الجرائم العابرة للحدود تهدد استقرار العالم .. والمغرب يتسلح بالوقاية واليقظة

في ظل العولمة والتطور التكنولوجي السريع أصبحت الجرائم العابرة للحدود تشكل تهديدا خطيرا على الأمن والاستقرار العالميين، وخاصة في دول جنوب الصحراء والساحل، حيث تستغل العصابات والمنظمات الإجرامية ضعف الرقابة على الحدود، وكذا ضعف التنسيق الأمني بين بعض الدول، للقيام بمجموعة من الجرائم الخطيرة.

وتشمل أبرز صور الجرائم العابرة للحدود، حسب المهتمين بالقضايا الأمنية الدولية، الاتجار بالبشر، والاتجار بالمخدرات، والإرهاب الدولي، والجرائم المالية، كغسل الأموال، والدعارة الراقية، موضحين أن هذه الجرائم يتم القيام بها في غالب الأحيان في حدود بعض الدول، وخاصة دول إفريقيا، بمساعدة بعض الأنظمة العسكرية.

خبراء ومحللون وأساتذة جامعيين أجمعوا على أن إفريقيا تتميز بتنوعها الثقافي والجغرافي والتاريخي، لكنها تواجه اليوم تحديات خطيرة تتمثل في انتشار الجرائم العابرة للحدود، موضحين أن هذه الجرائم تعتبر مصدر قلق كبير لعدد من هذه الدول الواقعة جنوب الصحراء والساحل، وحتى دول أوروبية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} مصدر أمني مسؤول كشف لهسبريس أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس يعتبر نموذجا رائدا في مجال الأمن والاستخبارات في العالم وليس في إفريقيا فقط، مؤكدا أنه اتخذ في السنوات الأخيرة خطوات حاسمة لتعزيز أمنه الداخلي ومواجهة مختلف أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها ما يتعلق بالإرهاب.

وكشف المسؤول ذاته أنه بالإضافة إلى ما ذكر سلفا فالمغرب اتخذ خطوات هامة في مجال الوقاية والتصدي للتطرف والتجنيد الإرهابي والاتجار بالبشر والمخدرات والجرائم المالية، وذلك من خلال تنفيذ برامج توعوية ودينية لتعزيز قيم التسامح والاعتدال في المجتمع.

كما تم تفعيل آليات للحوار المجتمعي وإشراك المواطنين في الجهود الأمنية.

عبد الله جابري، طالب باحث مهتم بقضية الصحراء المغربية، كشف أن “التجربة المغربية في محاربة الجرائم والإرهاب العابر للحدود تثمنها جميع دول العالم التي تبحث عن السلم والأمن لشعوبها، باستثناء الأنظمة العسكرية التي تستغل هذه الجرائم وانتشار الإرهاب من أجل كسب المزيد من الوقت في مناصبها وإلهاء شعوبها”، مؤكدا أن “دول جنوب الصحراء والساحل، بالإضافة إلى عدد من الدول التي تعيش أوضاعا أمنية غير مستقرة، تواجه تحديات كبيرة”، بتعبيره.

وأضاف جابري، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب ورغم كل النجاحات التي حققها يواصل جهوده لتطوير وتعزيز قدراته الأمنية والاستخباراتية، والتعاون الأمني الدولي، وذلك من خلال توثيق شركاته مع العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية”، وزاد: “الدول تبحث اليوم عن تعاون المغرب لتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية لتحديد التهديدات المشتركة ووضع إستراتيجيات فعالة لمواجهتها”.

وتعليقا على الموضوع قال إحسان حافيظي، أستاذ جامعي خبير في السياسات الأمنية: “أعتقد أن الجرائم العابرة للحدود هي واحدة من التحديات الأمنية الناشئة في المنطقة، خاصة بالنسبة للمغرب في علاقته بدول الجوار”، مضيفا أن “أبرز هذه التحديات العابرة للحدود تأتي أساسا من منطقة الساحل والصحراء، بالإضافة إلى بعض الشبكات التي تنشط في شمال أوروبا”.

وكشف الخبير في السياسات الأمنية أن “السياسات التي تربط المغرب بالعديد من كبريات المؤسسات الأمنية في العالم، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو بلجيكا أو ألمانيا وغيرها، كلها تفيد في تحقيق نوع من التعاون والتنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية والبيانات الجنائية في ما يتعلق ببعض الأشخاص الذين ينشطون في هذا النوع من الجرائم”.

وأوضح حافيظي أن “المغرب يعتبر من هذا المنطلق شريكا دوليا في مجال مكافحة هذه الجرائم، وبالتالي من الضروري أن يسعى إلى مكافحة هذه المخاطر باعتباره بوابة الأمان الأساسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي”.

واستحضر الخبير ذاته أن كبريات المؤسسات العسكرية المعنية بمكافحة مختلف أشكال الجريمة العابرة للحدود، سواء “أنتربول” أو “يوروبول”، أو جهاز “الناتو”، نبهت في آخر اجتماع لها في مدريد إلى أهمية إيلاء المخاطر القادمة من الجنوب، وتحديدا من القارة الإفريقية، الأهمية نفسها التي يوليها الأوروبيون إلى المخاطر الجارية شرق أوروبا (الحرب الروسية الأوكرانية).

وأضاف إحسان حافيظي أن “حالة التنشيط أو التصعيد التي تقوم بها هذه الجماعات تتزامن مع وضع الاستقرار الهش الذي تعيشه مجموعة من دول الساحل”، مشيرا إلى أن “هذه الوضعية مفتعلة، بالنظر إلى أن هذه الجماعات تؤكد بالملموس أنها تخدم أيضا أجندات أجهزة مخابرات إقليمية، خاصة المخابرات الجزائرية في المنطقة، التي سعت دائما إلى محاولة ضرب أمن واستقرار منطقة الساحل”.

وكشف المتحدث ذاته أن “الأزمات السياسية والدبلوماسية بين هذه الدولة والنيجر ومالي وغيرهما تؤكد هذه الفرضية، وتؤكد أيضا أن الأنظمة العسكرية الحاكمة اليوم في هاته الدول (دول الساحل) تدرك حقيقة الاعتداءات والتدخلات السافرة للنظام العسكري الجزائري في المس باستقرار وأمن دولها”، لافتا إلى أن “حضور منطق التعاون الأمني يسمح أيضا للفاعل الأوروبي والأمريكي في الشأن الأمني بمعرفة حقيقة ما يجري في المنطقة، ومعرفة حقيقة من يشكل عامل تهديد لاستقرار إفريقيا والساحل الإفريقي بالخصوص (يقصد هنا النظام الجزائري)”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.