"البوليساريو" تُطلق تهديدات يائسة ضد الشركات الإسبانية بسبب الاستثمار بالصحراء

تزامنا مع انعقاد المنتدى الاقتصادي المغربي الإسباني الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة والخدمات في العاصمة مدريد بشراكة مع السفارة المغربية بإسبانيا حول فرص الاستثمار الإسبانية في مدينة الداخلة بمشاركة مستثمرين ورجال أعمال إسبان، لم تكتف جبهة “البوليساريو” بالتعبير عن رفضها لهذا المنتدى؛ بل وصل بها الحال حد التهديد باستهداف مصالح الشركات الإسبانية التي تخطط للاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

تهديد جاء على لسان القيادي الانفصالي عمر منصور، الملقب بـ”ممثل البوليساريو لدى الاتحاد الأوروبي”، الذي ادعى في منشور له على حسابه على موقع إكس (تويتر سابقا) أن “المغرب لا يملك أي سيادة أو حق لدعوة المستثمرين إلى الاستثمار في الصحراء”، مضيفا أن “المملكة المغربية إذا أرادت أن تقدم شيئا، فلتفعل ذلك في بلدها.

أما بلادنا فهي منطقة حرب، ونحن لا ننصح بذلك؛ لأنكم ستخسرون أرواحكم وكذا ممتلكاتكم”، بتعبيره، في تهديد مباشر للشركات الإسبانية التي تعتزم الاستثمار في مدن الصحراء المغربية.

سلوك إرهابي وتخبط سياسي البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، قال إن “ميليشيا “البوليساريو” أظهرت، بكل وضوح، ومنذ لحظة تأسيسها، أنها بندقية إقليمية مأجورة تشتغل وفق رغبات مشغليها في العاصمة الجزائر؛ وبالتالي فهذه التهديدات لا تعدو أن تكون مجرد تصريحات كاريكاتورية الهدف منها تقويض التقارب الاستراتيجي المغربي مع محيطه الإقليمي في غياب رغبة الطرف الجزائري للتوصل إلى تسوية إقليمية وفق السيادة المغربية على الصحراء”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف الخبير الدولي ذاته، في حديث لهسبريس، أن “تهديدات الميليشيا الانفصالية باستهداف المصالح الإسبانية في الصحراء تندرج في إطار السلوك الإرهابي لهذا التنظيم الذي يعتبر أحد الثوابت المؤسسة لخطابه وتفاعلاته مع التطورات الإقليمية التي تهدد مصالحه ومصالح مشغليه”، مسجلا أن “تهديدات عمر منصور فقاعة هواء ودعاية انتخابية سابقة لأوانها من رجل حربائي المواقف ومتقلب التخندقات والولاءات السياسية والتنظيمية، وله طموحات في قيادة الميليشيا الانفصالية خلفا لإبراهيم غالي”.

وسجل البراق شادي عبد السلام أن “انخراط الشركات الإسبانية في فرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية هو نتيجة عمل دؤوب وهادئ وفق استراتيجية واضحة الملامح اشتغلت عليها الدبلوماسية المغربية والمصالح الخارجية منذ سنوات من أجل ترسيخ السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وقطع الطريق أمام الطرح الانفصالي وعزله جيو-سياسيا عبر إطلاق الأوراش التنموية العملاقة في الأقاليم الجنوبية والانخراط الواسع للنخب المغربية المنحدرة من هذه الأقاليم في تدبير الشأن العام”.

وخلص الخبير ذاته إلى أن “مثل هذه التصريحات تقدم أدلة واضحة على حالة التخبط التنظيمي والسياسي الذي تعيشه “البوليساريو” نتيجة الانتصارات الميدانية والنوعية الذي يحققها المغرب”، مشددا على أن “العلاقات التاريخية بين الرباط ومدريد وطبيعة الملفات المطروحة على طاولة الحوار المغربي الإسباني أكبر من هكذا تهديدات، حيث إن الرباط ومدريد تتطلعان إلى بناء شراكة إقليمية واسعة وبناءة من أجل تحقيق الازدهار والرخاء لكل المنطقة في إطار الاحترام المتبادل للمصالح العليا لشعوبها”.

تخوف انفصالي وتوجه إسباني جواد القسمي، باحث مهتم بالعلاقات الدولية والقانون الدولي، أورد أن “لغة التهديد التي تبناها ممثل جبهة “البوليساريو” الانفصالية لدى الاتحاد الأوروبي ليست المرة الأولى؛ بالنظر إلى نهج الجبهة لهذا الأسلوب في الكثير من المرات كلما تعلق الأمر بنشاط أو تظاهرة أو فعالية تنظم في الأقاليم الجنوبية للمملكة، إلا أنها هذه المرة تُوجه ضد مستثمرين ينتمون إلى إسبانيا التي عدت بالأمس القريب من أهم محتضني “البوليساريو””.

وأضاف المصرح لهسبريس أن “تهديد المستثمرين الإسبان بخسارة أرواحهم وممتلكاتهم إن فكروا الاستثمار في الصحراء المغربية تعبير واضح عن خوف الجبهة من أي توجه إسباني للاستثمار في الأقاليم الجنوبية؛ لأن مثل هذه الاستثمارات تقوي وتدعم المواقف السياسية نظرا للعلاقة الوطيدة بين السياسة والاقتصاد، في توقيت يعرف توجها إسبانيا مطبوعا بالبراغماتية يرمي إلى الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية الممكنة في الأقاليم الجنوبية”.

وبيّن الباحث المهتم بالعلاقات الدولية والقانون الدولي أن “ادعاء “البوليساريو” بوجود حرب في المنطقة لن يثني الجانب الإسباني على المضي قدما في خططه الاستثمارية وتطوير علاقاته مع المملكة وتعميقها لتشمل كل التراب الوطني، لأن إسبانيا أكثر الدول معرفة بحقيقة الوضع الحالي بالصحراء المغربية، وما توجهها الحالي إلا رد واضح وجلي عن زيف رواية “البوليساريو”، إذ لا يعقل التفكير في الاستثمار في منطقة حرب؛ لأن “رأس المال جبان”، كما يقول الاقتصاديون”.

وسجل القسمي أن “انخراط الشركات الإسبانية في الاستفادة من الفرص الاستثمارية في الداخلة وباقي الأقاليم الجنوبية عموما لا شك في أنه سيؤثر على مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بشكل كبير؛ بالنظر إلى مكانة إسبانيا في هذا الموضوع، والدور الذي لعبته في مختلف المحطات التي مر بها، وكونها الدولة التي كانت تستعمر الأقاليم الجنوبية للمملكة، وبالتالي فإن كل توجه إسباني لصالح الوحدة الترابية للمملكة سيكون بمثابة سكين يغرز في وجه الانفصاليين ومن يواليهم”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 5 قراءة)
.