حزب العدالة والتنمية يبحث عن "انتصار رمزي" في الاقتراع الجزئي بفاس

يبدو أن حزب العدالة والتنمية بقيادة أمينه العام عبد الإله بنكيران مصر على مواصلة نهجه “التكتيكي” في العودة السريعة إلى الواجهة السياسية بعد نكسة انتخابات 2021 التي هوت به من القمة إلى السفح، إذ يراهن على الانتخابات الجزئية التي يرتقب أن تعرفها دائرة فاس الجنوبية يوم غد الثلاثاء لاختبار شعبيته الانتخابية ومدى تعافيه من الضربة التي تلقاها في استحقاقات 8 أكتوبر.

وأعاد بنكيران في نهاية الأسبوع الماضي اكتشاف نفسه وقدراته الخطابية والتواصلية مع الجمهور في المهرجان الذي نظمه حزبه في إطار الحملة الانتخابية الداعمة لمرشحه محمد خيي بفاس الجنوبية، إذ شن هجوما لاذعا على الحكومة ووزرائها، متهما إياهم بالضعف والفشل ومحاولة تعليق “عجزهم” على الولايتين اللتين قاد فيهما حزبه الحكومة.

وظهر رئيس الحكومة الأسبق بشكله المعهود ولسانه الحاد تجاه خصومه، محاولا استرجاع “الفترة الذهبية” لحزبه الذي قادته رياح الربيع العربي التي ضربت المنطقة إبان سنة 2011 إلى رئاسة الحكومة، قبل أن يفوز في انتخابات 2016 ويتم إسقاطه بعد واقعة “البلوكاج” الشهيرة، ليتدخل الملك محمد السادس ويعين سعد الدين العثماني لتعويضه في تشكيل الحكومة الثانية من عهد “إسلاميي المغرب”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} في قراءته للحدث، يرى المحلل السياسي محمد شقير أنه “بعدما تجنب الترشح في الانتخابات الجزئية بكل من آسفي وسيدي قاسم نزل حزب العدالة والتنمية بكل ثقله الانتخابي في الدائرة الجنوبية لفاس، لاختبار مدى تعافيه السياسي من النكسة الانتخابية التي أصيب بها، وكان من تداعياتها استقالة العديد من أطره”.

وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ترشيح الحزب محمد خيي في هذه الدائرة بحضور بنكيران لدعمه خلال الحملة الانتخابية انعكاس لهذا التوجه الذي يريد هذا الاختبار”.

وسجل المحلل السياسي ذاته أن “حزب العدالة والتنمية لديه طموح للظفر بهذا المقعد بعد منافسة مرشح الأغلبية المشترك، رجل الأعمال المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار”، مؤكدا أن “حزب المصباح يدخل مغامرة سياسية إما ستعيد ثقته في استعادة بعض قوته السياسية وزخمه الانتخابي أو ستؤدي في حالة فشله في الفوز بهذا المقعد إلى استمرار مظاهر عجزه السياسي وضعفه الانتخابي”.

وزاد المتحدث ذاته موضحا: “انطلاقا من ذلك يراهن بنكيران من خلال مهرجانه الخطابي بفاس ليس فقط على نجاح مرشحه في هذه الانتخابات، بل على أن يقوي موقع الحزب كحزب معارض للحكومة، ما ظهر من خلال انتقاده الحصيلة الحكومية قبل أن يقوم رئيس الحكومة بعرضها”.

واعتبر شقير أن “انتقاد بنكيران للحصيلة الحكومية لنصف الولاية، والدخول في الانتخابات الجزئية بفاس الجنوبية، يعكسان ربط بنكيران بين الفوز بمقعد فاس ومعارضة الحكومة، خاصة أن الأغلبية الحكومية قدمت مرشحها المشترك”، حسب تعبيره.

من جهته لاحظ عبد الحفيظ اليونسي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، تردد حزب العدالة والتنمية في المشاركة في الانتخابات الجزئية “خصوصا بعد انتخابات دائرة مكناس”.

واستدرك اليونسي ضمن تصريح لهسبريس: “لكن يبدو أن الحزب بعد تعافيه التنظيمي يحاول أن يختبر مدى انعكاس هذا التعافي على شعبيته”، مبرزا أن “دائرة فاس الجنوبية ربما لها خصائص، منها أن شغورها كان بسبب فساد مالي وسياسي، وبعد إدانة النائب السابق”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “فوز الحزب من عدمه في هذه المحطة الجزئية يبقى مرهوناً بشروط عديدة، أولها قدرته على استعادة قاعدته الانتخابية وتعبئة أعضائه، لأن النظام الانتخابي الجديد يجعل من الصعوبة حسم المقعد الفريد في الانتخابات الجزئية، إضافة إلى الحياد الإيجابي للسلطة في مواجهة الخروقات الانتخابية”.

وزاد المحلل ذاته مبينا: “في حالة حسم المقعد من طرف ‘البيجيدي’ من المؤكد أن ذلك سيكون له انعكاس على ثقة قيادته ما بعد 8 شتنبر في المسار الذي اعتمدته بعد المؤتمر الاستثنائي، إضافة إلى بعث رسائل لبقية منافسيه في الانتخابات المقبلة”.

يشار إلى أن الانتخابات الجزئية الرامية إلى ملء المقعد البرلماني الشاغر عن الدائرة الجنوبية، بعد أن جردت المحكمة الدستورية عبد الإله البوصيري منه، تعرف دخول تحالف الأغلبية المعركة موحدا خلف مرشحه المشترك التجمعي خالد العجلي، الذي يراهن عليه لاستعادة المقعد المتنافس عليه.

وعكس الأغلبية دخلت أحزاب المعارضة مشتتة للمنافسة على المقعد الوحيد، فإلى جانب مرشح “المصباح”، يظهر مرشح الاتحاد الاشتراكي ياسر جوهر، الذي وضع إدريس لشكر ثقته فيه على أمل استعادة المقعد الذي فقد بعد تجريد البوصيري من عضوية المجلس.

كما يطمح حزب الحركة الشعبية بدوره إلى اقتناص المقعد من خلال المراهنة على ترشيح رشيد بلبوخ لخوض المحطة الجزئية، بالإضافة إلى حزب جبهة القوى الديمقراطية الذي زكي يسرى المسقي؛ وهي الترشيحات التي اعتبرها متابعون تصب في مصلحة مرشح الأغلبية الموحدة لتعزيز غلتها وتأكيد “سيطرتها المطلقة” على المؤسسة التشريعية.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 4 قراءة)
.