية للأشكال المعروفة للبطاريات يحتاج لوقت لا يقل عن 10 سنوات للانتقال من المختبر إلى التصنيع، فإنه مع البطارية الجديدة سيزيد هذا الوقت بكثير، لأنها تقدم شكلا جديدا وتستخدم خامة جديدة، وبالتالي يحتاج إنتاجها إلى بناء بنية تحتية جديدة ومختلفة".

ويضيف أن "التحدي الآخر هو أن تلك البطارية من بطاريات الاستخدام الواحد، وتنتهي صلاحيتها بانتهاء المغنسيوم عند القطب السالب، وبالتالي فإن الجدوى الاقتصادية ستكون عاملا مهما في تقييمها حتى لو كان لها أثر بيئي إيجابي".

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 1 أسابيع | 3 قراءة)
.