" خفة دم" نظام العسكر

  من كان ليصدق أن نظام العسكر بعدما ملأ الدنيا صراخا وعويلا على مصادرة المغرب ثلاثا من مبانيه في الرباط، وبعدما أصدر بيان الوعد والوعيد والرد بالمثل وبأكثر من المثل، وبعد نَشْرِ أبواق إعلامه لنصوص الاتفاقيات الدولية والأعراف الديبلوماسية التي لا يحترمها المغرب ولا يعيرها اهتماما، وعلى رأسها اتفاقية جنيف، يطل علينا السيد عطاف، وزير خارجية الجزائر، بثغره المبتسم وجبهته العريضة التي يتسع عرضها لنزول مكُّوك من الفضاء، ليبشرنا بأن "دولته" رأت بأن القرار الذي اتخذه المغرب في الموضوع قرار لائق وانتهى الكلام.

يا لخفة ظل نظام العسكر، ويا لقوة مرحه وشدة مزاحه اللتان فاقتا كل معقول حتى عجز اللسان عن وصفهما بل وحتى توقعهما؛ فكل تلك الجعجعة والصخب ودق طبول الحرب؛ لم تكن سوى كاميرا خفية نصبها نظام الكابرانات النزق للمملكة المغربية الشريفة.

على الرغم من أن دولة العسكر قتلت من شعبها مئات الآلاف في العشرية السوداء، وشردت مئات آلاف المغاربة في المسيرة السوداء؛ وعلى الرغم من أنها تزرع الفُرقة في ليبيا، وتدعم الانفصاليين في مالي، وتمول الإرهابيين في النيجر؛ إلا أنها لم تفقد حس الفكاهة ونكهة المزاح والطرافة؛ مما يستوجب تغيير بعض فصول اتفاقية جنيف في المجال الديبلوماسي بما يتوافق مع إبداعات العسكر الأخيرة.

الله تعالى وحده يعلم قَدْر الضَّيق الذي كنا سنعيش في كنفه، وحجْم العسر والملل اللذان كانا سيملآن حياتنا لو لم يكن بجانبنا هذا الجار المرح، ورئيسه الأشد مرحا، واللذان يصنعان لنا، كل يوم، أسباب الفرجة ومشاهد المتعة والإثارة؛ صحيح أن الأمر قد يكلفه أحيانا مليارات من الدولارات؛ لكنه ثمن معقول لإسعاد شعب مسلم ومسالم كالشعب المغربي الأصيل.

قبل الأمس فقط، خرج علينا المهرج "تبون" في حملته الانتخابية السابقة لأوانها؛ ليبشر الجزائريين بأنه سيخصص ألف كيلومتر مربع من صحراء أدرار لإنتاج الحليب، وهو ما يقارب ضعف مساحة البحرين؛ طبعا لا علاقة للأمر بإنتاج الحليب؛ إنما بإنتاج الكوميديا التي تسعد الشعوب؛ تماما مثل إنتاج مليار و300 مليون متر مكعب يوميا من تحلية ماء البحر؛ لكن أكبر مسرحية هزلية قام بإخراجها نظام العسكر مسرحية الشعب الصحراوي "الفنكوشي"، والتي تعتبر أضخم كاميرا خفية عرفها تاريخ السينما منذ نشأتها، يكفي أنها دامت ستة عقود، وصُرف عليها أكثر من 500 مليار دولار.

 

المغرب      |      المصدر: اخبارنا المغربية    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.