صناع المسلسل في ندوة «الوطن».. «سر إلهي» تأملات في حكمة أقدار الله ورضاء العباد بإبداع درامي

زاوية جديدة ومبتكرة تلك التى ناقشها مسلسل «سر إلهى» عندما سلط الضوء على عظيم صنع الله فى أقداره وضرورة تسليم العباد بها وإن تعرضوا للظلم فى حياتهم، ليغرد مسلسل «سر إلهى» بعيداً فى مساحة درامية مختلفة استطاعت جذب الأنظار بقالب الـ15 حلقة فى النصف الأول من موسم دراما رمضان هذا العام.

ويتحدث صناع «سر إلهى»، فى ندوة تكريمهم بـ«الوطن»، عن أبرز تفاصيل العمل بحضور النجمة روجينا والمُخرج رؤوف عبدالعزيز والمؤلف أمين جمال، كما تطرقت روجينا إلى شخصية «نُصرة» التى جسدت من خلالها مُعاناة المرأة المصرية والعربية من أجل أسرتها، وعن شعورها بتأخر حصولها على البطولة المُطلقة عكس نجمات جيلها.

روجينا: «نُصرة» نموذج لسيدات «شايلين المسئولية» ولم أشعر بالظلم لتأخر البطولة المطلقة كيف جاءت فكرة «سر إلهى» من البداية؟ - رؤوف عبدالعزيز: هذا هو العام الثالث الذى أتعاون فيه مع روجينا، وفى جلسات العمل الأولى للوقوف على الفكرة التى من المقرر أن نُقدمها هذا العام، انضم لنا لاعب جديد سعيد جداً بوجوده وهو الأستاذ أمين جمال المؤلف، وبدأت الفكرة بخط بسيط وهو عن «سر الله فى أحكامه التى يقررها للبشر»، والتى بجهل منا نعترض عليها فى أوقات كثيرة، ثم بدأت الفكرة ماذا سيحدث بعد لو أن هناك شخصاً يمتلك ثروة كبيرة لكن لديه أبناء جاحدون؟ فيقرر كتابة ثروته لسيدة غريبة، فحينما تحصل هى على الثروة يطمع إخوتها ويقررون التضحية بها حينما تُتهم ظلماً بمقتله، ومن هُنا بدأنا بناء باقى الشخصيات.

ما الذى دفعكِ لاختيار «سر إلهى» لتخوضى به ماراثون دراما رمضان هذا العام؟ - روجينا: أحمد الله وأشكر فضله على هذا العمل الذى أتعاون فيه للمرة الثالثة مع المُخرج رؤوف عبدالعزيز، وأخيراً تعاونت مع صديقى الكاتب والمؤلف أمين جمال الذى كان من المفترض أن نتعاون معاً منذ سنوات، لكن لم يحدث توفيق، وأرى أن أمين جمال واحد من أهم أركان المُعادلة، لأن الورق هو كلمة السر فى نجاح المسلسل، والحقيقة أن أمين جمال قدم قضية مُختلفة استطاعت خلق حالة جدلية حول تنفيذ أحكام الله ورضا العباد بها، وفى العموم هناك سيناريو جيد، وهنا لا أتحدث عن شخصية «نُصرة» فقط التى قدمتها، ولكن كل الأدوار مكتوبة بشكل ممتاز، فمن الطبيعى خروج العمل بهذا الشكل وتحقيقه نجاحاً كبيراً.

ما الذى جذبكِ فى شخصية «نُصرة»؟ - روجينا: «نُصرة» نموذج للمرأة فى بيوت مصرية كثيرة، وهى المرأة المُعيلة التى تتولى تربية أشقائها، وليس فقط تربيتهم وإنما إعالتهم مادياً أيضاً، وفى بعض البيوت المصرية توجد سيدات تُعيل زوجها من الناحية المادية بكل رضا وسعادة، وفى الحقيقة شاهدت سيدات كثيرات مثل «نُصرة»، وهذا ساعدنى كثيراً فى رسم الشخصية، هناك سيدات كثيرات فى مصر «شايلين هذه المسئولية الصعبة»، ويمارسن حياتهن بمنتهى الرضا والحب.

