الأمن القومي يدفع المغرب إلى تعزيز التعاون العسكري مع دول منطقة الساحل

تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، استقبل الجيش المغربي، الأسبوع الماضي، وفدا عسكريا رفيع المستوى من دولة النيجر، شكلت زيارته إلى المغرب فرصة لـ”تعزيز العلاقات ‏وتبادل الخبرات في مجالات عدة، وذلك لمواجهة التحديات والدفاع عن المصالح المشتركة”، حسب ما أفاد به منشور للقوات المسلحة الملكية في صفحتها الرسمية على “فيسبوك”.

وتأتي هذه الزيارة، حسب متتبعين، في إطار حرصة المملكة المغربية على تعزيز تعاونها العسكري مع دول الساحل والصحراء التي تشهد مجموعة من الأزمات المركبة والتهديدات الإرهابية التي تتطلب تنسيق الجهود من أجل مواجهتها، خاصة في ظل الترابط الأمني بين المغرب ومنطقة الساحل والصحراء، الذي يستدعي تبني مقاربات أمنية وعسكرية لحماية الأمن القومي المغربي والإفريقي ككل.

بعد أمني قال إسماعيل أكنكو، باحث في الشؤون السياسية والدولية، في تصريح لهسبريس، إن “التعاون العسكري والأمني بين المغرب والنيجر لا يخرج عن سياق التعاون والدعم المغربيين لكل الدول الإفريقية، خاصة دول الساحل، نظرا للوضع الأمني الهش الذي تعرفه المنطقة وانتشار الفكر المتطرف الذي تتبناه الجماعات الإرهابية المسلحة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف أكنكو أن “هذا المسار انتهجه المغرب منذ سنوات وليس وليد اللحظة، إذ يُشكل مبدأ ثابتا في السياسة الخارجية المُوجهة للدول الإفريقية”، مسجلا أن “الرهانات المغربية في هذا الصدد تتجاوز ما هو ظرفي إلى ترسيخ قيم التعاون بين الدول الإفريقية وتنويع أوجهه وجعل حماية أمنها وصون وحدتها الترابية من أولى الأولويات؛ فضلا عن توطيد التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول هذا الفضاء”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “هذا التعاون ترسخ بشكل جلي مؤخرا مع توالي تدخلات المغرب في عدد من بعثاث حفظ السلام في إفريقيا، حيث راكمت الرباط تجربة كبيرة على المستوى الدولي أيضا، حتى أصبحت نموذجا يحتذى به في هذا المجال وتراهن عليه عدد من الأقطار الإفريقية والأوروبية”.

وخلص الباحث نفسه إلى أن “البعد الأمني حاضر دائما وبقوة في السياسات المغربية الموجهة إلى دول الساحل، إذ يعتبر المغرب هذا الفضاء مجالا للتعايش والتكامل الاقتصادي والاندماج الاجتماعي، وهو بذلك يؤكد على أهمية حمايته أمنيا ليحقق الأهداف سالفة الذكر، إذ يُعد تعزيز التعاون الأمني والعسكري مدخلا من مداخل التطور الاقتصادي والاجتماعي، وقيام فضاء ديمقراطي يسع الجميع ويحارب التطرف والإرهاب والنزاعات المسلحة”.

تكامل إستراتيجي هشام معتضد، باحث في الشؤون الإستراتيجية، قال إن “تعزيز التعاون العسكري بين المغرب ودول الساحل يدخل في إطار التكامل الإستراتيجي بين الرباط وعواصم هذه الدول لاستتباب الأمن في المنطقة، وتأهيل أطرها الدفاعية والأمنية لمسايرة التحديات الإرهابية والإجرامية”، مضيفا أن “المغرب يسعى إلى مساعدة دول منطقة الساحل والصحراء من أجل تأهيل قطاعاتها ذات المهام العسكرية والأمنية تماشيا وتوجهات الرباط السياسية الهادفة إلى الدفع بالتعاون الإفريقي-إفريقي إلى مزيد من الديناميكية”.

وأوضح المصرح لهسبريس أن “الترابط الأمني بين المغرب ودول الساحل والصحراء مهم وإستراتيجي لتطوير القطاع العسكري والأمني خاصة، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، نظراً إلى التحديات التي تواجهها هذه المؤسسات وانتظارات شعوبها وقياداتها”، مسجلا أن “رهان الرباط على تسخير آلياتها المهنية واللوجيستية والحربية من أجل المساهمة في تمتين العلاقات المؤسساتية العسكرية والأمنية مع دول الساحل ينسجم والتوجهات الملكية الرامية إلى تعزيز موقع المغرب الإستراتيجي في إفريقيا”.

وشدد معتضد على أن “المساهمة المغربية في تأهيل وتطوير المنظومة الدفاعية والعسكرية لدول الساحل والصحراء عامل أساسي في حماية الأمن القومي المغربي انطلاقا من عمقه الإفريقي، ويعزز المكانة الإستراتيجية للرباط في القارة”، موردا أن “هذه المساهمة ستنعكس بدون شك على التوازنات الأمنية والحربية للمغرب في المنطقة، خاصة في ظل تزايد عدد المنظمات الإرهابية النشيطة في المنطقة والجريمة العابرة للحدود والقارات في هذا الفضاء الإفريقي”.

وخلص الباحث ذاته إلى أن “حضور البعد الأمني في السياسات المغربية الموجهة للساحل يترجم وعي القيادة المغربية بمكانة البعد الأمني في التصور الإستراتيجي للرباط بخصوص الحضور المغربي في إفريقيا، خاصة ضمن خريطة الطريق المغربية الرامية إلى تعزيز الحضور التجاري والمالي والاقتصادي”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أسابيع | 2 قراءة)
.