وما خطيئة «نُصرة» لتذوق ما تعرضت له على يد أشقائها؟ - روجينا: «نُصرة» لم تكن شخصية مثالية، هى مثل أى أم أو أخت ترى الخطأ فى أبنائها وأشقائها لكنها لا تستطيع أن تقومه وترى أنه خطأ صغير وتستر عليهم، وكلنا لدينا هذه المشكلات فى بيوتنا، لكن لم نشعر يوماً بأن تلك المشكلات الصغيرة جرس إنذار لمشكلات كبيرة من الممكن أن تحدث، وهذا ما حدث مع «نُصرة».

- رؤوف عبدالعزيز: «نُصرة» لديها أخطاء، فهى نفسها أيضاً غلطت وطمعت، وبرغم كل الحسنات التى تقدمها لكنها غير منزهة عن الخطأ وتم عقابها أيضاً نتيجة طمعها.

حدثينا عن أصعب المشاهد التى قمتِِ بها فى «سر إلهى».

- روجينا: كل حلقة كان بها 3 أو 4 مشاهد «ماستر سين» وصعبة للغاية، وهو ما قاله النقاد فى تعليقهم على المسلسل، لكن الحقيقة من أكثر المشاهد التى لامست قلبى، هو المشهد الذى يتفق فيه الأشقاء عليها، ويضع كل واحد منهم مُبرره للتضحية بها، ورُبما إن اندمجت معهم تقتنع بدوافعهم، وهو مشهد طويل يتحدث كل واحد من الإخوة وزوجها، ومن المفترض بعد اقتناعك بدوافعهم تدخل «نُصرة» تقول جملة واحدة من خلالها تقول: «حرام عليهم دى طيبة أوى»، لذلك قمت بإعادة المشهد 10 مرات.

سؤالنا للمؤلف: كيف بنيت شخصية «نُصرة»؟ وما القضية الأساسية لـ«سر إلهى»؟ وهل تجربة الـ15 حلقة مثمرة؟ - أمين جمال: «نُصرة» هى شخصية لن تجدها فى أى بلد آخر سوى مصر، وأتحدى أن تجد سيدة قوية تُعيل منزلها بالكامل سوى فى مصر، فالمرأة المصرية هى عمود البيت ولا تستطيع أن تحصل على يوم إجازة مرضى «لو قعدت يوم فى البيت، البيت يقع» وتجدها تقدم كل هذا بحالة رضا كاملة وسعادة، هكذا رُسمت شخصية «نُصرة»، والقضية هنا هى «الفلوس»، «نُصرة» كانت تبيع عمرها وصحتها من أجل توفير المال لأسرتها، وأسرتها ضحت بها من أجل المال أيضاً، لكن بمبرر أنهم يخافون عليها، والشخصية تم بناؤها على 4 مراحل؛ الأولى «نُصرة» الطيبة الجدعة، والثانية السجن، ثم مرحلة ما بعد السجن والتخطيط، وفى النهاية مرحلة بداية الانتقام، أما عن فكرة مسلسل الـ15 حلقة فكانت تجربة جيدة لأنك ستقدم مسلسلاً أحداثه كثيرة وإيقاعه سريع من حيث تطور الأحداث.

تتحدثين بحماس شديد عن شخصية «نُصرة» وربما بنفس طريقتها.

.

متى تستطيعين الخروج من الشخصيات التى قدمتيها؟ - روجينا: بالفعل أتأثر بالشخصيات التى أقدمها حتى بعد انتهاء التصوير، وتظل الشخصيات تلازمنى لفترة طويلة، فمنذ يومين كنت جالسة مع بناتى وأصدقائهن نتحدث وفجأة تلفظت بكلمات ليست من طبيعتى، فتعجب الجميع، فضحكت وأدركت الأمر، وقلت لهم: «آسفة دى مش أنا.

.

دى نُصرة»، وفى الحقيقة عشت مع «نُصرة» مراحل مختلفة فى مرحلة الكتابة، وكنت أنتظر الحلقات حلقة بحلقة، ثم مرحلة قراءة الورق وتفريغ الدور، ثم رسم الشخصية شكلاً، وبعد ذلك الجلوس مع الاستايلست والمخرج للاستقرار على شكل الشخصية، ثم تبدأ فى الوضوح، ثم تقسيم المراحل التى تمر بها الشخصية فى العمل.

هل تحمل «نُصرة» قاسماً من طباع روجينا؟ - روجينا: كل شخصية قدمتها تحمل قواسم منى، وأحب فى «نُصرة» الحميمية ومشاهد اجتماع العائلة على طاولة السفرة والأكل ولم الشمل والعزوة والترابط بينها وبين أخوتها، فأنا أحب هذه الأجواء بشدة، وتعبر عنى.

دفن ابنة «نُصرة» من أكثر المشاهد المؤثرة فى المسلسل.

.

حدثونا عن كواليسه.

- رؤوف عبدالعزيز: أمين جمال مؤلف ذكى فى تفاصيل كتابته، بخاصة فى مشهد موت الابنة، لأنه صدّر المشاعر فقط دون حوار بين الشخصيات، وهو ما دفعنى للتصوير فى أجواء حقيقية فى المقابر، وفرضنا على اليوم أجواء حزينة حقيقية، فلم تكن هناك الكواليس العادية بين الممثلين يومها «مفيش ممثل كلم التانى يومها، وكان الكل ساكت علشان ننقل حقيقة جلال الموت».

- روجينا: كان أمين جمال يريد أن يكون المشهد عبارة عن مشاعر فقط، دون كلام أو صراخ أو بكاء، واتفقت قبل التصوير مع «رؤوف» أن يكون المشهد كذلك، لكننى لم أستطع تنفيذه، وحين بدأنا تصوير المشهد مع نزولى من سيارة «الداخلية»، انهمرت الدموع رغماً عنى، وما شاهدتموه بالفعل كان حقيقياً فلم أستطع القيام أو المشى على قدمى «أعصابى انهارت»، وكان المشهد واقعياً ولائقاً على شخصية «نُصرة».

أشاد نقاد بكادراتك فى المسلسل.

.

فكيف استطعت تقديم العمل بهذا الشكل؟ - رؤوف عبدالعزيز: الأمر يبدأ من عند المؤلف، فحينما ينجز عدداً كبيراً من الحلقات يعطينى مساحة كبيرة لمذاكرة العمل والإبداع فيه، وهذا يحدث حينما تكون لديك رؤية كاملة عن العمل، فتستطيع وقتها أن تبدع فى الصورة، وأرى أننى رُبما أكون مميزاً فى هذا لأننى مدير تصوير فى الأساس قبل أن أكون مخرجاً، فأنا مصور قادر على تصوير أى شىء من ألف زاوية، وقادر على رؤيتها بأكثر من محيط إضاءة، وفى الحقيقة أعمل على الشكل البصرى بشكل تلقائى داخل عقلى، ومن الصعب شرحه، وأسعى دائماً فى كل عمل أن يكون الإخراج والتصوير بتفاصيل مُختلفة عما قبله.

كيف جاء اختيار المطرب حمزة نمرة لغناء تتر المسلسل؟ - رؤوف عبدالعزيز: كان التحدى مُختلفاً هذا العام بالنسبة لى وروجينا، لأننا شعرنا بمسئولية كبيرة وضخمة، فقد قدمنا تتر العام الماضى بصوت شيخ المداحين ياسين التهامى، لدرجة أننى توقعت تقديم المسلسل هذا العام بتتر موسيقى فقط، لكن وخلال جلسات العمل طرح المنتج الفنى وائل عبدالله اسم حمزة نمرة، والحقيقة لم يختلف واحد على هذا الاسم، وهذا شىء من الصعب أن تجده؛ أن يجتمع الجميع على اسم شخص، لذلك سعينا فى التواصل معه، ووجدنا ترحيباً كبيراً من «حمزة» على الرغم من أنه كان يرفض فكرة تقديم التترات فى السابق، وعلى المستوى المهنى أحب توجيه الشكر له لأنه قرأ السيناريو هو والكاتب محمود فاروق والملحن كريم عبدالوهاب، وكان «حمزة» يسأل فى كل التفاصيل حتى خرجت أغنية التتر بهذا الشكل، فهى أغنية عبارة عن مُلخص لسيناريو المسلسل بأكمله.

كيف جرى اختيار الفنان محمد ثروت لتقديم شخصيته الشريرة البعيدة عن الكوميديا؟ - رؤوف عبدالعزيز: فى المعتاد تكون الترشيحات من المُخرج أو الكاستينج دايركتور، لكننى، ونظراً للتفاهم الكبير بينى وبين روجينا، أشاركها فى اختيار الشخصيات، ليس فقط لأنها نجمة العمل، لكنى أثق فى رأيها، فهى أكاديمية وخريجة معهد الفنون المسرحية ولديها رؤية جيدة للممثلين، وكانت صاحبة ترشيح محمد ثروت فى هذه الشخصية، وعلى الفور وافقتها الرأى لأننى أرى أن ثروت «عضلة تمثيلية» واختياره كان شبيهاً بحالة حمزة نمرة، لم يختلف عليه أحد فور طرح اسمه من روجينا، وتحمسنا لأنه ممثل ماهر فى المقام الأول قبل أن يكون ممثلاً كوميدياً، وأود توجيه الشكر له، لأنه كان من الممكن أن يرفض هذه الشخصية التى يعلم جيداً أنه سيغير من خلالها جلده فى التمثيل، وأيضاً أثناء التنفيذ كان ممثلاً ماهراً ومُلتزماً.

هل تشعر روجينا بالظلم لتأخرها فى البطولة المُطلقة؟ - روجينا: كنت دائماً ما أتلقى هذا السؤال: هل تشعرين بالظلم لأنك الوحيدة من بنات جيلك لم تحصلى على البطولة المُطلقة؟ لكنى كنت دائماً أجيب: «لسه نصيبى مجاش، كله بأوانه، كله بإذنه»، وكنت أرى أن لدى حلماً وأسعى له والموفق هو الله، وهذا هو عشمى فى ربنا، لأن موهبتى تستحق أن يكون هناك مسلسل باسمى، ولم أتخيل أن تمنحنى شخصية «فدوى» فى مسلسل «البرنس» هذه النقلة، ولا أرى أن البطولة المُطلقة تأخرت، هذا هو توقيت الله.

ما سر التعاون بين روجينا ورؤوف عبدالعزيز للعام الثالث على التوالى؟ - روجينا: هناك حالة تفاهم كبيرة، فى بداية العمل مع «رؤوف» قرأت معه الفاتحة وقلت له: «أنا مأمناك على نفسى فنياً»، وربما يكون سر هذا التفاهم لأننا من مدرسة يوسف شاهين، رحمه الله، هذا الرجل توفاه الله منذ سنوات لكنك ستجد أن كل أبنائه فى كل المجالات «متربيين»، ومن أهم الأشياء التى تجمعنى بـ«رؤوف» الثقافة الواحدة، فلن تجد أنانية ونعمل معاً لنجاح العمل فى المقام الأول، بخلاف أن «رؤوف» يمتلك أدوات مهمة كمخرج فى تطويع الممثل لكى يخرج منه أفضل أداء.

ألم تتخوفى من الانتقادات التى ستطالك لعمل ابنتك «مريم» فى التمثيل؟ - روجينا: «ماخفتش، ما يقولوا.

.

مانا مامتها فعلاً ولازم أساعدها»، ولكن ابنتىّ الاثنتين درستا سينما وتمثيلاً، فابنتى خريجة معهد السينما والأخرى خريجة الجامعة الأمريكية قسم المسرح، ووالدهما أستاذ بمعهد الفنون المسرحية ووالدتهما خريجة معهد الفنون المسرحية وممثلة وعمتهما ماجدة زكى، فطبيعى أن يكون اهتمامهما الأول بالفن، وأظن أنهما الأولى بامتهان هذه المهنة.

مصر      |      المصدر: الوطن نيوز    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.